الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

العراق.. هل يقدم التيار الصدري على «خيار شمشون»؟

العراق.. هل يقدم التيار الصدري على «خيار شمشون»؟

مقتدى الصدر. (أ ب)

ماذا بعد تقديم نواب الكتلة الصدرية استقالاتهم إلى زعيم التيار مقتدى الصدر؟ وما هي الخطوة التي قد يقدم عليها الصدر؟ أسئلة ملحة مطروحة بقوة، وإجابتها ترسم صورة مستقبل العراق، الذي وقع ضحية دوامة الانسداد السياسي، بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة.

سيناريوهات التحرك الصدري تحمل معها تحذيرات من كارثة مقبلة، فإذا أراد الصدر اللجوء إلى «خيار شمشون» بتقديم استقالة نوابه إلى البرلمان، فإن ذلك يعني أنه يئس تماماً من الأمل في التحرك البرلماني، وأنه سيتجه إلى التحرك الشعبي في الشارع، متسلحاً بدعم شعبي كبير، يعيد إلى الأذهان مظاهرات العراق في 2019، وهو ما لا يمكن لأحد توقع عواقبه، قبل اللجوء إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة.

مصير الاستقالات

من جانبه، قال عضو مجلس النواب العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي إن «الاستقالات التي قدمها نواب الكتلة الصدرية إلى الصدر، ليست استقالات رسمية، لأن الاستقالات الرسمية تقدم إلى مجلس النواب ورئاسته حصراً، لذلك فإنها لن تؤثر في شيء في الوقت الحالي، وهم في انتظار ما سيقرره الصدر، من تفعيل هذه الاستقالات أم بقائها لديه حالياً.

وفي تصريحات خاصة، أضاف شنكالي «مسألة تشكيل الحكومة يحدث بها كثير من الحوارات واللقاءات المستمرة آخرها زيارة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وخميس الخنجر إلى أربيل، وأيضاً بين قيادات الاتحاد الوطني، والحزب الديمقراطي أيضاً في أربيل، وبالتأكيد هناك حديث عن زيارات مرتقبة مع الإطار التنسيقي»، معرباً عن الأمل في أن يدرك الجميع مبكراً أنه لا سبيل لحل الأزمة السياسية في العراق، إلا بالمضي قدماً في انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.

وأشار شنكالي إلى أنه إذا تم تفعيل الاستقالات المقدمة من نواب الكتلة الصدرية رسمياً، ووفق قانون الانتخابات، سيحل نواب الكتل الأخرى محل نواب الكتلة الصدرية، لكن بالتأكيد هذا لن يحدث، لأن نواب الكتلة الصدرية يتمتعون بشعبية قوية للغاية، وستكون هناك معارضة شعبية قوية لهذا السيناريو، وربما يؤدي ذلك إلى إسقاط البرلمان الحالي، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

مظاهرات عارمة

سيناريو إجراء انتخابات مبكرة، يؤيده الناشط السياسي العراقي سعد عامر، مشيراً إلى احتمالية تفعيل الاستقالات وإعادة إجراء الانتخابات، قائلاً «إذا لم تشكل الحكومة الجديدة، حتى نهاية شهر يوليو المقبل، ستسقط الحكومة الحالية بالبرلمان، نتيجة لمظاهرات عارمة ستخرج في كل العراق من أجل هذا المطلب».

وفي تصريحات خاصة، قال عامر إن «الإطار التنسيقي سيسعى جاهداً للحيلولة دون إسقاط البرلمان، وهو يحاول الآن ويبذل مجهوداً واتصالات مستمرة من أجل الضغط على التيار الصدري لتشكيل حكومة توافقية».

انسداد تام

ويذهب الرئيس السابق لبرلمان إقليم كردستان، نائب رئيس لجنة التعديلات الدستورية العراقية سابقاً، الدكتور محمد يوسف صادق، إلى أن هناك انسداداً تاماً في العملية السياسية في العراق، فلم يتمكن البرلمان من انتخاب رئيس الجمهورية، كما لم يتمكن من تشكيل حكومة اتحادية جديدة، وهو ما أدى إلى انحصار الدور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب، بسبب عدم وجود سلطة تنفيذية منتخبة من هذه الدورة، لذلك فإن إجراء انتخابات مبكرة أخرى هو الحل الأمثل للانسداد الموجود، لأن الانتخابات الماضية جرت في ظروف استثنائية، وبصورة استثنائية ونتائجها أيضاً كانت مشوهة بسبب الظروف التي حدثت فيها الانتخابات، وهناك كتل حصلت على أكثر من الاستحقاق الانتخابي الشعبي لها بسبب تغيير القانون الانتخابي.

وفي تصريحات خاصة، أضاف صادق «بعض الكتل السياسية تريد ممارسة استحقاقها الانتخابي في مجلس النواب على النحو الذي تستحقه، وتريد تغيير النظام السياسي الموجود بعد 2003، القائم على مبدأ التوافق، وفي الوقت نفسه تريد الكتل الأخرى سد الطريق أمام الكتل الفائزة لتغيير النظام السياسي، لذا أفضل طريقة للخروج من هذا الانسداد السياسي، هي الذهاب إلى انتخابات مبكرة أخرى بعد تغيير القانون الانتخابي بما يؤدي إلى شفافية أكثر في العملية الانتخابية».

كوارث كبيرة

أما عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، المحلل السياسي العراقي محمد زنكنه، فيوضح أنه إذا نفذ الصدر قراره بالانسحاب الكامل من العملية السياسية سيشهد العراق كوارث كبيرة للغاية؛ أولها وجود حشد جماهيري من أنصار التيار الصدري بالمحافظات الجنوبية، من الممكن أن تمتد إلى بغداد، ولن يكون بأفضل حال من مظاهرات أكتوبر 2019، إن لم تكن أكثر شراسة منها، ومن الممكن أن تقابل من قبل أنصار الإطار التنسيقي، الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى صدامات شيعية - شيعية، ومن المتوقع أن تكون هناك محاولات للإطار التنسيقي لإقناع الصدر للعدول عن هذا القرار، لأن هذا سيؤثر بشكل كبير على الوضع العام العراقي.

اقرأ أيضاً.. «كوفيد الطويل».. تعرف على الفئة التي لن تنسى فيروس كورونا أبداً

وفي تصريحات خاصة، أضاف زنكنه «خروج أنصار التيار الصدري للمطالبة بحقوقهم التي سلبت من قبل الإطار التنسيقي وحرمانهم من تشكيل الحكومة، سيؤدي إلى العديد من المشاحنات والصراعات التي ستلقي بتأثيرها أيضاً على إقليم كردستان والطرف السني، لأن هناك أطرافاً تعمل على تصدير الأزمة للمناطق الآمنة والمستقرة في العراق».

وأشار إلى أن مستقبل العراق السياسي إن استمرت الأوضاع بهذا الشكل سيكون كارثياً، حيث من الممكن أن تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تدخل مرة أخرى على الوضع السياسي العراقي بشكل أكثر عمقاً، باستصدار قرار من مجلس الأمن بأن العراق مصدر خطر ويجب أن يكون محمياً دولياً، لحماية مصالح الدول التي تعمل داخل العراق، لأن الوضع الأمني في العراق بدأ يتراجع شيئاً فشيئاً، وهناك محاولات كثيرة وكبيرة لزعزعة الاستقرار في العراق.

نقل الصراع

السيناريو نفسه يؤكده المحلل السياسي العراقي باسل حسين، مشيراً إلى أن قرار زعيم الكتلة الصدرية باتخاذ طريق المعارضة أو الاستقالة، له تداعياته الكبيرة إن وضع موضع التطبيق، حيث يعني نقل الصراع من البرلمان إلى الشارع، وما يحمله ذلك من توقعات بالتصعيد وربما الصدام.