تستهدف إفشال أهداف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا
تبني مقاربة عسكرية جديدة تقوم على 4 محاور رئيسية
العمل على إقرار آليات جديدة لمساعدة أوكرانيا عسكرياً
تدخل العلاقة بين روسيا، وحلف شمال الأطلنطي «الناتو» مرحلة جديدة ومختلفة تماماً عن العقود الماضية، عندما يترأس الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس، بمشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قمة الحلف الطارئة التي تجمع 30 من قادة دول الحلف، يمثلون دول الحلف الذي تأسس عام 1949. وتهدف القمة بوضوح إلى إفشال الأهداف الاستراتيجية، للعملية العسكرية الروسية التي بدأت في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، بعد أن استعاد الحلف الكثير من القوة و الزخم بإرسال 22 دولة حتى الآن من أعضائه، مساعدات عسكرية لأوكرانيا، عبر نحو 1500 كم هي طول الحدود الأوكرانية مع دول الجناح الشرقي للناتو، وفق صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
رسم الخطوات الجديدة
وسوف يعمل الحلف على رسم الخطوات العملية لاستراتيجية أمنية وعسكرية جديدة في أوروبا، تقوم على مزيد من الإنفاق العسكري، بما يتجاوز 2 % من الناتج القومي لدول الحلف، كما اتفقت الدول الأعضاء في قمة ويلز عام 2014. لكن هذه الرؤية الاستراتيجية الجديدة التي اتفق عليها وزراء دفاع الحلف، الأسبوع الماضي، تقوم على منهجية جديدة أساسها أن التضامن الجماعي وهزيمة روسيا في أوكرانيا وإنفاق المزيد من الأموال على تصنيع وشراء السلاح، هو السبيل الوحيد لمنع قيام حرب عالمية ثالثة، تبدأ من أوروبا.فما هي المحاور التي سوف يعمل عليها حلف الناتو في الاجتماع الثاني لقيادته برئاسة الرئيس بايدن، الذي ترأس الاجتماع العادي الأول للحلف في 15 يونيو 2021؟ وهل سيقطع الحلف كل خطوط العلاقة مع روسيا ويحولها من دولة جارة إلى خصم لدود كما تدعو بولندا؟
إقرأ أيضاً..«عقبة الضمانات».. أوكرانيا تستعد لحسم المفاوضات مع روسيا
4 محاور
يستعد حلف الناتو لتحقيق نقلة نوعية في المواجهة مع روسيا من خلال تبني مقاربة عسكرية جديدة تقوم على 4 محاور رئيسية هي: الأول: تعميق الألم لروسيا من خلال تطوير الأدوات التي أتخذها الحلف ضد موسكو منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وساهمت وفق تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» في تعطيل تقدم الجيش الروسي، بل ومنعت سقوط المدن الأوكرانية الكبيرة، ومنها كييف وخاركييف وماريوبول وأوديسا، رغم أن التوقعات السابقة للحرب، كانت تقول إن هذه المدن سوف تسقط خلال الأسبوع الأول من المعارك. ومن خلال هذا المحور، سوف يواصل الحلف إرسال صواريخ سينغر وغالفين إلى القوات الأوكرانية، التي ساهمت في إيقاع مشاكل لوجستية وقطع الطريق على القوات الروسية، عبر الاستراتيجية التي أطلق عليها البنتاغون «الطوامع»، وهي التي تقوم على استخدام المعدات العسكرية الغربية، لمنع التواصل الجغرافي على الأرض بين القوات الروسية.
الثاني: الأسلحة السوفيتية والروسية، وهو العمل على إقرار آليات جديدة لمساعدة أوكرانيا عسكرياً، والنظر في بعض الخطوات المقترحة مثل تزويد أوكرانيا بمنظومات دفاع جوية سوفيتية وروسية، مثل تلك التي لدى دول مثل سلوفاكيا، والتي تلقت بالفعل «منظومة باتريوت» الأمريكية، لتحل محل منظومة «إس 300» الروسية التي تملكها سلوفاكيا في الوقت الحالي، بحسب الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ. كما قدم الحلف من خلال الولايات المتحدة، عرضاً لتركيا لتسليم منظومتي دفاع روسية من طراز «إس - 400» إلى أوكرانيا، مقابل أن تعود تركيا لبرنامج تصنيع طائرات «إف 35» الذي حرمت منه بسبب شراء منظومة «إس - 400» من روسيا عام 2019.
إقرأ أيضاً..الصين تحول 3 جزر في البحر الجنوبي إلى قواعد عسكرية
ثالثاً: تفعيل المادة 5 من ميثاق الحلف سيبرانياً، التي تدعو لدفاع الحلف بشكل كامل وجماعي عن أي شبر من أراضي الحلف، التي يمكن أن تتعرض لعدوان من دولة خارج دول الحلف، مثل مشاركة الحلف في الرد على أحداث 11 سبتمبر 2001، بالمشاركة في غزو العراق وأفغانستان. وتفعيل هذه المادة يأتي بعد أن أعلن الرئيس بايدن، الثلاثاء، عن وجود معلومات استخباراتية متقدمة، تقول إن روسيا تستعد لهجوم سيبراني كبير، على الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، ووفق رؤية جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي، فإنه يمكن تفعيل المادة 5 من ميثاق الحلف سيبرانياً، للرد الجماعي وبشكل سيبراني على روسيا، حال تنفيذ ذلك الهجوم، ولهذا سوف تعمل الولايات المتحدة على تنفيذ الإعلان المشترك الصادر في 15 يونيو الماضي عن قمة الحلف، والذي ينص على الربط بين المادة الخامسة (حول الدفاع المشترك) وبين الهجمات السيبرانية، وفق ما أعلنه مستشار الأمن القومي الأمريكي، الذي قال «هذا ما يمكننا والدول الأخرى أن نستخدم فيه قدراتنا لمساعدة أي دولة لحماية نفسها والرد على هجوم معين.. ذلك ليس بالضرورة بالأمر ذاته مع الرد العسكري، وهذا الرد قد يكون بأشكال مختلفة، لكننا أكدنا بوضوح في وثائق الناتو، أن الأمن السيبراني هو قضية تهم الحلف، وهو القضية التي سيكون الناتو مستعداً لتوحيد الجهود المشتركة لزيادة ثباته وتعزيز دفاعاته واستخدام الأدوات المناسبة للرد في حال الضرورة».
إقرأ أيضاً..روسيا وأمريكا تتبادلان الاتهامات بشأن استخدام أسلحة كيماوية في أوكرانيا
رابعاً: الاستعداد لسيناريو الحرب الطويلة، فوفق تنبؤات البنتاغون فإن القوات الأوكرانية بدأت التحول من الدفاع إلى الهجوم، ليس فقط حول كييف، كما أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية، الثلاثاء، بل تأكيد البنتاغون أن القوات الأوكرانية تتحول للهجوم في مناطق كثيرة في الجنوب، وأنه كلما طالت الحرب دون دخول روسيا للمدن الأوكرانية الكبيرة، أو إعلان الاستسلام من القيادة السياسية الأوكرانية، سوف يتعزز نجاح استراتيجية الناتو في هذه الحرب، كما أن وصول نحو 20 ألف مقاتل أجنبي، وفق إعلان الرئيس الأوكراني، وتسجيل نحو 100 ألف حول العالم، استعدادهم للقتال في أوكرانيا، وسعي الجيش الأوكراني لتجنيد نحو 2 مليون أوكراني ضمن القوات الشعبية، كل ذلك يمكن أن يطيل الحرب لعشر سنوات، وفق تقديرات وزير الدفاع البريطاني بن ولاس
طلاق نهائي
ورغم اتخاذ روسيا قرار الحرب في أوكرانيا، لحل خلافاتها مع كييف، إلا هناك بعض الدول، خاصة فرنسا وألمانيا، لا تزال تراهن على حل الصراع سلمياً، من خلال الاتصالات بين برلين وباريس من جانب، وموسكو من جانب آخر، لكن أمام فريق الحمائم هذا هناك فريق آخر من الصقور يتكون بالأساس من دول الجناح الشرقي وبحر البلطيق وبولندا، التي اقترح رئيسها اندجي دودا، إلغاء الاتفاقية الأساسية للعلاقات والتعاون والأمن بين روسيا وحلف الناتو، ويدعو إلى أن يعلن الحلف، خلال اجتماعه الخميس، بأن هذه الاتفاقية لم تعد موجودة وغير ملزمة لحلف الناتو، ووفق الرئيس البولندي فإن دول الحلف «يجب أن تعلن بصوت عالٍ أن الاتفاقية الأساسية بين روسيا والناتو لم تعد موجودة بكل بساطة، أو ملزمة لأحد».وهذه الاتفاقية هي التي تفسرها روسيا بأنها تلزم الحلف منذ 7 مايو 1997 بعدم التوسع شرقاً، وعدم نشر قوات قتالية كبيرة على أساس دائم، على أراضي الدول الجديدة التابعة له.
إقرأ أيضاً..«5 آلاف مقاتل».. الاتحاد الأوروبي يتجه لتشكيل قوة عسكرية
لكن هناك دول ما زالت تعارض هذا المنحى، وحتى بعد الحرب في أوكرانيا، فقد سبق لوزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أن قالت إن دول الحلف تواصل الالتزام بالاتفاقية الأساسية «روسيا ـ الناتو»، وخطورة الخروج من هذه الاتفاقية أن نص الاتفاقية يقول إن روسيا والناتو يمكن أن يعملا معاً، والخروج منها كما يطالب الرئيس البولندي، ووصف روسيا بالخصم، قد يؤجج الصراع أكثر في أوروبا.
قراءة تفاصيل المشهد العسكري الأوروبي تشير إلى أن الأوضاع الأمنية تغيرت بعد الحرب الروسية الأوكرانية، كما قال جون كيربي المتحدث باسم البنتاغون، لكن العمل على عدم توسع الحرب وتمددها والبحث عن حلول سياسية وسلمية ينبغي أن يكونا جنباً إلى جنب بجوار الحلول العسكرية الكثيرة التي سوف يبحثها الحلف في قمته الجديدة.