واشنطن تمتنع عن نشر أنظمة صواريخ وقوات قتالية في كييف
زيارات مكوكية لموسكو وكييف.. وباريس وأنقرة ولندن تقتحم الجهود الدبلوماسية
وثائق سريَّة تكشف تعهد الـ«ناتو» بالتراجع أمام إصرار موسكو على الضمانات
واشنطن تنشر 3000 عسكري لدعم حلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية
تسارعت وتيرة التحركات الأمريكية والغربية، بهدف امتصاص تبعات متوقعة للأزمة الروسية مع أوكرانيا من جهة، وبين موسكو وحلف الـ«ناتو» من جهة أخرى؛ وفي حين انضمت الصين إلى روسيا، مؤكدة على لسان رئيسها شي جين بينغ دعم مواقف موسكو الأمنية، ومناهضة توسع نفوذ حلف الـ«ناتو» في أوروبا، خفَّت حدة النبرة الأمريكية في التعاطي مع الأزمة، ووصلت حد القبول بمطالب موسكو الأمنية، حسب وثائق نشرتها صحيفة «إل بايس» الإسبانية.
على الخط، دخلت فرنسا وتركيا ودولاً أخرى لتهدئة الأوضاع، دون اكتراث بحشود عسكرية هائلة، أطلقتها الولايات المتحدة إلى أوروبا، وحشود مناظرة وضعتها وما زالت تنشرها روسيا على حدود أوكرانيا، ولدى حليفتها بيلاوس.
بالتزامن، يكثّف قادة دول حلف شمال الأطلسي جهودهم الدبلوماسية لنزع فتيل أزمة أوكرانيا، بعدما اتّهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب بمحاولة جر بلاده إلى الحرب بينما ترك في الوقت ذاته الباب مفتوحاً أمام إجراء مزيد من المحادثات.
ومع اعتزام واشنطن نشر 3000 عسكري لدعم قوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية، وتحديداً في بولندا، وألمانيا، ورومانيا؛ أعلن الكرملين الأربعاء أن الصين ستُعبّر عن دعمها لروسيا في مواجهة الغرب والمخاوف حول أمنها خلال حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين.
وقال كبير مستشاري الكرملين للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف إن بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ متّفقان بشأن مسألة الأمن الدولي. وأضاف في حديث مع صحفيين أنه «تم تحضير بيان مشترك حول دخول العلاقات الدولية حقبة جديدة من أجل المحادثات»، مضيفاً أن البيان سيعكس «المواقف المشتركة» لموسكو وبكين حول الأمن، بالإضافة إلى مسائل أخرى. وتابع «الصين تدعم مطالبة روسيا بضمانات أمنية».
في السياق، سلّمت الولايات المتحدة والحلف الأطلسي ردودواً خطية لموسكو على مطالبها، أكد بوتين أنه يدرسها؛ لكن صحيفة «إل بايس» الإسبانية نشرت وثائق وصفتها بـ«المسرَّبة»، تتضمن ردود واشنطن وحلف الـ«ناتو» على مطالب روسيا الأمنية؛ وأظهرت الوثائق «استعداد واشنطن لمناقشة التعهد بعدم نشر صواريخ أرضية، أو قوات قتالية في أوكرانيا، إذا وافقت روسيا على فعل الشيء نفسه».
ورغم أن الصحيفة لم تذكر كيف حصلت على المستندات، قالت وثائقها الأمريكية: «الولايات المتحدة مستعدة لمناقشة إجراءات متبادلة لدعم الشفافية والتزامات متبادلة من جانب الولايات المتحدة وروسيا بالامتناع عن نشر أنظمة صواريخ هجومية يتم إطلاقها من الأرض، وقوات دائمة بمهام قتالية في أراضي أوكرانيا».
وذكرت الوثائق أيضاً أن واشنطن وباقي أعضاء حلف الـ«ناتو» على استعداد لمناقشة إجراءات متبادلة لتجنب الحوادث الخطرة في الجو أو البحر، وطمأنة موسكو بأنه لا توجد صواريخ «توماهوك كروز» متمركزة في رومانيا أو بولندا. وامتنعت قيادة حلف الـ«ناتو» والكرملين عن التعليق على مضمون الوثائق.
في المقابل، تنفتح روسيا وأوكرانيا على جهود واتصالات دبلوماسية أخرى، إذ يتوقع وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أوكرانيا الخميس. وسيحاول أردوغان استثمار مكانة بلاده الاستراتيجية كعضو في حلف الـ«ناتو»، وعلاقته الودية مع بوتين، للمساعدة في حل الأزمة، رغم أن تركيا أثارت حفيظة موسكو ببيعها طائرات قتالية مسيَّرة لأوكرانيا. كما يتوقع أن يزور وزيرا الخارجية الفرنسي والألماني أوكرانيا الأسبوع المقبل؛ ويخطط الوزيران لزيارة الجبهة شرقاً حيث تخوض قوات كييف معارك ضد انفصاليين مدعومين من الكرملين. يأتي ذلك في الوقت الذي لفت فيه بوتين إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد يزور موسكو خلال الأيام المقبلة.
من جانبها، أجرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، أمس، اتصالاً هاتفياً بنظيرها الأوكراني دميتري كوليبا لبحث الأزمة الأوكرانية. وجرى خلال الاتصال بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافةً لتأكيد الجانبين أهمية قيام أوكرانيا بإقامة علاقات تجارية واستثمارية ودبلوماسية وأمنية أوثق مع المملكة المتحدة، وعلى نطاق أوسع مع الديمقراطيات في جميع أنحاء العالم.
أما رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، فتعهد بتقديم الدعم لأوكرانيا في مجال الأمن السيبراني، وذلك خلال زيارة لكييف. وقال روته، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، إن بلاده ترغب في تقديم المشورة المتخصصة في هذا المجال. وجاء ذلك بعد تعرض أوكرانيا في يناير الماضي لهجوم إلكتروني خطير، استهدف المواقع الإلكترونية الحكومية وهو ما ألقت فيه باللائمة على روسيا. ولم يعلق روته على احتمالية إرسال شحنات أسلحة هولندية لأوكرانيا، رغم أنه لوح سابقاً باستعداده لفعل هذا.
مع ذلك قال زيلينسكي إن أوكرانيا كانت قد سلمت هولندا العضو بالاتحاد الأوروبي قائمة بالاحتياجات العسكرية. وفي نفس الوقت، أكد على «أننا لا نفكر سوى في السلام». وأوضح أن زيارة روته تهدف إلى المساعدة في إضفاء الاستقرار على الاقتصاد الأوكراني. وجاءت زيارة رئيس وزراء هولندا إلى كييف بعد زيارتين قام بهما الثلاثاء رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، ونظيره البولندي، ماتيوش مورافيتسكي لأوكرانيا، وأظهرا خلالهما الدعم لزيلينسكي