الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

الحضور بقوة الشرطة.. هل يلجأ الديمقراطيون لهذه الخطوة ضد الجمهوريين بـ«الشيوخ»؟

الحضور بقوة الشرطة.. هل يلجأ الديمقراطيون لهذه الخطوة ضد الجمهوريين بـ«الشيوخ»؟

عناصر من شرطة الكابيتول خارج المبنى.(أ ف ب)

إذا كنت شاهدت مسلسل "house of cards"، ورأيت الشرطة وهي تجبر بعض أعضاء الكونغرس على حضور جلسات مجلس الشيوخ بالقوة الجبرية، لاستكمال النصاب القانوني، فإن هذا السيناريو قد يحدث بالفعل خلال الأشهر المقبلة، حال تنفيذ الديمقراطيين خطتهم بتعديل قواعد المجلس.

ويسعى الديمقراطيون لاعتماد تعديل ينص على تمرير القوانين بـ(50 % +1) بدلاً من 60 صوتاً داخل مجلس الشيوخ، وفي ظل تهديد الجمهوريين بالامتناع عن الحضور، وعدم إكمال النصاب القانوني، فقد يقدم الديمقراطيون على اللجوء للشرطة لإجبار أعضاء مجلس الشيوخ المتغيبين، على حضور الجلسات بالقوة.

خطة الجمهوريين للتعطيل

وهدد الجمهوريون على لسان ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية بالمجلس، بأنهم سيمتنعون عن حضور الجلسات نهائياً، لمنع اكتمال النصاب القانوني المحدد بـ51 صوتاً طبقاً للدستور، وحاول ماكونيل تذكير الديمقراطيين بذلك في كلمته خلال شهر مارس الماضي، التي هدد فيها أيضاً، بأنه سيتم محو أي سياسات ليبرالية في المستقبل وفرض الأجندة المحافظة بالكامل.

وفي حالة تعديل القواعد بالفعل، وتنفيذ الجمهوريين تهديدهم بالامتناع عن حضور الجلسات، لمنع اكتمال النصاب القانوني، فإن الحل الوحيد بالنسبة للديمقراطيين لتجنب تعطيل أجندتهم، هو اللجوء إلى الخيار النادر التنفيذ، باستخدام القوة الجبرية لإحضار عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، لإكمال النصاب.

تركيبة مجلس الشيوخ

ويتقاسم الجمهوريون والديمقراطيون مقاعد مجلس الشيوخ تقريباً، بـ50 صوتاً للجمهوريين و48 للديمقراطيين، ومقعدين للمستقلين، مع صوت حاسم لنائب الرئيس كامالا هاريس، حال تساوي الأصوات، ولكن تمرير معظم القوانين يستلزم 60 صوتاً، ما دفع الرئيس جو بايدن والديمقراطيين، لإعلان أنهم يدعمون إلغاء ما يطلق عليه «التعطيل» الذي يسمح لعضو واحد، بأن يقدم اعتراضاً برفع نسبة الموافقة إلى 60 صوتاً بدلاً من (50 % + 1)، لكن في حالة عدم الاعتراض يتم تمريرها بنسبة (50 % + 1).

موقف الديمقراطيين

وانضمت نائبة الرئيس الأسبق والقيادية الديمقراطية هيلاري كلينتون للأصوات الديمقراطية التي تطالب بإلغاء التعطيل، لكن هناك خلافات داخل أعضاء الحزب بمجلس الشيوخ حول ذلك، حيث يرفض جون مانشين العضو الديمقراطي عن ولاية فيرجينيا الغربية الموافقة على الإلغاء.

ولم يطرح الديمقراطيون علناً فكرة استخدام القوة الجبرية، إلا أن مجلة نيوزويك أشارت على لسان مات كلينك المعلق الاستراتيجي الجمهوري، تعقيباً على إمكانية تعقب الجمهوريين وإحضارهم إلى مجلس الشيوخ لإتمام النصاب القانوني، بقوله: «عدم الحضور سيكون في الغالب رمزياً، لكنه قد يضعنا أمام وضع طبيعي جديد بالمجلس حيث يتطلب كلُّ إجراء تصويتاً للوصول إلى النصاب».

ومن جانبه قال المحلل السياسي الأمريكي، نبيل ميخائيل «إلغاء «التعطيل» ليس في صالح الديمقراطيين، وليس في صالح بايدن، فمن المحتمل خسارتهم الانتخابات المقبلة، وبالتالي ربما ينقلب الأمر عليهم».

خيار دستوري

وكان واضعو الدستور يخشون أن يعطل أو يقيد أعضاء المجلس الحكومة، بمجرد عدم حضور الجلسات التشريعية، وعدم إكمال النصاب القانوني، ما يعني أن السلطة التشريعية لا تعمل، وبناء على ذلك، نص الدستور على أنه يمكن لكل هيئة إجبار الأعضاء الغائبين، على الحضور، بموجب العقوبات التي ينص عليها كل مجلس.

وتفترض قواعد مجلس الشيوخ أن النصاب القانوني موجود ومكتمل في جميع الأوقات، لكن حال اقتراح أحد الأعضاء عدم اكتماله، أو عدم اكتماله خلال عملية التصويت، يتم حصر الحضور، وحال عدم اكتماله، يمكن إجبار أعضاء مجلس الشيوخ على الحضور، سواء طوعاً، أو عن طريق اعتقالهم وإحضارهم إلى الجلسات بالقوة، من أجل اكتمال النصاب القانوني.

مرات تطبيق نادرة

ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الديمقراطيون الشرطة لإجبار أعضاء بمجلس الشيوخ على حضور الجلسات، حيث كان آخرها عام 1988 عندما قامت شرطة الكابيتول، بناء على تعليمات زعيم الأغلبية الديمقراطية آنذاك، بالبحث في مكاتب الأعضاء المتغيبين عن الحضور، وبالفعل أحضرت الشرطة السيناتور بوب باكوود، المتغيب عن الحضور، بعدما أبلغ عامل النظافة عن أنه متواجد بمكتبه.

وكانت مغادرة أعضاء مجلس الشيوخ في يونيو 1798 لقضاء العطلة الممتدة لنحو 5 أشهر خلال ذلك التوقيت، قد تسببت في تبني مجلس الشيوخ قانوناً، يتضمن إجبار الأعضاء على الحضور عن طريق الشرطة المخصصة، مع غرامات مالية، وتم استخدام هذه القاعدة بالفعل لإحضار عدد كافٍ في يوم الاستقلال 1798 لسن قانون التحريض على الفتنة، والذي يوصف بأنه أحد أسوأ القوانين قمعاً عبر التاريخ الأمريكي، حيث كان قانوناً قمعياً يجيز القبض على المعارضين والصحفيين.

وكان الديمقراطيون قد استخدموا هذا القانون أيضاً عام 1944، حيث أرسل زعيم الأغلبية الديمقراطية الشرطة، لإحضار عدد من الأعضاء، وتم إقناع كينيث ماكيلار من ولاية تينيسي البالغ من العمر 73 عاماً آنذاك، بالحضور للكونغرس، وعندما اقترب من مجلس الشيوخ، أدرك ماكيلار فجأة ما حدث، وأطلق النار واندفع عبر الممرات للعثور على الشخص الذي قام باستدعائه، قبل أن تتم تهدئته، حيث كان الديمقراطيون يرغبون في تمرير قانون يلغي ضريبة التصويت، التي كانت تفرض لمنع الأقليات والأمريكيين الأفارقة والفقراء من التوجه إلى اللجان، ورغم ذلك لم تنجح جهودهم.

وأضاف ميخائيل لـ«الرؤية» قائلاً «حال امتناع الجمهوريين عن حضور الجلسات، وعدم اكتمال النصاب القانوني، يمكن إجبارهم على الحضور للجلسات، لكن ذلك له خطورته على الديمقراطية، خاصة في ظل الانقسام الحاد داخل الولايات المتحدة».

لكن ميخائيل أشار إلى أن تفعيل ذلك النص، ربما لن يفيد الديمقراطيين أيضاً، فعدد الجمهوريين 50 عضواً، مقابل 48 عضواً ديمقراطياً، و2 من المستقلين يصوتون معهم في الغالب، وهما يعارضان التصويت على بعض قوانين الحزب أحياناً، كما أن هناك خلافات داخل الحزب على أجندتهم التشريعية، وبالتالي فحتى وإن نجحوا في إلغاء التعطيل، فهذا لا يعني نجاحهم في فرض أجندتهم بالكامل.