السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

«دبلوماسية واقتصادية».. الصين أكبر الرابحين من الأزمة الأوكرانية

«دبلوماسية واقتصادية».. الصين أكبر الرابحين من الأزمة الأوكرانية

الرئيسان الصيني والروسي في بكين. (epa)

«مصائب قوم عند قوم فوائد»، تنطبق تلك الحكمة كثيراًٍ على الصين، التي ربما تكون أكبر الأطراف التي تحقق مكاسب، على خلفية الحرب الروسية- الأوكرانية، حسبما أكدت صحيفة «ساوث تشاينا مورننغ بوست» الصينية، نظراً لأن تجارة الصين مع روسيا ستشهد قفزة في النمو خلال الأزمة الأوكرانية، والعقوبات الغربية على روسيا، كما أن تلك الأزمة ستؤدي إلى تحويل أنظار العالم بعيداً عن آسيا. بالإضافة لذلك فإن الأزمة الأوكرانية تعد فرصة للصين، لدفع مبادرة الحزام والطريق، كما أنها فرصة لأن تصبح هونغ كونغ الصينية، لاعباً هاماً خلال تلبية الاحتياجات المصرفية لروسيا.

النمو الروسي

وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حقق الكثير من الانجازات خلال فترة رئاسته لروسيا، حيث نجح في انتشالها من تحت رماد الاتحاد السوفيتي المنهار، وأصبحت روسيا واحدة من دول السوق الحرة، وأصبح الاقتصاد الروسي من الاقتصاديات المزدهرة. ولفتت الصحيفة إلى أن حشد القوات الروسية على حدود أوكرانيا، ربما كان هدفه الضغط على الغرب من أجل التفاوض مع موسكو، لكن يبدو أن بوتين لم يحصل من الغرب على ما يلبي أهدافه، لذا أرسل القوات الروسية في «عملية عسكرية خاصة» كما يصفها.



تلبية الاحتياجات الصينية


واعتبرت الصحيفة أنه منذ بداية العقوبات الغربية على روسيا، فإن الصين تعد جسر العبور، الذي يُمَكِن روسيا من عبور تلك الأزمة ومشكلاتها اقتصاديا ولوجستيا. فالصين لديها الكثير لتكسبه، فبكين حصلت من روسيا على مساحات شاسعة من الأراضي لزراعتها في روسيا، وتنتج تلك الأراضي بالفعل كميات ضخمة من الغذاء لتلبية الاحتياجات الصينية، كما أن روسيا تعتبر المُصدر للعديد من المواد الخام والمعادن، التي تحصل عليها الصين، بخلاف أن الطاقة الروسية بجناحيها (الغاز والنفط)، تعد ذات أهمية كبيرة للصين، فالصادرات الروسية المهمة لموسكو، هي في حقيقة الأمر واردات شديدة الأهمية للصين. وأشارت الصحيفة إلى أن الصين أصبحت طرفاً شديد الأهمية بالنسبة للأوضاع الروسية، كما أن بكين ربما تكون هي الفائز الأكبر من الأزمة الروسية مع الغرب، بغض النظر عن الشكل النهائي لذلك الصراع.

مكاسب بكين

الصين ستكسب كثيراً مع روسيا، سواء ظلت روسيا دولة قوية وكبيرة، أو استمرت دولة معزولة، وتعاني من العقوبات الغربية. الخيار الأول وهو بقاء روسيا كدولة قوية، يعني أن موسكو ستكون في تلك الحالة، قادرة على إجراء المزيد من التبادل التجاري، وبالتالي ستنال بكين حصة كبيرة من تلك المعاملات التجارية، أما خيار معاناة روسيا واستمرارها معزولة عالمياً، فإن هذا الخيار يعد أيضاً مكسباً للصين، لأن موسكو ستعمل جاهدة على تصريف منتجاتها وصادرتها للسوق العالمي، وربما بأسعار منخفضة، وهذه ستكون فرصة للصين. وإذا نظرنا للغرب، فسنجد أنه سيغرق في التعامل مع أزمة اللاجئين القادمين من أوكرانيان بالإضافة إلى الغرق في التعامل في التهديدات الروسية على الأمن الأوروبي والأمريكي، الأمر الذي سيجعل الغرب وأمريكا منصرفين عن الاهتمام آسيا، ما سيكون أمراً مرضياً للصين.

دور هونغ كونغ

وأشارت الصحيفة إلى فرصة أخرى للصين في الأزمة الأوكرانية، تتمثل في أنه يمكن أن تصبح هونغ كونغ، التي عادت إلى أحضان الصين، لاعباً هاماً من خلال تلبية الاحتياجات المصرفية لروسيا، حتى رغم انصراف بعض الأسواق الغربية عنها واتجاهها إلى بدائل أخرى مثل سنغافورة وغيرها.وإذا كان مشهد الأزمة الأوكرانية ما زال من الصعب التنبؤ بالوضع الذي سينتهي عليه، فإن هناك فرصاً عديدة للصين من عدة نواحي؛ فهناك فرصة لبكين لأن تأخذ بزمام المبادرات الدبلوماسية، باعتبار أن لديها أوراقاً عديدة ليست بحوزة الغرب، ومنها الصداقة الصينية- الروسية.

واعتبرت الصحيفة أن الأزمة الأوكرانية، توفر فرصة لبكين في تحويل الاقتصاد العالمي إلى التركيز على مبادرة الحزام والطريق الصينية، ومن جهة أخرى، فإن الاقتصاد الروسي، الذي كان يتجه إلى الارتباط مع الغرب، سيشهد تحولا كبيرا، في الاتجاه إلى الارتباط مع الشرق، وربما سيظل ذلك الاتجاه الجديد لعقود قادمة. واختتمت الصحيفة بالتأكيد على أنه بغض النظر عن نتيجة الصراع في أوكرانيا، فإنه يعني بالنسبة للصين تغييراً جذرياً في النظام العالمي، لأن بكين تمتلك أوراقاً تجعلها من الرابحين.