الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

مسؤول بارز بالخارجية الصينية: القمة الصينية - العربية الأولى خيار استراتيجي ملح

مسؤول بارز بالخارجية الصينية: القمة الصينية - العربية الأولى خيار استراتيجي ملح

مدير عام إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا، بالخارجية الصينية، وانغ دي.

أكد مدير عام إدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا بالخارجية الصينية، وانغ دي، على موقف بلاده المتمسك بمبدأ الصين واحدة، رافضاً ما وصفه بـ«احتواء الصين باستغلال تايوان»، متهماً الولايات المتحدة الأمريكية بقمع الصين واحتوائها بكل الوسائل الممكنة، مضيفاً أن استمرار الصراع بين روسيا وأوكرانيا، يترك تداعيات خطيرة على الشرق الأوسط، وأن استمرار الأزمة، سيؤدي إلى عواقب وخيمة، واصفاً العقوبات الغربية على روسيا بأنها «تعسفية»، مشدداً على ضرورة ألا يقلل المجتمع الدولي من الانتباه لمنطقة الشرق الأوسط أو يقصر في الدعم لشعوبها، مشيراً إلى التعاون الصيني – العربي، مؤكداً أن عقد القمة الصينية العربية الأولى يعد خياراً استراتيجياً من الجانبين.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده وانغ دي في القاهرة، في ختام جولته في الشرق الأوسط، التي زار فيها كلاً من دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، والجزائر وتركيا على التوالي، في الفترة بين 4 - 17 يونيو، بزيارة إلى مصر، لشرح تفاصيل جولته ومواقف الصين من الأحداث العالمية.

تطوير العلاقات الصينية - العربية

وأكد المسؤول الصيني أنه بحث خلال زيارته بشكل متعمق مع وزراء الخارجية سبل التعاون مع تلك الدول، فيما يتعلق بتطوير العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية الهامة، في سبيل الحفاظ على المصالح المشتركة، على ضوء التغيرات العميقة التي تشهدها الأوضاع الدولية والشرق أوسطية، لافتاً إلى أنه توجه أيضاً إلى موسكو في زيارة سابقة لعقد جولة من المشاورات الصينية - الروسية على مستوى المديرين العامين حول شؤون الشرق الأوسط.

أهمية الشرق الأوسط

كما شدد وانغ دي، على ضرورة ألا يقلل المجتمع الدولي من الانتباه لمنطقة الشرق الأوسط أو يقصر في الدعم لشعوبها، مشيراً إلى أن الصين كصديق مخلص لدول الشرق الأوسط، تتمسك دائماً بـ«الداعمين»، أي دعم مساعي دول الشرق الأوسط لحل القضايا الأمنية في المنطقة عبر التضامن والتعاون، ودعم جهود شعوب الشرق الأوسط بإرادتها المستقلة، مؤكداً أن بلاده ستطبق بخطوات جادة «الداعمين»، وتواصل الدفع بتنفيذ المبادرة ذات النقاط الخمس التي قدمها وزير الخارجية الصيني العام الماضي بشأن تحقيق الأمن والاستقرار وإحلال السلام في الشرق الأوسط.

الدفاع عن المبادئ الأساسية

وأعلن وانغ دي أن بلاده ستقوم سوياً مع دول المنطقة بالدفاع بحزم عن المبادئ الأساسية؛ مثل السيادة والاستقلال وسلامة الأراضي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مشيراً إلى أن سبل تحقيق الأمن والتنمية في الدول النامية هي السعي للاستقرار من خلال تقوية الذات، مؤكداً أن بلاده ستدعم بكل ثبات دول المنطقة في حل القضايا بحكمة الشرق الأوسط دون التشويشات الخارجية.

مؤتمر سلام دولي

وأشار إلى أن الصين ستدفع لعقد مؤتمر سلام دولي على نطاق واسع بغية إيجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية في أقرب وقت، مشيراً إلى أنه بات من الملح بناء الأمن الجماعي، فالسعي نحو الأمن المطلق، أو الانفراد بالأمن سيؤدي إلى طريق مسدود، مضيفاً أن الصين تدعو إلى بناء منصة متعددة الأطراف للحوار في المنطقة.

تعاون صيني - عربي

كما أوضح أن الصين والدول العربية، أجروا تعاوناً ريادياً يحقق إنجازات مرموقة في جميع المجالات، وفي مقدمتها مجالات تطوير اللقاحات والإنتاج المشترك لها وتطوير الأدوية ذات الصلة، الأمر الذي ارتقى بالصداقة الصينية - العربية إلى مستوى جديد، يعمق التعاون بين الجانبَين على أساس المنفعة المتبادلة والكسب المشترك.

زيادة التبادل التجاري

ولفت إلى أن حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية بلغ ما يقرب من 330 مليار دولار أمريكي في عام 2021، بزيادة قدرها 37% عما كان عليه في عام 2020، وتبقى الصين كأكبر شريك تجاري للدول العربية، واستوردت الصين 264 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية، وهو ما يمثل نصف واردات الصين من النفط، وحقق التعاون الصيني - العربي ضمن مبادرة «الحزام والطريق» نتائج مثمرة، وتقدّم التعاون متبادل المنفعة بينهما بشكل مطرد.

القمة الصينية العربية الأولى

وقال إن عقد القمة الصينية العربية الأولى يعد خياراً استراتيجياً من الجانبَين، في ظل الأوضاع الراهنة لتعزيز التضامن والتعاون فيما بينهما، وستكون هذه القمة بكل التأكيد حدثاً هاماً كمعلَم في تاريخ العلاقات الصينية - العربية، حيث يتطلع الجانب الصيني إلى العمل مع الجانب العربي على إنجاح هذه القمة، ليتم خلالها التباحث حول أفق تطور العلاقات الصينية – العربية، ورسم الخطوط العريضة للتعاون في المستقبل، وبلورة التوافقات وتنسيق الخطوات حول القضايا الدولية والإقليمية الهامة بما يعزز السلام والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط والعالم.

الديمقراطية وحقوق الإنسان

وأوضح وانغ دي أنه تشاور مع وزراء خارجية دول الشرق الأوسط التي زارها خلال جولته، وتوافقوا جميعاً على أن الديمقراطية وحقوق الإنسان تعتبران من القيم المشتركة للبشرية جمعاء، وليستا من براءات الاختراع الخاصة بفرادى الدول، وليستا حقاً حصرياً للولايات المتحدة والدول الغربية، لافتاً إلى أن نظام الشورى في العالم الإسلامي والديمقراطية الشعبية بكامل عملياتها في الصين كليهما من الثروات الثمينة للحضارة السياسية العالمية، مضيفاً أن الجميع اتفقوا على أن حق البقاء وحق التنمية هما في مقدمة حقوق الإنسان بالنسبة إلى الدول النامية.

وأضاف أنه في حالة غياب التنمية، لا مجال للحديث عن حقوق الإنسان، وستكون الديمقراطية، بغض النظر عن نموذجها، لا معنى لها، كما أنه يحق للشعب الصيني وشعوب دول الشرق الأوسط، السعي وراء حياة أجمل.

العلاقات الأمريكية - الصينية

ووجه السفير وانغ دي، انتقادات للولايات المتحدة الأمريكية، معتبراً أنها تقوم «بقمع الصين واحتوائها بكل الوسائل الممكنة في الآونة الأخيرة، حيث حاكت أكاذيب متنوعة واتخذت إجراءات سافرة بهدف تشويش وتخريب التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط»، مضيفاً أن «دول الشرق الأوسط تتمسك بالمبادئ ولا تتأثر بالتشويشات، وتلتزم بتطوير العلاقات والتعاون مع الصين، وتقف إلى الجانب الصحيح للتاريخ، وهو الأمر الذي تقدره الصين تقديراً عالياً».

مشيراً إلى أن الصين لا تثير المتاعب، لكنها لا تخاف منها، ولا تظلم الآخرين ولن تركع في وجه تنمر الهيمنة، وستدافع بثبات عن سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية.

النظام الدولي

واستنكر دي، اتهام الولايات المتحدة للصين بأنها تشكل أخطر تحدٍ طويل الأمد لـ«النظام الدولي القائم على القواعد»، مشيراً إلى أن ذلك يخلط الحق بالباطل، قائلاً: "ظلت الصين طالباً متفوقاً في الحفاظ على النظام الدولي، وتشارك بنشاط في بناء منظومة الحوكمة العالمية، وتقدم نحو 30% من المساهمة في النمو الاقتصادي العالمي لسنوات متتالية، وهي ثاني أكبر مساهم في ميزانية الأمم المتحدة، وثاني أكبر ممول لعمليات حفظ السلام، أما الولايات المتحدة، فهي الطالب المتأخر في الامتثال للنظام الدولي، إذ إنها تعامل القواعد الدولية بشكل انتقائي، وتخرق الاتفاقات وتنسحب من المنظمات على هواها، وتشن حروباً دون التفويض من مجلس الأمن الدولي، وتنتهك القواعد وتخرب النظم، وهناك أمثلة لا تحصى لذلك، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.

وتابع قائلاً: «ما تزعمه الولايات المتحدة من صيانة النظام الدولي القائم على القواعد، هو في الحقيقة استبدال المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزاً لها، والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية القائمة على أساس مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بقوانين وقواعد «العصابات الصغيرة»، ومحاولة احتكار حق الحوكمة العالمية وحرمان الدول النامية الغفيرة من حق المشاركة المتكافئة».

وأشار إلى أن هناك 140 دولة، من بينهم الصين، من أصل 190 دولة في العالم، لم تشارك في العقوبات المفروضة على روسيا، وهي خطوة تعبر عن موقف هذه الدول.

تأثير العقوبات على روسيا

أكد وانغ دي، أن العقوبات أحادية الجانب التي وصفها بـ«التعسفية»، المفروضة على روسيا، أدت إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب في السوق، وارتفاع أسعار النفط والحبوب واضطراب في الأسواق المالية، وزادت بشكل حاد من الضغط على التنمية ومعيشة الشعوب في كل دول العالم.

ولفت إلى أن الصين تحرص على بذل جهود مشتركة مع دول الشرق الأوسط، على الدفع بتسوية الخلافات عبر الحوار وتخفيف حدة الصراع بين روسيا وأوكرانيا وتهدئته، وإعطاء الأولوية لمواجهة التحديات الملحة في مجالات الطاقة والغذاء والمالية، من أجل استيعاب وتجنب الآثار السلبية الناجمة عن العقوبات الأحادية الجانب.

قضية تايوان

أشار المسؤول الصيني إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، طرحت مؤخراً كثيراً من المغالطات حول مسألة تايوان، التي لا أساس لها على الإطلاق، بهدف تضليل الرأي العام و«احتواء الصين باستغلال تايوان» وقمع وتقييد تنمية الصين ونهضتها، لافتاً إلى أن ادعاء الولايات المتحدة بدعم مشاركة تايوان في المنظمات الدولية «بصورة مجدية»، يهدف بطبيعته إلى توسيع الفضاء الدولي لتايوان، ويأتي كنوع آخر لدعم استقلال تايوان، مشدداً على أن الجانب الصيني يتمسك بمبدأ واحد فقط في هذه المسألة، ألا وهو مبدأ الصين الواحدة، حيث أعربت قرابة 90 دولة عن دعمها لمبدأ الصين الواحدة، الأمر الذي يمثل الرأي السائد في المجتمع الدولي.

وأشار إلى أنه لا يوجد أي مجال بالنسبة للصين للتنازل أو التراجع في القضايا المتعلقة بالحفاظ على سيادة البلاد واستقلالها وسلامة أراضيها، كما سجل الجانب الصيني.