السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

الأزمة الأوكرانية.. سيناريوهات مفتوحة على جبهات المواجهة

الأزمة الأوكرانية.. سيناريوهات مفتوحة على جبهات المواجهة

خطاب بوتين إلى الأمة. (إي بي أيه)

فرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الجبهة الأوكرانية مزيداً من الغموض حول سيناريوهات الحرب المحتملة بين الاستقرار على خط الجبهة، أو إطلاق غزو شامل، وتناقضت التصريحات بين عشية وضحاها، أو بصورة أدق اجتُزئت في إحدى السياقات لتضفي الغموض المطلوب، مع الإبقاء على كافة الاحتمالات من أجل مواصلة الضغوط على المجتمع الدولي، الذي يقف في الوقت الراهن على «ساق واحدة» في ترقب للسيناريو النهائي الذي تختاره روسيا.

تأتي التصريحات المجتزءة للرئيس الروسي حينما أعطى الأمر للقوات الروسية بالتوجه لحفظ السلام داخل منطقتي لوهانسك ودونيتسك، التي يسيطر عليهما الانفصاليون في شرقي أوكرانيا، عقب الاعتراف بهما «دولتين مستقلتين»، وذهب إلى حد الاعتراف بمواثيقهما بما فيها الدستور، وشدد على ضرورة إعادة ترسيم الحدود بين المنطقتين المنفصلتين وأوكرانيا، ثم عاد ليؤكد خلال مؤتمر صحفي في وقت لاحق أن دخول قوات روسية إلى أوكرانيا يظل مرهونا بالوضع على الأرض، وذلك عقب إعطاء اتحاد البرلمان الروسي الضوء الأخضر للقوات الروسية بتنفيذ عمليات خارج الحدود، ما يعد شيك على بياض إلى بوتين حال أراد التصعيد.

لم تكن لغة بوتين تخضع للصدفة، بل إلى سياقات مخابراتية بامتياز، تضع الغرب طوال خط الأزمة في وضع رد الفعل والترقب دون التجرؤ على اتخاذ أي خطوة استباقية، وساعد تضارب الأفعال الروسية من ازدياد معدلات التساؤلات حول نية روسيا خلال الأزمة الراهنة، وهل تسعى إلى حرب شاملة بما تنطوي عليها من مخاطر استراتيجية عالمية، أم تسعى لمجرد توغل محدود لمنطقتي لوهانسك ودونيتسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا؟ لا سيما بعد أن وجه بوتين إنذاراً لحكومة كييف حملها خلاله مسؤولية سفك الدماء إذا ما أقدمت على رد فعل مقابل اعتراف روسيا الأخير باستقلال منطقتي لوهانسك ودونيتسك، بالإضافة إلى تصاعد احتمالية استخدام القوات الروسية لإخراج حكومة كييف من النطاق الإداري للمنطقتين المشار إليهما، فيما تبعث موسكو برسائل ملتبسة حول نطاق الحدود الجغرافية للمنطقتين. وتسعى للسيطرة على كامل النطاق الإداري لهما وليس مناطق سيطرة القوات الانفصالية الموالية لروسيا فحسب، ووضع كييف أمام الأمر الواقع، خاصة أن التطورات الأخيرة تضع اتفاقية مينسك - مصالحة تمت بين القوات الانفصالية شرق أوكرانيا مع كييف، مقابل حكم ذاتي ضمن هيكل فيدرالي- صوب الرفض الروسي الذي أصبح بوتين يعتبرها والعدم سواء.

الغزو الشامل

يُغذي سيناريو الغزو الشامل حشد قوات روسية ضخمة على الحدود الأوكرانية تقدر بما يقرب من 150 ألف عسكري، فيما يبدو أن ذلك الحشد لم يذهب للنزهة، خاصة بعد إجلاء الولايات المتحدة الأمريكية دبلوماسييها، الأمر الذي يعزز من فرضية الغزو الشامل، لا سيما مع استحالة حشد ذلك العدد الضخم من الجنود لمجرد مساعدة منطقتي لوهانسك ودونيتسك على الاستقلال، لا سيما مع تواجد الانفصاليين الموالين لروسيا بالفعل داخلها، وذهاب بوتين إلى اتهام أوكرانيا بالسعي نحو امتلاك قنبلة نووية، وهو السبب ذاته الذي اتخذته الولايات المتحدة ذريعة لغزو العراق في 2003، ما يزيد من احتمالية تبرير روسي للإقدام على غزو أوكرانيا بصورة شاملة.

السيناريو المعاكس

تزداد أيضاً احتمالية الإبقاء على الوضع القائم، مع فرض السيطرة على منطقتي لوهانسك ودونيتسك، دون اللجوء إلي مزيد من التصعيد، لا سيما أن الدبلوماسية الروسية نجحت بالفعل في وضع مخاوفها ضمن أولويات الغرب، وما أظهره خطاب بايدن بانتهاء الأمر عند هذا الحد وفرض بعض من العقوبات تطال خط الغاز نوردستريم2، والتي لطالما هدد الغرب بوقفه حال استخدام روسيا أي إجراء تصعيدي، ما يزيد من تلك الفرضية تصريحات بايدن في مؤتمر صحفي خلال الساعات الأولى من يوم الأربعاء أكد خلالها أن انفصال روسيا عن النظام المالي العالمي خيار استراتيجي سيئ، الأمر الذي يضع أسوأ العقوبات المتوقعة قيد التجميد طويل الأجل.