عام صعب آخر لأسواق عيد الميلاد في ألمانيا، فبعد إلغائها تماماً العام الماضي وسط الإغلاق الكلي الذي شهدته البلاد لأول مرة في تاريخها، بسبب تفشي فيروس كورونا، فإن هذا العام، ليس مختلفاً بصورة كبيرة.
تأثيرات الجائحة
فقد عادت أرقام الإصابات لتتزايد، وبعد أن بدأ الباعة والعارضون في نصب الأكشاك الخشبية التي تشتهر بها أسواق عيد الميلاد والكريسماس في ألمانيا، أعلنت بعض الولايات الألمانية شروطاً مشددة لدخولها وأخرى تم إلغائها بعد افتتاحها بالفعل مثلما حدث في ولاية بايرن.
وتحدث تقرير لصحيفة «فرانكفورتر الغماينه تسيتونغ» بأن مخاوف الإغلاق ونتائجها الاقتصادية، تسيطر بقوة على الأسواق.
وقالت بائعة المكسرات واللوز بنكهات مختلفة بأحد الأكشاك في مدينة أوفنباخ، مونيكا إيزيرلوه «هذا الموسم صعب بصورة كبيرة، لأنه لا أحد يعرف كيف ستصبح الأمور غداً، وبرغم ما يحدث، إلا أنها لا تزال متفائلة، طالما يتم تطبيق الإجراءات الاحترازية الصارمة، مثل ارتداء الكمامات، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وتطبيق قاعدة «جي 2» أي الدخول للملقحين والمتعافين فقط، مع دخول الأطفال تحت 12 عاماً باختبار سلبي لكوفيد-19.
وأضافت «أتمنى أن يبقى الحال على هذا النحو حتى نهاية ديسمبر، لأني لا أريد حتى أن أتخيل ما سيحدث عندما نضطر إلى الإغلاق، فستكون صناعتنا انهارت».
وكانت أسواق عيد الميلاد في جميع أنحاء ولاية هيسن، قد افتتحت من يوم الاثنين الماضي، مثل العديد من الولايات الألمانية الأخرى.
اضطراب كبير
وأشار التقرير إلى حالة الاضطراب الكبيرة التي يعيشها البائعون والعارضون بهذه الأسواق، وخوفهم من خسارة موسم آخر، ففي برلين، على سبيل المثال، تم إلغاء سوق الكريسماس أمام قصر شارلوتنبورغ، على الرغم من التأكيدات السياسية بأن ذلك لن يحدث.
وتعتبر أسواق الكريسماس في ألمانيا عاملاً اقتصادياً هائلاً للتجارة؛ ففي عام 2019 تم عقد أكثر من 3 آلاف سوق لعيد الميلاد، بأكثر من 160 مليون زائر وحجم مبيعات بلغ 2.9 مليار يورو.
مشاكل العارضين
ويقول رئيس جمعية العارضين الألمان ألبرت ريتر «منذ عام 2020، تم منعنا عملياً من ممارسة المهنة، وتسبب وباء كورونا في كارثة بكل المقاييس»، كما انتقد الجدل الحالي حول عمليات الإغلاق، محذراً من أن العديد من رجال العرض وأصحاب الأكشاك قاموا باستثمارات ضخمة لإقامة الأسواق هذا العام.
وأضاف «لقد استنفد الكثيرون احتياطات معاشاتهم التقاعدية، ووثائق التأمين على الحياة، وجمعوا الأموال معاً وبذلوا كل ما في وسعهم لضمان أن موسم عيد الميلاد العادي يمكن أن يحدث هذا العام».
وتابع «هناك حالة رعب، حيث لا يمكن إلغاء الموظفين أو رسوم أماكن الأكشاك أو عقود توصيل خدمات الطعام مرة أخرى، وهناك العديد من البائعين يشعرون بخيبة أمل من القادة السياسيين، لأنه قيل في الصيف الماضي إن أسواق عيد الميلاد ستقام، وخاصة أنها في الهواء الطلق، حيث تقل مخاطر الإصابة بالعدوى».
مساعدات حكومية
من جهة أخرى، أكد رئيس جمعية العارضين بولاية سكسونيا كلاوس إلين أنها أيام عصيبة يمتزج فيها الأمل والخوف معاً، حيث ينصب العارضون ألعاب الأطفال التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من أسواق أعياد الميلاد، بعد أن ظلت في المستودعات لعامين، والآن الحديث حول محاولات الحكومة إقناع البلديات بإلغاء الأسواق.
وأضاف «العديد من العارضين والبائعين تلقوا مساعدات حكومية، بعد الفشل التام في العام الماضي، ومع ذلك، كان على الجميع أن يخرجوا بالاحتياطي ويوظفوا كل مدخراتهم في العمل».
وأضاف «نحن لا ننكر الوباء، لقد تم تطعيمنا جميعاً»، كما أنه لا يريد أن يساء فهمه وبالتأكيد لا يريد أن يكون في مكان السياسيين الذين يتعين عليهم الآن اتخاذ القرار، ولكنه يطالب فقط بالقليل من الثقة فيهم.
كما أن جمعية التجارة الألمانية متشائمة بشأن الوضع الحالي، خاصة أنها تعتبر أسواق عيد الميلاد عاملاً مهماً في جذب العملاء إلى المناطق الداخلية مثلها مثل مراكز المدن، وبالتالي فإذا فشل الأمر مرة أخرى، فسيعني ذلك ضربة قوية لتجارة التجزئة المحطمة بالفعل داخل المدن الصغيرة، وخاصة أنه في مدن مثل دوسلدورف وكولونيا، في ولاية شمال الراين فستفاليا، يأتي العديد من الزوار من دول مجاورة مثل هولندا.
مناخ مختلف
بينما تحدثت صحيفة «دي فيلت» الألمانية عن مناخ مختلف حتى للزائرين لأسواق أعياد الميلاد، فقد غيرت الجائحة كل شيء، ولم يعد حتى الاستمتاع بهذه الأسواق المضيئة مثلما في الماضي وما تقدمه من أطعمة مثل «الرايبه كوخن» أو عجة البطاطس والحلويات مثل الألواز بنكهاتها المختلفة، والمشروبات الدافئة للكبار والصغار، والتي لا تظهر سوى مرة في العام، كتقاليد هذه الأعياد.
وأرجعت ذلك للطوابير الطويلة من قوات الأمن لفحص شهادات التطعيم، والتعافي مع بطاقات الهوية، وأن هناك من فضلوا عدم الذهاب للأسواق بسبب الإجراءات المعقدة، ما يؤكد أنه حتى الأرباح والمبيعات من أسواق هذا العام، ستتراجع بنسبة كبيرة، قد تصل إلى 70 % مقارنة بأعوام ما قبل كورونا.