مثلما مهد خطاب الرئيس الأسبق، باراك أوباما، في مؤتمر الحزب الديمقراطي عام 2004، طريقه إلى البيت الأبيض، والذي تحدث فيه عن معاناة الطفولة وقصة صعوده، يظهر نجم جديد ملون ومفوه في عالم السياسية الأمريكية وتحديداً داخل الحزب الجمهوري.
إنه عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، تيم سكوت، الذي استخدم نفس طريقة أوباما في الخطابة والتأثير، والذي حصل الأسبوع الماضي على فرصة لتقديم نفسه على نطاق أوسع على مستوى أمريكا، بعد اختيار الجمهوريين له للرد أمام الكونغرس، على خطاب الرئيس جو بايدن، بمناسبة مرور 100 يوم على توليه الرئاسة.
اسم سكوت (55 عاماً)، يتردد الآن بقوة في الشارع الأمريكي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام، كواجهة جديدة للحزب الجمهوري، وكمرشح محتمل لانتخابات الرئاسة المقبلة، خاصة أنه يتمتع بدعم القوى اليمينية، حيث دعمه سابقاً حزب الشاي أثناء ترشحه لعضوية مجلس النواب، كما أنه محافظ ومتدين، وبالإضافة إلى ذلك فهو من ذوي البشرة السمراء، ما يعني أنه يمثل جانب الأقليات في الحزب، وهو جانب لم يظهر من قبل في مرشحهم للرئاسة.
طفولة صعبة
عاش سكوت طفولة صعبة، حيث انفصل والداه وهو في السابعة من عمره، وانتقل مع أمه وأخيه من ميشيغان إلى كارولينا الجنوبية للعيش مع أجداده، وتشاركوا هم الثلاثة نفس الغرفة، وعملت والدته لساعات طويلة يومياً لتنفق عليه وعلى إخوته، وخلال بضعة عقود أصبح عضواً بمجلس الشيوخ الأمريكي في البداية بالتعيين عام 2013، حيث عينته نيكي هيلي، حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية، ممثلاً عن الحزب الجمهوري، ثم فاز بالانتخاب فيما بعد، ليكون أول أمريكي من أصل أفريقي يتم انتخابه بمجلس الشيوخ في ولاية جنوبية منذ نهاية القرن الـ19، وهو الآن العضو الجمهوري الوحيد من أصول أفريقية بالمجلس.
يمثل تيم سكوت، الحلم الأمريكي في أبسط صوره، شخص فقير من الأمريكيين الأفارقة، تعاني أمه من أجل تربيته، يصر على استكمال تعليمه الجامعي، يؤسس شركته الخاصة، ويرتقي في السلم الاجتماعي ليصل إلى عضوية الكونغرس.
رحلة المعاناة
يستحضر تيم سكوت بشكل دائم -مثله مثل عشرات السياسيين الأمريكيين- رحلة معاناته، حيث يحكي عبر موقعه الإلكتروني، وفي خطاباته أيضاً، تفاصيل رحلته؛ بعد رسوبه في عامه الأول بالمدرسة الثانوية، إلا أن دعم والدته، أعاده إلى المسار الصحيح حتى تخرج من جامعة تشارلستون الجنوبية، وفي النهاية بنى شركته الصغيرة الناجحة.
كان أول ظهور ملفت لسكوت على المستوى القومي في ديسمبر 2017، بجوار الرئيس السابق دونالد ترامب، ورئيس مجلس النواب السابق، بول رايان، بعد الدور الذي لعبه في كتابة خطة ضرائب الحزب الجمهوري، وعمله مع الديمقراطيين على تمرير القانون، كما لفت الأنظار بشدة عقب خطابه في اليوم الأول للمؤتمر الوطني الجمهوري العام الماضي، داعماً لترامب في السباق الانتخابي.
صحيفة «بوليتكو» وصفت سكوت في 2018 بأنه ليس مجرد جمهوري أمريكي من أصل أفريقي في فترة عامة من التاريخ، بل إنه أقوى وأبرز مسؤول من ذوي البشرة السمراء منتخب في أمريكا، وأنه جاء في وقت يتصاعد فيه التوتر العنصري.
الرد على بايدن
ونظراً لقدراته ومهارته، اختاره الحزب الجمهوري ليرد على خطاب الرئيس جو بايدن بعد 100 يوم على توليه الرئاسة. وقال سكوت إن خطة بايدن المقترحة «ستقلل متوسط الرواتب في الولايات المتحدة»، معرباً عن رفضه التام لها ووصفها «بأنها تبذير حكومي».
واقترح بايدن في خطابه عدة خطط منها خطة التوظيف وخطة دعم العائلات. وقال إنه سيوفر الموارد المالية لهاتين الخطتين عبر زيادة الضرائب على الشركات والأثرياء داخل الولايات المتحدة.
لاقت كلمات سكوت استحساناً كبيراً، ووصف موقع، إن بي آر، رده على بايدن، بأنه عودة إلى حجة الجمهوريين التقليدية التي كانت أقل بروزاً خلال سنوات ترامب، بأن الحكومة الفيدرالية يجب ألا تفرض إرادتها على الأفراد أو على الولايات عندما يتعلق الأمر بقضايا مثل حقوق التصويت والإنفاق على التعليم، وغيرها من القضايا.
سياسات واضحة
ومنذ انتخابه عام 2013 كان سكوت محافظًا بشدة، وعارض معظم سياسات إدارة الرئيس باراك أوباما، كما يعارض حقوق الإجهاض وزواج المثليين، وفي فترة الرئيس السابق ترامب أيد قرار الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وصوت لإلغاء أوباما كير، كما صوت ضد عزل ترامب في المرتين عام 2020، وعقب اقتحام الكونغرس، أكد أنه لا يلوم ترامب على الاقتحام، كما أنه لا يعتبر ترامب عنصرياً.
لكنه في الوقت نفسه انتقد ترامب لعدم إدانة العنف العنصري في عام 2017، الذي قادته حركة اليمين البديل والتي طالبت بطردِ الأقلّيّات من الولايات المتحدة، وقال سكوت إن ترامب كان مسيئاً عنصرياً عندما طالب مجموعة من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين بالعودة إلى بلدانهم الأصلية.
وعندما سئل سكوت عن نيته للترشح للرئاسة 2024، رد بأنه يركز على إعادة انتخابه العام المقبل بمجلس الشيوخ.
وكان ترامب أعلن مؤخراً دعمه لسكوت لإعادة انتخابه، ووصفه بأنه سيناتور بارز، وشخص يعمل بلا كلل من أجل ولايته، والولايات المتحدة الأمريكية.