في قمة الديمقراطية التي عقدت افتراضياً مؤخراً، تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن وفريقه بإحياء الحوكمة الديمقراطية في الداخل، ودعا إلى تضامن ديمقراطي لمقاومة ما وصفها بـ«السلطوية الزاحفة في الخارج».
وأعلن بايدن في القمة أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب من «يسمحون لشعوبهم بالتنفس بحرية ولا يخنقون شعبهم بقبضة من حديد».
وقد تعهد بايدن في اليوم الأول من القمة بتقديم مبلغ 424 مليون دولار لدعم حرية الصحافة والانتخابات الحرة وحملات مكافحة الفساد.
غير أن كل محاولاته لإعادة تأكيد دور الولايات المتحدة كمرجع ديمقراطي واجهت انتقادات شديدة.
ومع ذلك تقول ميشيل جافين، الزميلة البارزة في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي لدراسات أفريقيا إنه حتى في وسط كل التعجب المفهوم إزاء قائمة المدعوين للمشاركة في القمة، واجهت الإدارة أوجه النقص في الولايات المتحدة بأمانة وتواضع، وأعلنت عن إجراءات مهمة جديدة ضد الفساد، ودشنت مبادرة لتجديد الديمقراطية لتأكيد أن دعم واشنطن للحقوق المدنية والسياسية في الخارج أكثر صلابة وليس مجرد كلمات تشجيع.
وأضافت جيفين، التي عملت من قبل سفيرة للولايات المتحدة في بوتسوانا في تقرير نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية أنه في الوقت الذي يسعى فيه المواطنون لتحريك حكوماتهم في اتجاه أكثر ديمقراطية في أفريقيا، لا يتصور النشطاء على الأرض الولايات المتحدة كحليف حاسم.
وتقول جيفين إن الولايات المتحدة تهاونت بشكل غريب إزاء الانقسام المتزايد بين الحاكمين والمحكومين في الصومال. وقوضت القيادة الحالية في البلاد عملية سياسية بطيئة تهدف إلى إقامة أعراف ومساءلة بالنسبة للحكم - ما أدى إلى مخاوف مبررة، وقد تكون مدمرة إزاء سلامة هذه العملية، وذلك بالرغم من أن مثل تلك العملية لن تؤدي في أفضل الظروف في القريب العاجل إلى نوع من الحكم يعترف معظم المراقبين بأنه ديمقراطي تماماً.
وإذا كانت الولايات المتحدة تعمل من وراء الكواليس لدرء التلاعب واستعادة تفاهم مشترك لقواعد اللعبة، فإنه سيكون من الحكمة جعل ذلك أمراً واضحاً بالنسبة للشعب الصومالي، ولغيرهم في المنطقة ممن يحاولون تقييم ما إذا كانت واشنطن تعني بالفعل ما تقوله.
وأوضحت جيفين أن التساؤلات حول مدى جدية الولايات المتحدة في دعم الحكم الديمقراطي لا تدور فقط حول منطقة القرن الأفريقي.
ففي تشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية، أيدت الولايات المتحدة انتقال السلطة في ظل قانونية دستورية وشرعية ديمقراطية مشكوك فيها. وبطبيعة الحال، يتعين على صناع السياسات مواجهة خيارات صعبة، والموازنة بين مصالح متنافسة، والاعتراف بحدود نفوذ الولايات المتحدة، ومراعاة الحقائق على الأرض.
وخلال جولة في ثلاث دول أفريقية قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الشهر الماضي، دعا الأفارقة إلى البقاء متيقظين أمام التهديدات المتزايدة للديمقراطية، إضافة إلى تنامي أزمات حادة مثل انعدام الاستقرار والصراعات وتدهور الأوضاع الصحية بسبب جائحة كورونا، إلى جانب ملفات الهجرة غير الشرعية والتهديدات الإرهابية.
وأثناء زيارته لكينيا، إحدى الدول التي تم دعوتها للمشاركة في قمة الديمقراطية، قال بلينكن في لقاء مع قادة من المجتمع المدني الكيني: «شهدنا خلال العقد الماضي ما يسميه البعض ركوداً ديمقراطياً.. وحتى الديمقراطيات الديناميكية مثل كينيا تتعرض لضغوط خصوصاً في وقت الانتخابات».
وطلب بلينكن من قادة المجتمع المدني أفكاراً حول طريقة منع «أطراف مسيئة» من تهديد المؤسسات الديمقراطية.
واختتمت جيفين تقريرها بالقول إنه لو أرادت الولايات المتحدة تأكيد قيادتها العالمية في إحياء الحوكمة الديمقراطية، وتشجيع المخاطرة التي غالباً ما تكون مطلوبة لتحريك المجتمع نحو قدر أكبر من المساءلة واحترام حكم القانون، فسوف يتعين على صناع القرار مواجهة تشكك الإصلاحيين الذين يشككون في صدق واشنطن والتزامها.