بقدم مكسورة، يرتفع كرسي عملاق أمام واجهة مقر منظمة الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، مشكلاً وجهة سياحية لا تحلو زيارات الكثيرين لعاصمة «الدبلوماسية» في أوروبا دون المرور بها والتقاط صور تذكارية أمام الكرسي وخصوصاً تحت قدمه المكسورة.
يطلق السويسريون على جنيف ألقاباً كثيرة، تظهر إعجابهم بدورها الحيوي في الدبلوماسية الدولية، على غرار «أكبر مركز متعدد الأطراف في العالم»، «عاصمة السلام»، «أهم مركز للحوكمة العالمية»، و«مركز المؤتمرات العالمي».
ويؤكد لـ«الرؤية» الدبلوماسي السويسري المسؤول في بعثة سويسرا الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف فريديريك بالينيغر أن جنيف تحتضن نحو 30 ألف دبلوماسي يتوزعون على مقار سفارات ووكالات أممية ودولية كبرى.
ويعد تمثال الكرسي المكسور أحد أبرز معالم «جنيف الدولية» حيث تقع مقار 36 منظمة دولية، و700 منظمة غير حكومية، و197 بعثة دبلوماسية.
وتم تصميم التمثال الضخم بناءً على طلب منظمة هانديكاب إنترناشيونال غير الحكومية، حيث صممه عام 1997 النحات الشهير دانيال بيرسيه، مستخدماً 5.5 طن من الخشب بعلو 12 متراً.
وجرى وضع التمثال وسط «جنيف الدولية» كرمز فني للتضامن مع ضحايا الألغام، وتوجيه رسالة سلام وتسامح من أجل الحد من النزاعات والحروب حول العالم.
ويشير فريديريك بالينيغر إلى أن «الكرسي المكسور» يعكس رسالة سويسرا التي تحرص دائماً على تقديمها من أجل عالم أكثر سلاماً وبعداً عن الصراعات الدامية.
ويلفت الدبلوماسي السويسري في حديثه مع «الرؤية» إلى استضافة جنيف للقاء التاريخي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في فيلا «لا جرانج» الفخمة بحديقة تطل على بحيرة جنيف يونيو الماضي.
ويعود دور جنيف كمُستضيفة لسفارات ومؤسسات الدبلوماسية العالمية إلى تأسيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عام 1863، وفي وقت لاحق، أدى حياد سويسرا وتقاليدها الإنسانية إلى أن تكون خياراً بديهياً لاحتضان عُصبة الأمم، سلف الأمم المتحدة، ومنظمة العمل الدولية، التي شكّل وصولها إلى المدينة الواقعة على ضفاف بُحيرة ليمان في عام 1919 بمثابة شهادة ميلاد «جنيف الدولية»، وفق موقع «سويس إنفو».
وحسب وزارة الخارجية السويسرية فإنه وعلى الرغم من صغر حجم سويسرا نسبياً، (بمساحة 41 ألف كلم مربع، وعدد سكان يقارب 9 ملايين نسمة)، فإن الكونفدرالية قادرة بفضل جنيف الدولية على اللعب في ساحة الكبار على المستوى الدولي.
ومن أجل المحافظة على دورها الدبلوماسي العالمي، تقوم سويسرا حالياً، بوصفها دولة مُضيفة باستثمار نحو 123 مليون دولار ضمن خطة وافق عليها البرلمان السويسري تحت عنوان استراتيجية الأعوام 2020-2023، كذلك تعمل البلاد على استثمار أكثر من 2.5 مليار فرنك على مدى السنوات العشر القادمة في مشاريع التجديد الكبرى والمباني الجديد وتسهيل التنقل والحركة بين الأحياء الدولية من المدينة العريقة.
والجزء الأكبر من هذا التمويل سينفق على تجديد المبنى التاريخي لقصر الأمم المتحدة المقابل للكرسي المكسور، كما يتم تشييد مبنى جديد في مجمّع المنظمة الدولية يكفي لاستضافة 700 موظّف.