تشير التكهنات إلى قرب شن تركيا ضربة عسكرية على شمال سوريا، حسبما أعلن مجلس الأمن القومي التركي، مما أثار التساؤلات حول أهداف تلك العملية، وتوقيتها. وقالت مصادر فضلت عدم ذكر اسمها، أن الهجوم التركي سيستهدف تل رفعت وكوباني، وعين عيسى، ومناطق أخرى، تخضع لسيطرة وحدات حماية الشعب المدعومة من الولايات المتحدة، وتعتبرها تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني (جماعة كردية مسلحة تتواجد في جنوب شرق تركيا منذ عام 1984)، والذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية.
توقيت الهجوم
ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية التركي، الدكتور عمر عبد الستار، إن توقيت الضربة التركية مؤجل، لعدة أسباب؛ أولها أن هناك انتخابات رئاسية في تركيا العام القادم، وثانيا تداعيات الحرب في أوكرانيا، ومسألة انضمام فنلندا والسويد لحلف شمال الأطلنطي «الناتو»، وكذلك حديث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، عن أن وكلاء إيران سيملأون الفراغ على الحدود الأردنية - السورية، إذا انسحبت روسيا، وبالتالي فإن الأنظار مركزة وبشدة على سوريا، في ظل صعوبة المفاوضات مع إيران في الملف النووي، مما قد يجعل التعامل مع سوريا من منطلق اعتبارها أحد نفوذ القوة لإيران في المنطقة.
وفي تصريحات خاصة، أضاف «من الوارد تشكيل تحالف أردني - تركي - إسرائيلي، وسيتوقف ذلك على حساسية توقيته، حيث من المقرر أن نشهد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر المقبل، إلى جانب الانتخابات الرئاسية التركية نهاية العام القادم، فكل هذا يتحكم في الأمر، ويحتاج هذا ترتيب تركيا لأوضاعها الإقليمية والدولية، قبل الذهاب إلى شن المزيد من الضربات شمال سوريا».
توقيت الهجوم التركي
وحول توقيت الهجوم التركي على شمال سوريا، اعتبر أن هناك أمور عديدة ربما يكون لها تأثير، مثل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتطورات العلاقات الدولية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعلاقات حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة مع بوتين، سواء (تركيا وسوريا والأردن، أو دول مجلس التعاون الخليجي، فالأمر متوقف على التداعيات، وكيف يمكن ترتيبها وتوظيفها، كل هذه الأمور تتحكم في توقيت العملية العسكرية، لأنه يبدو أن هذه العملية ستكون انعكاسا دوليا للحرب الأوكرانية، وما يقوم به حلفاء أمريكا في المنطقة، فبدون ضوء أخضر أمريكي، وبدون ترتيبات، من الصعب الحكم على هذه الضربة العسكرية.
ومن المتوقع أن تستهدف تركيا في ضرباتها غرب الفرات وليس شرقه، بداية من تل رفعت، ومنبج، وعين عيسى، ويبدو أن المنطقة الآمنة شمالا، والمنطقة الآمنة المفترضة جنوبا قرب الحدود الأردنية، هي جزء من انعكاسات الوضع الدولي، والحرب الروسية الأوكرانية على سوريا تحديدا في هذا المشهد.
استهداف روسيا
ويشير عبد الستار، إلى أن هناك هدف آخر للهجوم التركي على سوريا، وهو استهداف مناطق نفوذ روسيا والتي تتواجد داخل سوريا، لذلك فإن سوريا ربما تكون أوائل المناطق التي سينعكس فيها أثار الحرب الروسية الأوكرانية، وقد تحدثت الأردن قبل أن تتحدث تركيا عن ما يحدث في سوريا، حيث يريد الملك عبد الله الثاني ملك الأردن منطقة أمنة تمتد من الجولان إلى التنف.
وتستهدف تركيا من هذه الضربة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يدعمه بوتين وإيران، ومن ثم إخراج سوريا من يد بوتين وإيران، وهو عمل شاق، لكنه هو الهدف الموضوع من قبل تركيا وأمريكا.
ويوضح المحلل التركي، أن تقارب حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، سواء المملكة العربية السعودية، أو دولة الإمارات العربية المتحدة، أو مصر، مع تركيا، يعني أنهم يخططون لشيء ما في المنطقة خلال الفترة المقبلة، ربما يكون تشكيل تحالف إقليمي، لأن حلفاء الولايات المتحدة عليهم أن يقوموا بدورهم، فحلفاء الولايات المتحدة يتقاربون اليوم ويجتمعون، وربما يعلنون عن تشكيل ما، وسيواجه هذا التحالف بالطبع بجماعات غير دولية مسلحة دينية، ترعاها إيران وروسيا، وقريبا ربما يعلن مجلس التعاون الخليجي عن تشكيل اتحاد عسكري.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد تعهد بتنفيذ عملية عسكرية جديدة على الحدود الجنوبية لبلاده، ضد المقاتلين الأكراد، فيما قالت صحيفة يني شفق الموالية للحكومة التركية، إنه تم اتخاذ الاستعدادات لعملية جديدة بهدف توسيع «المناطق الآمنة» التي أقيمت بالفعل في شمال سوريا.
اقرأ أيضاً.. نبيه بري رئيساً للبرلمان اللبناني للمرة السابعة على التوالي
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، قد أعلن عن تواصل الولايات المتحدة الأمريكية مع السلطات التركية بشأن إعلان الأخيرة عن هذه الضربة، بعد أن أعلن أردوغان عقب اجتماع للحكومة الأسبوع الماضي، أنهم سيبدؤون قريبا باتخاذ خطوات تتعلق بالمتبقي من الأعمال التي بدؤوها لإنشاء مناطق أمنة على بعد 30 كيلو مترا على طول حدودهم الجنوبية مع سوريا.
وفوض مجلس الأمن القومي التركي، الخميس، الرئيس أردوغان في شن الضربة، وتحديد كل ملابساتها، فيما حذرت واشنطن أنقرة من شن هذه العملية، معتبرة إياها تقويضا للاستقرار، وأن مثل هذه الضربة تعرض القوات الأمريكية هناك وحملة التحالف على داعش للخطر.
فيما أعلن نظام الرئيس السوري بشار الأسد أنه يرفض أي محاولة تركية لإنشاء بؤر توتر جديدة في الشمال السوري، معتبرا أن أي خطوة من هذا القبيل ستكون بمثابة حرب على حد بيان الخارجية السورية.