السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

حوار | أمريكا تبني مختبرات بيولوجية علــــى الحدود الروسية - الأوكرانية

حوار | أمريكا تبني مختبرات بيولوجية علــــى الحدود الروسية - الأوكرانية
وضع قوة الردع النووية في حالة تأهب رسالة للأوروبيين «تحملوا العواقب»

التصعيد العسكري الروسي أحبط مخططات ضم الناتو لأوكرانيا

انتهاء الأزمة الأوكرانية يضع العالم أمام خيار سياسي متعدد الأقطاب


القيادة الأوكرانية لا تستطيع اتخاذ أي قرار دون العودة إلى الغرب وأمريكا


واشنطن تستخدم أصدقائها مثلما تستخدم أعدائها من أجل مصالحها الخاصة

روسيا أُجبرت على التدخل العسكري في أوكرانيا نتيجة استنفاد الخيارات الدبلوماسية

الجيش الروسي يقوم بعملية محددة لا يتعرض خلالها للمدنيين أو البنى التحتية

تخوفات من حشد دول أوروبية منظمات إرهابية بدعوى مقاومة روسيا


تتوجه أنظار العالم نحو أوكرانيا، في محاولة فهم مآلات النزاع الراهن، في وقت يحبس الجميع أنفاسه خشية اتساع دائرة النزاع المسلح، لاسيما في ظل التهديدات الروسية باستخدام الردع النووي، رداً على تحركات الولايات المتحدة وحلف الناتو على الحدود الروسية - الأوكرانية.

مدير مركز الحوار الروسي-العربي في سانت بطرسبورغ، دكتور مسلم شعيتو، أكد في حوار لـ «الرؤية» أن روسيا أُجبرت على التدخل العسكري بعد استنفاد كافة الخيارات الدبلوماسية على مدى 8 سنوات، منوهاً بأن حلف الناتو لم يتخل عن أوكرانيا، إنما استخدمها بدليل تصعيد الدائم في مواجهة روسيا، لافتاً إلى أن وضع قوة الردع النووية في حالة تأهب رسالة للأوروبيين، مفادها «إذا بدأوا الحرب فإنهم وحدهم من يتحملوا العواقب».



لماذا وصلت الأزمة بين أوكرانيا وروسيا إلى حد النزاع العسكري؟

الأزمة الروسية - الأوكرانية ليست وليدة اليوم، لقد بدأت منذ 8 سنوات عقب الانقلاب الدموي الذي مارسته السلطة الحالية في أوكرانيا بدعم من الولايات المتحدة، وحلف الناتو، إلى جانب اعتداءاتهم المتكررة على دونيتسك و لوغانسك، وممارسة الإبادة الجماعية بحقهما، بالإضافة إلي ممارسات تلك الدول ضد المكون الروسي في أوكرانيا ومنعه من استخدام لغته في التحدث أو التعليم، أو حتى إجراء أي معاملات باللغة الروسية، تلك السلوكيات القمعية، التي نطلق عليها «النازيين الجدد» أو «جماعة البانديرا» لم تتوقف عند هذا الحد، إذ وصل الأمر إلى إعلان الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلنسكي، عن نيته تكوين دولة نووية، تسعى نحو الانضمام إلى حلف الناتو، أعتقد أن هذا الأمر كان بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير»، ما وضع روسيا أمام خيار واحد وهو التدخل لوقف تلك الاندفاعات من قبل أوكرانيا التي باتت تهدد الأمن الروسي الاستراتيجي بشكل خاص، وكيان روسيا بشكل عام.

اغلاق الأبواب الدبلوماسية

هل تسرعت روسيا في اللجوء للخيار العسكري؟

الأمر فرض نفسه وأصبح خيارا إجباريا على روسيا، لاسيما وأن الخيارات السابقة مثل اتفاق مينسك، ولقاءات نورماندي والاتفاقيات المنبثقة عنها «رباعية نورماندي خاصة بتسوية الوضع في أوكرانيا تشكلت في صيف 2014» لم تطبق على مدى 8 سنوات، وأغلقت كافة الأبواب الدبلوماسية أمام الحل السياسي، لذا لم تجد روسيا خيارا سوى التدخل العسكري والأمني لوضع حد لتلك الاندفاعات. روسيا لم تتسرع أبداً، بل أُجبرت على الأمر، غير أن استراتيجية روسيا تختلف تماماً عما تقوم به أي دولة أخرى، إذا ما قارنا بين استراتيجية الولايات المتحدة في العراق وتدمير هذا البلد وقتل ما يزيد عن مليون فرد، وما تقوم به الدول الأوروبية داخل ليبيا، ما أفشل تلك الدول خلال العقد الماضي، وساهم في تدفق اللاجئين والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وهو ما تتفاداه روسيا، إذ أنها تقوم بعملية عسكرية محددة لا تتعرض خلالها إلى المدنيين أو البنية التحتية المدنية، بل إنها لا تتعرض حتى للسكن العسكري.

ما هي أهداف روسيا من غزو أوكرانيا؟ وهل برأيك ستنجح في تحقيق تلك الأهداف؟

الأهداف المعلنة من قبل روسيا، كما جاءت بشكل واضح على لسان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أهداف عسكرية وسياسية، تسعى إلى نزع السلاح من الجماعات المتطرفة على أن تكون لاعباً أساسياً داخل الجيش الأوكراني تلعب دورا في السلطة، بما يضمن عدم امتلاك أوكرانيا أي أسلحة استراتيجية أو نووية، وقطع الطريق أمام إقامة مختبرات بيولوجية على أراضيها التي بدأت الولايات المتحدة إنشائها بالفعل على الحدود الروسية - الأوكرانية، بالإضافة إلى الحفاظ على أمن المفاعلات النووية الموجودة في أوكرانيا والتي نلاحظ سرعة السيطرة عليها بالفعل خلال الأيام الأولى للعملية العسكرية من قبل القوات الروسية.

تحقيق الأهداف

برأيكم إلي أي مدى زمني وميداني يمكن أن يستمر الغزو؟

روسيا لم تغزو، إنما قامت بعملية عسكرية رداً على الاستفزازات التي تحدثنا عنها سابقاً، وستحقق أهدافها بالقريب العاجل، هناك بعض التخوفات من دخول منظمات إرهابية تحشدها الدول الأوروبية من أجل مقاومة روسيا، إلا أننا نراهن على أن الأمور تجري كما هو مخطط له خلال فترة زمنية قليلة، وتتحول الأمور بشكل تدريجي لصالح التواجد الروسي وبناء علاقات جيدة معه، لاسيما في ظل تخوف الشعب الأوكراني من الجماعات المتشددة المتواجدة داخل بلاده، ما يجعلهم حذرين تجاه كل تلك الأحداث.

رفض الناتو انضمام أوكرانيا يدحض المزاعم الروسية حول رغبة اوكرانيا في الالتحاق بالمعسكر الغربي.. تعقيبك على ذلك؟

لم يرفض الناتو دخول أوكرانيا، إنما كانت هناك آراء متباينة، إلا أن الأمور كانت تسير باتجاه نحو انسجام الآراء حول انضمام أوكرانيا إلي الناتو، لذا وجب التدخل الروسي قبل التوصل إلي هذا الانسجام وموافقة كل أعضاء الناتو على انضمام أوكرانيا والوصول إلى نقطة خطيرة لايمكن الرجوع عنها، لاسيما وأن انضمام أوكرانيا إلى الحلف يضمن وجود عضو ناشط على الحدود الروسية، بالإضافة إلى إمكانية نشر أسلحة نووية واستراتيجية. وروسيا كانت على ثقة من أن الناتو كان بصدد ضم أوكرانيا بالفعل مثلما ضم دول البلطيق من قبل (ليتوانيا- استونيا- لاتفيا) التي تعد صغيرة وغير مؤثرة بذاتها على روسيا، فكيف إذا ما ضمت دولة كبيرة مثل أوكرانيا، خاصرة روسيا الجغرافية، التي تعد امتداداً للشعب الروسي وتقاليده.

تعدد الأقطاب العالمية

هل بالفعل تخلي الناتو عن أوكرانيا؟

الناتو لم يتخل عن أوكرانيا، الناتو استخدم أوكرانيا، وهذا الاستخدام واضح جدا في استراتيجيته التي تعتمد على الفوضى الدائمة والتصعيد الدائم.

هل تنجح روسيا عبر غزو أوكرانيا في ضمان عدم تجرؤ أي من دول الاتحاد السوفيتي السابق طرح الدخول إلى حلف الناتو ؟

أوكرانيا لن تكون مثالا، إذ وضعت روسيا شروطها من البداية أمام حلف الناتو والولايات المتحدة بعدم انضمام أي من دول الاتحاد السوفيتي السابقة إلى حلف الناتو، أو استخدام قواعده وبنيته العسكرية التحتية ضد روسيا، وبالتالي أعتقد أن انتهاء الأزمة الأوكرانية يصاحبه تغيير كافة المعادلات العالمية، يضع العالم أمام خيار سياسي متعدد الأقطاب يتضح خلاله عدم قدرة الولايات المتحدة على التفرد بالقرارات الأمنية والسياسية والاقتصادية، بما يقضي على الدور الأمريكي العالمي الأوحد.

هل تستطيع الصين وحدها تعويض روسيا عن خسائرها الاقتصادية؟

الصين ستلعب دورا مهما في تعويض روسيا عن خسائرها جراء قطع العلاقات الاقتصادية مع الغرب، سواء في مجال تصدير الطاقة، أو تبادل السلع والعملات، بالإضافة إلى إتاحة النظم الصينية كبديل عن السويفت الغربي، غير أن تعويض الخسائر الروسية من قبل الصين لن يكون بنسبة 100%، لاسيما وأن الصين ترتبط بدورها بالأسواق العالمية لذا فإنها تتحاشى الوقوع في صدام مع تلك الأسواق، لكن الصين لديها مصلحة في وقف التمادي الغربي في سلوكه وعدوانيته، لاسيما وأن مسألة تايوان بالنسبة للصين شبيهة إلى حد كبير بمسألة أوكرانيا بالنسبة لروسيا، ما يدفعها لدعم روسيا ليس على الجانب الاقتصادي فحسب بل على الجانبين السياسي والإعلامي أيضاً.

الاستجابة للتفاوض

هل استجابة بوتين للحوار مع أوكرانيا دليل على عدم التصعيد، أم تخوف من فرض مزيد من العقوبات؟

الاستجابة للحوار قاعدة تعتمدها كل دول العالم، وروسيا لم تلجأ أبداً إلى الحروب إلا للضرورة القصوى، إذ أنها ليست صاحبة الفعل إنما رد فعل، بالإضافة إلى أن أوكرانيا تعد امتدادا روسيا في نواحي عدة، لذا من الطبيعي أن يستجيب الرئيس بوتين والقيادة السياسية إلى أي مبادرة لحل الأزمة مع أوكرانيا، لكن من وجهة نظري فإن تلك المفاوضات لن تسفر عن أي نتيجة؛ لأن القيادة الأوكرانية لا تستطيع اتخاذ أي قرار دون العودة إلى الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا، وهاتان الدولتان لا ترغبان في استقرار أي دولة في العالم وليس أوكرانيا فحسب، وأعتقد أنهما تسعيان إلى استخدام الحوار في المماطلة وكسب الوقت لإرسال عناصر إرهابية وأسلحة إلى أوكرانيا.

رسالة نووية للغرب

هل تعي دول الاتحاد السوفيتي السابق أن الاعتماد على الغرب يقودها للسيناريو الأوكراني؟

ليست دول الاتحاد السوفيتي وحدها، بل العالم أجمع بات يعرف أن الولايات المتحدة تستخدم أصدقائها كما أعدائها من أجل مصالحها الخاصة، وأكبر دليل على ذلك العقوبات الصارمة التي طبقتها الدول الأوروبية من غلق المجال الجوي لم يقابلها إغلاقات مماثلة من الجانب الأمريكي للاستفادة من السوق الروسي الهام في نقل السياحة والمسافرين على حساب الدول الأوروبية، بالإضافة إلى أنها لم تفرض عقوبات على سلع روسية، في سبيل إضعاف السوق الأوروبية لتحقيق مصالح خاصة بها، الأمر الذي بات واضحا لكل قادة العالم بداية من تخليها عن نظام الشاه في إيران وحلفائها في الشرق الأوسط عقب ثورات الربيع العربي في مصر وتونس وغيرها من البلدان، إلا أن هيمنتها تجعل الدول الأخرى ترضخ لإملاءات.

ماذا يعني وضع قوة الردع النووية الروسية في حالة تأهب؟

وضع القوات النووية في حالة تأهب جاء للرد على الإجراءات التي بدأت تتخذها دول أوروبا الشرقية بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو بنشر طائرات استراتيجية وقواعد إطلاق صواريخ، وقواعد مانعة من دفاع روسيا عن ذاتها حال تعرضت لإطلاق صواريخ، بالإضافة إلى نشر جنود من الولايات المتحدة ودول أوروبية على الحدود المباشرة لروسيا، بالتزامن مع التصعيد المالي الذي عادة يسبق الخطوة العسكرية، لذا أرادت روسيا إرسال رسالة واضحة أنها تقوم باستعداداتها الخاصة، والأهم أنها رسالة ردع مضمونها «إذا رغبتم في حرب عالمية روسيا ستبدأ الحرب من نهايتها وليس من بدايتها».

هل العالم بصدد حرب نووية؟

إذا انطلقت حرب عالمية، لن تنطلق أبداً من جانب روسيا، التي تعي معنى الحرب والدمار والخسائر والضحايا، لكن المغامرة من قبل الناتو والولايات المتحدة التي تتصور دائماً استحالة قيام حرب على أراضيها، وأنها في منأى عن ذلك، ما يدفعها إلي الدفع بالأمور نحو هذا الاتجاه، غير أن الرد الروسي عبر وضع قوة الردع النووية في حالة تأهب رسالة للأوروبيين مفادها إذا بدأوا الحرب فإنهم وحدهم من يتحملوا العواقب.