الأربعاء - 27 نوفمبر 2024
الأربعاء - 27 نوفمبر 2024

لماذا يلعب بوتين دور «الشرطي» في الجمهوريات السوفيتية السابقة؟

لماذا يلعب بوتين دور «الشرطي» في الجمهوريات السوفيتية السابقة؟

جنود روس ضمن قوات حفظ السلام في كازاخستان. ( إيه بي أيه)

في خطاب تلفزيوني بث الجمعة، قال الرئيس الكازاخستاني، قاسم جومارت توكاييف «أشكر بشكل خاص الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لقد استجاب بسرعة كبيرة، وقبل كل شيء بطريقة ودية، لندائي». وفي اليوم السابق، كانت قد وصلت وحدة من القوات الروسية، ودول أخرى متحالفة مع موسكو، إلى كازاخستان، لدعم السلطة القائمة، بعد عدة أيام من الاحتجاجات.

تدخلات سابقة

بالنسبة إلى بوتين، فإن هذا الإنقاذ لنظام حليف على حدوده، ليس الأول من نوعه تجاه الجمهوريات السوفيتية السابقة؛ فخلال الاحتجاجات الكبرى التي هزت بيلاروسيا لعدة أشهر بين عامي 2020 و2021، أظهر الزعيم الروسي دعماً ثابتاً لنظيره البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، بعدما حصل في الانتخابات الرئاسية، التي أجريت في أغسطس 2020، على 80,23 % من الأصوات، ليتم انتخابه من جديد رئيساً للبلاد، وهو ما تبعه احتجاجات عنيفة في عشرات المدن البيلاروسية، طالبته بالتنحي عن السلطة، ما دفعه للاستنجاد وقتها بالجارة روسيا لمساعدته.

كما كانت روسيا أيضاً هي الحكم بعد الحرب التي اندلعت بين أرمينيا وأذربيجان في خريف عام 2020 في ناغورنو قره باغ، حيث نشرت ألفي جندي مسؤولين عن حفظ السلام.. فما هي أهداف بوتين من لعب دور «الشرطي» في الجمهوريات السوفيتية السابقة؟

أهداف سياسية - استراتيجية

من خلال دور (الشرطي) هذا، يريد بوتين أن «يظهر أن روسيا في قلب اللعبة، وأنها تظل الضامن لأمن دول الكتلة الشرقية السابقة، كما في أيام الاتحاد السوفيتي، ويعد إبقاء هذه البلدان ضمن مجال نفوذه هو هدفه الرئيسي من هذه التدخلات»، بحسب مؤسِّسة مركز أبحاث روسيا وأوروبا الشرقية، كارول غريمو بوتر، وفق ما نقله عنها الموقع الإخباري لمجلة «لِيكْسْبْرِيسْ» الأسبوعية الفرنسية.

ولا يعد ذلك غريباً، بحسب «لِيكْسْبْرِيسْ»، على بوتين، الذي وصف، منذ عام 2005، سقوط الاتحاد السوفيتي بأنه «أعظم كارثة جيوسياسية في القرن العشرين».

إقالة يانوكوفيتش حاضرة

وتخشى روسيا، وفق تحليل بوتر، أن يؤدي تمرد في إحدى دول نفوذها، إلى إسقاط نظام ملائم لها، إذ لا تزال حاضرة في الأذهان، ذكرى إقالة الرئيس الأوكراني، فيكتور يانوكوفيتش، الحليف القوي لبوتين في أوكرانيا، بعد حركة احتجاجية في عام 2014.

وتمثل الأزمة في كازاخستان خطراً على بوتين، لأنها يمكن أن تشكل مهداً لثورة ملونة جديدة، وإذا كانت الاحتجاجات في كازاخستان قد بدأت ضد ارتفاع سعر الغاز، فقد سارع العديد من المتظاهرين إلى المطالبة بالتخلص من النظام الحاكم، وفق ما نقلته «لِيكْسْبْرِيسْ» عن المؤرخة المتخصصة في روسيا وفضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي، جاليا أكرمان.

أهداف اقتصادية

ويسعى بوتين من خلال لعب دور «الشرطي» في الجمهوريات السوفيتية السابقة إلى تحقيق أهداف اقتصادية؛ إذ بعدما قدم المساعدة للرئيس البيلاروسي، لوكاشينكو، ضد الاحتجاجات ضده، وقع الزعيمان بعدها، في سبتمبر الماضي، اتفاقية لتعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين، بحسب «لِيكْسْبْرِيسْ».

أهداف سيادية ودبلوماسية

وبناء عليه، فإن المساعدة التي قدمها سيد الكرملين لنظيره الكازاخستاني بعيدة كل البعد عن كونها نزيهة، بحسب موقع «لِيكْسْبْرِيسْ»، الذي بين أن ذلك يتضح من قائمة المطالب التي وضعت على تويتر الأربعاء من قِبل رئيسة تحرير «روسيا اليوم» (صوت النظام الحاكم في روسيا)، مارجريتا سيمونيان، مقابل التدخل الروسي، إذ قالت «يجب علينا بالتأكيد المساعدة، ولكن يجب علينا أيضاً وضع شروط معينة».

وطالبت، من بين أمور أخرى، بـ«الاعتراف بشبه جزيرة القرم، وبالروسية كلغة رسمية ثانية، وصيد المنظمات غير الحكومية المعادية لروسيا».

وإذا سمح التدخل الروسي لرئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، بالاحتفاظ بسلطته، فمن الواضح أن الروس سيطلبون منه تنازلات؛ يمكن أن تكون في صورة اندماج أكبر بين البلدين، أو على الأقل لفتات دبلوماسية، وفق أفادة أكرمان.