يدور الليبيون في حلقات لا نهائية من التدهور الأمني والاقتصادي والانقسام السياسي الحاد بين الشرق والغرب، في حين تنتهي بشكل فعلي مهمة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة في 21 يونيو الجاري حسب خارطة الطريق الدولية، فيما يرفض تسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا المكلفة من البرلمان، التي فشلت في العمل من العاصمة طرابلس. ويرى أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان (فرع ليبيا) الدكتور عبدالمنعم الحر، أنه وفقاً لمخرجات جنيف، فإن الفرصة الأخيرة لحكومة عبدالحميد الدبيبة هي 21 يونيو الجاري، بعد فشله في إقامة الانتخابات المتفق عليها حسب خارطة الطريق في 24 ديسمبر 2021. وقال الحر في تصريحات إن: الدبيبة رفض رفضاً قاطعاً أي تسليم أو اعتراف بحكومة باشاغا غير المنتخبة، والتي منحها مجلس النواب الثقة. بل ألمح إلى إجراء انتخابات برلمانية دون الرئاسية، ما يعني التمديد لحكومته وأن الخلاف حول الشرعية سيمضي إلى مداه وسيصعب التكهن بما سيحدث بعد مرور الموعد سالف الذكر.
انقسام مأساوي
وأكّد الحر أن وجود حكومتين في البلاد هو انقسام مأساوي وكارثي، سيُلقي بثقله على المواطن الليبي في كل المجالات الأمنية والاقتصادية، ويؤدي لاستفحال الفساد المالي والإرهاب والجريمة المنظمة والنزاعات الدموية الأهلية والقبلية والعرقية والسياسية وتعاظم ظاهرة الهجرة غير النظامية، فضلاً عن الانتهاك الصارخ للسيادة الليبية من قبل العديد من الدول والمنظمات الخارجية، وانتشار الفقر ومعاناة الأطفال والمرضى وكبار السن، وإغلاق العديد من المؤسسات التعليمية وسيادة روح اليأس والإحباط بين فئات الشباب ومعظم المواطنين الليبيين. وشدد على أن الليبيين يأملون أن تتم التسوية السلمية بين الطرفين للاتفاق على مرحلة انتقالية قصيرة وأخيرة تمهيداً لانتخابات برلمانية ورئاسية، وتنظيم عملية التصويت الشعبي على الدستور للخروج من هذا النفق المظلم والخروج إلى بر الأمان.
تحركات مشبوهة
من ناحيتها، حذّرت الدكتورة سلوى الدغيلي، عضو الملتقى السياسي الليبي، من التحركات المشبوهة لتنظيم الإخوان في ليبيا، وتقسيم نفسها إلى فرق تتحرك في اتجاهات معاكسة للبقاء في المشهد، وعدم الخروج في حال انتصار أيّ من أطراف الصراع. وقالت الدغيلي في تصريحات إن: حزب «العدالة والبناء» الذراع السياسية، الذي كان يمثل الإخوان، والذي يتحركون من خلاله، انقسم بعد فوز عماد البناني برئاسته، وذهب الرئيس السابق للحزب محمد صوان لتشكيل حزب جديد ليقف كلاهما في مواجهة الآخر سياسياً، وليصطف البناني في معسكر الدبيبة ويتموضع صوان في خندق باشاغا. وأكدت أن تغلغل الإخوان داخل المناصب السيادية في الدولة نابع من خوفهم على سلطانهم وسيطرتهم ونفوذهم في طرابلس، فهم يستغلون كل المؤسسات للتأثير في كيفية صياغة السلطة القادمة، وفرض تصورهم على القاعدة الدستورية بما يكفل لهم الخلاص من الشخصيات التي يخشون وصولها لسُدة الحكم.
وأضافت أن تنظيم الإخوان يسعى لفرض النظام الانتخابي الذي يسمح لها بأكبر عدد ممكن من المقاعد في السلطة القادمة، لأنهم يعرفون أن أغلبية الشعب ترفضهم، ولذلك نجدهم أكثر الناس تشبثاً بالسلطة القائمة، والتي يتمتعون فيها بنفوذ، في حين يمكن إقصاؤهم من خلال انتخابات حرة ونزيهة. وشددت على أن الإخوان سيبذلون جهدهم لإجراء انتخابات برلمانية دون الرئاسية؛ لإفشال وصول رئيس يعمل عكس مصالحهم، وإن لم يفرض عليهم الأمر الواقع بدخول باشاغا لطرابلس أو بضغوط خارجية فلا يضيرهم استمرار التدهور الأمني والاقتصادي وبقاء البلاد في هذه الدائرة الهشة.