تترقب سوريا شن هجمات تركية عسكرية على شمال البلاد، وسط تحركات لقوات سوريا الديمقراطية استعداداً لمواجهة الضربة، وكشف الناطق باسم قوات سوريا الديمقراطية، إرام حنا، عن انتشار قوات سوريا الديمقراطية على مواقع قريبة من خطوط التماس مع الجانب التركي، والشريط الحدودي، تحسباً لأي غزو تركي جديد، وذلك بالتوازي مع تكثيف العمليات ضد داعش في إطار مكافحة الإرهاب، وملاحقة خلايا التنظيم عبر عمليات نوعية ورصد مستمر.
تواصل دولي
وأضاف «حنا» في تصريحات خاصة، أنهم تواصلوا خلال الأيام القليلة الماضية مع مختلف الدول الأوروبية فضلاً عن الإدارة الأمريكية، وذلك على أساس أن قوات سوريا الديمقراطية شريك رئيسي لقوى التحالف الدولي في مكافحة الإرهاب، إلى جانب التواصل مع روسيا وفتح قنوات اتصال عسكرية معها وفق اتفاقية أكتوبر 2019، مشيراً إلى العمل مع روسيا في ما يخص ملف تركيا بما يضمن نقل كل الخروقات والانتهاكات التي ترتكب من قبل الجيش التركي، في محاولة لتفادي هذه الضربة المحتملة.
وأوضح أن «قسد» تتواصل أيضاً حالياً مع حكومة دمشق لإيجاد آلية عسكرية مشتركة لمواجهة أي عمل عسكري معادٍ محتمل.
وأشار، إلى أنهم يواصلون إجراء الاتصالات مع القوى الدولية على مختلف الأصعدة عبر قنوات اتصال عسكرية ينقل من خلالها صورة الوضع الميداني.. كما يوثقون بالدلائل النتائج السلبية لانتهاكات القوات التركية من خلال عمليات الاستهداف المتواصلة بطائرات من دون طيار أو الاستهداف بالأسلحة الثقيلة من داخل تركيا، إلى جانب توثيق كل انتهاكات قوات الاحتلال التركية داخل المناطق السورية، مطالبين بتفعيل دور القوى الدولية وكل الأطراف الفاعلة في الشأن السوري لدعم استقرار وأمان المنطقة.
وأوضح أن المناطق والأماكن الواقعة تحت سيطرة المرتزقة المدعومين من الأتراك في واقع أمني سيئ للغاية، يتخلله ارتكاب أفظع الانتهاكات بحق نساء وأطفال، إضافة إلى نشاط إرهابي واسع يتضمن تجنيد الأشخاص في داخل تنظيمات متشددة، تشابه أيديولوجية داعش.
آثار الضربة
وحول آثار الضربة العسكرية التركية المفترضة، قالت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر (الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية)، ليلى موسى، إنه حال وقوع الضربة العسكرية التي أعلنت عنها تركيا شمال سوريا، مستهدفة تل رفعت ومنبج، فإن النتائج ستكون كارثية وستسهم في تعقيد الأزمة السورية أكثر مما هي عليها.
وأضاف أنه بالمحصلة «ستكون هناك المزيد من الاحتلالات وقضم للجغرافيا السورية وتهديد للوحدة والسيادة السورية وتقسيمها، وسنكون أمام كارثة إنسانية جدية من حيث موجات هجرة ونزوح جديدة جراء ما سيتعرض له السكان الأصليون من عمليات تهجير ونزوح قسري في المناطق المستهدفة كما حصل أثناء العمليات السابقة تحت مسمى (نبع السلام) و(غصن الزيتون)، وسيواجه ذلك في المقابل عمليات توطين للفصائل الإرهابية المتطرفة في تلك المناطق، فحكومة العدالة والتنمية تعمل بشكل حثيث تحت يافطة ما تسمى بالمنطقة الآمنة على تشكيل حزام من التنظيمات المتطرفة على كامل الشريط الشمال السوري بحيث تضمن بقاء تدخلها وتحكمها في الشأن السوري».
وأوضحت «موسى»، في تصريحات خاصة، أن الشمال السوري المحرر، مثلما تدعي حكومة العدالة والتنمية، بات محرراً من أبنائه الأصليين الذين ثاروا على الاستبداد والديكتاتورية، والمنطقة الآمنة باتت ملاذاً آمناً للجماعات المتطرفة الإرهابية بكل تصنيفاتها، والأهم وبشكل خاص عناصر تنظيم داعش الإرهابي الذين فروا من المناطق التي تم تحريرها من قبل قوات سوريا الديمقراطية بدعم ومساندة من التحالف الدولي. ويعد مقتل البغدادي والقرداشي في المناطق الخاضعة لسيطرتها بشكل مباشر أدلة دامغة على ذلك.
وأشارت إلى أن عمليات التوطين تتم عبر ممارسة عمليات التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي والتتريك الممنهج في تلك المناطق، وضرب النسيج الاجتماعي عبر بث ونشر ثقافة الكراهية، والقضاء على حالة التنوع والثراء عبر فرض الأيديولوجية المتطرفة، وضرب حالة العيش المشترك والإبقاء على مجتمع هش مليء بالتناقضات.
جرائم دولية
وتابعت موسى، أنه لو وقعت هذه الضربة سنكون أمام سيناريو مشابه لما تقوم به في عفرين وسري كانيه (رأس العين)، كري سبي (تل أبيض) وإعزاز وجرابلس وغيرها من المناطق المحتلة، من جرائم منافية لجميع المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية، وسيكونون أمام المزيد من الفوضى وانعدام الأمان وتكريس لتقسيم سوريا وفرض واقع جديدة لإجبار المجتمع الدولي على القبول به.
وقالت إن حكومة العدالة والتنمية التركية بممارستها تلك تعيد إلى الأذهان تكرار سيناريو لواء اسكندرونة وقبرص، لافتة إلى أن تركيا بعد كل عملية عسكرية تقوم بها تعرقل جهود القوات العسكرية في محاربة الإرهاب وتأمين المخيمات وسجون عناصر تنظيم داعش الإرهابي وعوائلهم، كما تساهم في تنشيط وإحياء خلايا التنظيم، وبالتالي تهديد ليس للمنطقة وحدها وإنما للأمن والسلم الدوليين.
وحذرت موسى من تبعات الضربة التي تعتزم تركيا القيام بها، مشيرة إلى أنه سيترتب عليها انتهاك صارخ للسيادة السورية، وتهديد جدي على الأمن الوطني، وفرض حالة التقسيم وتجزئة سوريا وتشريد المزيد من المدنيين العزل، إلى جانب زيادة أعباء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي بالأساس تعاني من أزمات، ووقوع المزيد من الدمار في البنية التحتية، وسرقة ثروات البلاد وآثارها، وتغيير التركيبة السكانية للشعب السوري، فضلاً عن عودة وتنشيط الإرهاب والتطرف بشكل أقوى مما هو عليه.
وقالت إن مجلس سوريا الديمقراطية، يرى أن الوضع المضطرب والتهديد الذي تشهده سوريا يتطلب المزيد من اللحمة الوطنية، أكثر من أي وقت مضى، من أجل حماية أمن سوريا والدفاع عنه أمام أي تهديد تركي، مطالبة بحل الأزمة السورية عبر القرار الأممي 2254 والعمل على الحوار الوطني السوري- السوري بين كل أطياف المجتمع، وإلزام تركيا باتفاقيات خفض التصعيد لعام 2019 من قبل الضامنين الروس والأمريكيين، بالإضافة إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي والدول العربية وجامعة الدول العربية والذي سيكون كفيلاً بمنع هذه الاحتلالات التي ستعقد الأزمة كثيراً.