الاثنين - 25 نوفمبر 2024
الاثنين - 25 نوفمبر 2024

ماذا سيحدث لو نجحت أمريكا في إقناع العالم بمسؤولية الصين عن كورونا؟

ماذا سيحدث لو نجحت أمريكا في إقناع العالم بمسؤولية الصين عن كورونا؟

من الطبيعي أن ترفض الصين أي عقوبة دولية قد تقر بحقها إذا ثبتت إدانتها

منذ أن تفشى فيروس كورونا، مطلع يناير الماضي، وخرج من الصين لينتشر في أكثر من 150 دولة حول العالم، علت أصوات السياسيين والوزراء في العالم الذين طالبوا الصين بالتحدث بشفافية عن أصل الفيروس، والأرقام الفعلية للإصابات، والتأثر داخل الدولة التي يقطنها قرابة المليار ونصف نسمة، الأكبر في العالم من حيث عدد السكان.

ولا يخفى عن أحد، أن الفيروس بدأ بالظهور في أحد الأسواق الشعبية بووهان، عاصمة مقاطعة هوبي الصينية، وتفشى سريعاً بها، لتصبح الصين في نهاية يناير مصدر الخوف الأول من كورونا في العالم.

هذا الخوف تبدد تدريجياً مع توقف عدد الإصابات في الصين عند حاجز 80 ألف إصابة، وتصاعد عدد الإصابات في أوروبا، وتحديداً بإيطاليا، ومن ثم الولايات المتحدة في منتصف مارس.

ولم تعد الصين بعد ذلك تشكل مصدر خوف أو تهديداً يتعلق بجائحة كورونا التي أصابت أكثر من 2 مليون شخص بفترة قياسية، مقارنة بأوبئة سابقة واجهتها البشرية في عقود سابقة.

نموذجية الصين مؤقتة

منظمة الصحة العالمية وصفت تعامل الصين مع الجائحة بالنموذجي بمرحلة ما، حيث استطاعت بفترة زمنية وجيزة احتواء تفشي الفيروس داخل البلاد، وكانت قادرة على تقديم الرعاية الطبية اللازمة التي مكنتها من تسجيل أفضل نسبة تعافٍ في العالم.

ترامب وصف كورونا بـ«الفيروس الصيني» في وقت مبكر، واستمر بالتحدث عن مواجهة الصين لكورونا، منذ اليوم الأول، واختلف أسلوب الحديث بين التصريح والآخر، إذا بدا متعاطفاً أحياناً، ومعارضاً في أحيان أخرى كثيرة.

وفي منتصف أبريل، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الإدارة الأمريكية تعمل على تحديد ما إذا كان الفيروس خرج بالأساس من أحد مختبرات الصين، وقال: إن «هناك أموراً غريبة جمة تحدث وهناك تحقيقات تجرى في هذه الأيام، وسنكتشف تفاصيل ذلك».

وكانت الصين أعلنت 1290 حالة وفاة جديدة إثر فيروس كورونا المستجد أخيراً، ما دفع ترامب للتشكيك مجدداً في شفافية الصين بالتعامل مع الأزمة.

الاتهامات تتزايد

إعلان الصين عن أرقام جديدة، واستحداث تفاصيل تتعلق بكيفية تشخيص الإصابات الأولى في بداية تفشي المرض في ووهان، كان سبباً رئيسياً لتشكيك المجتمع الدولي وبعض الحكومات في شفافية الصين بالتعامل مع الأزمة.

ففي مقابلة مع «فاينانشال تايمز»، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: إن «هناك فجوات في إدارة الصين لأزمة فيروس كورونا المستجد»، وقال: «إن هناك أموراً حدثت لا يعرفها العالم».

وانضمت أستراليا إلى الدول التي تطالب الصين بالكشف عن تفاصيل دقيقة حول تفشي جائحة كورونا المستجد في العالم، إذ عبّرت وزارة الخارجية الأسترالية عن قلقها حول شفافية الصين بخصوص نشأة فيروس كورونا والطريقة التي انتشر بها للعالم.

وفي حديث لهيئة الإذاعة الأسترالية، قالت وزيرة الخارجية الأسترالية ماريس بين: «إن القلق فيما يتعلق بشفافية الصين بلغ نقطة عالية جداً، فالمشاكل المتعلقة بفيروس كورونا يجب أن تكون موضع مراجعة مستقلة، وتحدثت عن أهمية هذا التصرف»، وقالت: «أستراليا ستصر تماماً على ذلك».

وفي بريطانيا، طالب وزير الدولة وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، في مؤتمر صحفي، المجتمع الدولي بالتحقيق في أسباب تفشي المرض في الصين، وقال: «لن نتعامل مع الصين كالمعتاد بعد هذه الأزمة».





المتهم بريء حتى تثبت الإدانة

مع تزايد الاتهامات والمطالبات التي كانت على ألسنة أعلى المستويات الدبلوماسية، لا تزال مسألة الاتهام الجازم معلقة، فالصين تلتزم الصمت الرسمي تجاه الرد على الادعاءات التي تلقتها في الآونة الأخيرة.

وانضمت ألمانيا إلى الدول التي هاجمت الصين حول مسؤوليتها في انتشار فيروس كورونا للعالم، إذ طالبت وسائل إعلام ألمانية بمبالغ مالية تتجاوز 150 مليار دولار، كتعويض عن الأضرار التي تسبب بها الفيروس بإيقاف الحياة والأنشطة التجارية والاقتصادية بمختلف أنواعها.

في تعليق خصّت به «الرؤية»، قالت الباحثة في الكلية الأوروبية للعلوم السياسية والاجتماعية في باريس، هيلير كلوي: «إنه من المبكر الحديث عن عقوبات قد تفرض على الصين، ولكن من المؤكد أن السياسات الخارجية تجاه الصين ستتغير بعد جائحة (كوفيد-19)، وقد تشمل تغيرات في التعاملات الاقتصادية والتجارية».

وبحسب متابعين، فلن يكون بمقدرة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، معاقبة الصين على الصعيد الدولي، فالصين تملك حق النقض - الفيتو، وهو حق الاعتراض الممنوح للأعضاء الخمسة دائمي العضوية في الأمم المتحدة، وهم: روسيا، والصين والمملكة المتحدة، وفرنسا، والولايات المتحدة.

إذ يكفي اعتراض أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ليرفض القرار ولا يمرر نهائياً، حتى وإن كان مقبولاً للدول الأربعة عشر الأخرى في مجلس الأمن.

فمن الطبيعي أن ترفض الصين أي عقوبة دولية قد تقر بحقها إذا ثبتت إدانتها.

لذا فيبقى خيار العقوبات قائماً بشكل فردي على الدول التي قد تعتبر الصين مدانة بشأن نشر فيروس كورونا المستجد.

وهناك من يرى نظرية العقوبات المالية والاقتصادية هي الأقرب للتطبيق بحق الصين، خاصة في ظل وجود بديل صناعي للصين كالهند، بإمكان الدول الاعتماد في صناعاتها عليها.



ولم يستبعد الباحث في العلاقات الدولية المصري، محمد حامد، أن تكون هناك تعويضات تدفعها الصين للدول الأكثر تضرراً، وذلك على غرار ما حدث عقب المحرقة النازية والتعويضات التي تدفعها ألمانيا باستمرار لليهود، ودفع تعويضات من العراق للكويت إثر حرب الخليج.

وقال حامد إن الأيام القادمة لن تكون سارة على المستويين السياسي والاقتصادي للصين، فقد تواجه الصين نبذاً من المجتمع الدولي.

وذكر أن الولايات المتحدة قد تستحدث قانوناً يخولها من توجيه عقوبات اقتصادية للصين، وذلك على غرار قانون ماغنيتسكي، الذي أعطى الحق لأمريكا في فرض عقوبات على بعض الشخصيات الروسية.



الولايات المتحدة لم تأخذ أي خطوة حازمة تجاه الصين حتى اللحظة، فترامب أكد في وقت سابق، أن الصين يجب أن تتحمل العواقب إذا ثبتت مسؤوليتها في انتشار فيروس كورونا المستجد، وقال: «إذا كان الأمر نتيجة خطأ، فالخطأ ليس إلا خطأ، أما إذا كانت مسؤولة عن عمد، فبالتأكيد يجب أن تكون هناك عواقب».

ولم يتحدث ترامب عن تفاصيل تتعلق بالإجراءات التي قد تتخذها الولايات المتحدة تجاه الصين، إذا ثبت تورطها في تضليل ما حدث على أراضيها منذ بدء الفيروس بأحد أسواق ووهان الشعبية، كما أُعلن.

فحتى هذه اللحظة، لا دليل يدين الصين وتعاملها مع أزمة كورونا، فهي كغيرها ممن ذاقوا مرارة هذه الأزمة وتأثرت كثيراً بها، ولكن البعض يتحدث عن عقوبات دولية ضخمة قد تواجهها الصين، أكثر من مجرد قطع علاقات اقتصادية وإيقاف حركة النقل التجاري بينها وبين دول العالم.