السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

حوار | فؤاد السنيورة: حالة واحدة تجنب لبنان سيناريو «التشظي» بعد الانتخابات

حوار | فؤاد السنيورة: حالة واحدة تجنب لبنان سيناريو «التشظي» بعد الانتخابات

رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة.

انتهت الانتخابات البرلمانية في لبنان، لتبدأ مرحلة جديدة من الترقب لشكل البرلمان المنتظر، لا سيما في ظل تفاقم المخاوف من عودة شبح التشظي على الحياة النيابية بعد أن خسر حزب الله الأكثرية النيابية التي أطلقت يده في الدولة على مدار السنوات الأخيرة، حول المشاهد الكثيرة والرسائل المباشرة وغير المباشرة التي يمكن استخلاصها من هذه الانتخابات، التقت الرؤية رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، الذي قال إن نتائج الانتخابات تمثل صفعة قوية على وجه حزب الله، وأنها بداية مرحلة سياسية جديدة، لافتاً إلى أن الجميع مطالب بضرورة الاستفادة من الدروس التاريخية للابتعاد عن سيناريوهات الانقسامات التي تعقب الاستحقاقات الانتخابية. وشدد على أنه فيما يتعلق بالتخوف من حدوث «فراغ رئاسي» في المستقبل، فأكد أن هذا الأمر يُعرض البلاد للمخاطر و«لا نريد أن نستبق الأحداث»... وإلى نص الحوار:

الحديث عن نتائج الانتخابات لا ينفصل عن المشهد السياسي السابق عليها.. كيف ترى ذلك؟

لبنان شهد تغييرات سياسية إزاء نتائج الانتخابات البرلمانية، على خلاف توقعات «حزب الله»، الذي كان يتوقع زيادة حصته في مجلس النواب، من أجل أن يفرض المزيد من الإطباق على قرار الدولة اللبنانية عبر الأكثرية البرلمانية، ليس فقط بالنسبة للمذهب الشيعي، بل لتحالفات مع المسيحيين والدروز والسنة، وما حدث في الانتخابات، يمثل «صفعة» على وجه حزب الله، هذه الصفعة نتيجة عمل وطني خلال الفترة الماضية، شاركت فيها مختلف الفصائل الوطنية من أجل الدعوة لعدم المقاطعة، التي دعا إليها البعض، وكانت ستتسبب في مكاسب لـ«حزب الله».

النتيجة لم تفاجئ حزب الله فقط ولكن هناك أيضاً رموز نيابية تلقت ضربة هي الأخرى؟

بالفعل، هناك مجموعة من أعضاء البرلمان من 6-7 أعضاء كبار سقطوا في الاختبار الشعبي عبر صناديق الاقتراع، ما يعني تغير المشهد السياسي في لبنان، لذلك أعتقد أن لبنان أمام مرحلة جديدة، لذلك يجب الاستفادة من الدروس التاريخية للابتعاد عن سيناريو «التشظي» بعد الانتخابات، التي جرت عام 2009، وحدث انقسام عمودي، تحت ما يسمى «14 آذار»، و«8 آذار»، حيث أحكم «حزب الله» قبضته على الساحة السياسية، لذلك هناك ضرورة أن تحشد الأحزاب السياسية قواها، من أجل ممارسة سياسية قائمة على احترام سيادة لبنان وفقاً لنظام ديمقراطي، كما يجب الفترة المقبلة للعمل على «تصويب العلاقات العربية – اللبنانية».

في مرحلة ما بعد الانتخابات.. ماذا يحتاج لبنان؟ ومن أي شيء تخوف؟

البلاد في حاجة لـ«تصويب» البوصلة الوطنية السياسية للخروج من المأزق الحالي ومعالجة كافة المشكلات، في مواجهة «حزب الله»، حيث إن هناك تخوفاً من أن يلجأ «حزب الله» إلى الوسائل غير الديمقراطية، مثل ما فعل في عام 2009، حيث بادر بالرفض لتشكيل حكومة من الأكثرية، كما أننا ننتظر انتخاب رئيس ونائب رئيس للبرلمان، تمهيداً لتشكيل حكومة جديدة من خلال المشاورات الحزبية، خاصة أن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية.

بمناسبة الانتخابات الرئاسية، ما هو المطلوب من الرئيس الحالي، في ظل تخوفات من فراغ رئاسي مقبل ؟

يجب على رئيس لبنان استخلاص العبر والدروس من التجربة، التي دفعت لبنان إلى المشاكل، التي يعاني منها حالياً، فالرئيس تم انتخابه شعبياً، والرئيس القوى في طائفته يجب أن يكون قوياً ليس بداخلها فقط وإنما في الدولة بكاملها، فالدستور يضعه فوق كل السلطات، وبالنسبة للتخوف من حدوث «فراغ رئاسي» في المستقبل، فهذا الأمر يُعرض البلاد للمخاطر ولا نريد أن نستبق الأحداث.

ما هي الرسالة، التي توجهها إلى الأحزاب، التي قد يلجأ إليها «حزب الله» لتشكيل تحالف كبير؟

لقد آن الآوان من الأحزاب، أن تعود للدولة وبشروطها، في مواجهة محاولات فرض غياب وتغييب الدولة، فالبلاد ليست في حاجة لمزيد من الترف والخلافات وتعطيل مصالح المواطنين، وأدعو النواب الجدد، الذين انضموا للبرلمان لأول مرة باعتبارهم «لاعبين جدد»، بالعمل على مصلحة البلاد دون الخوض في غمار التحالف مع «حزب الله»، كما أنني لدي ثقة أن دماءهم الجديدة وأفكارهم المستنيرة، لبنان في حاجة إليها من أجل ممارسة سياسة جديدة وفق رؤى مختلفة، حيث إن علاج المشكلات يتطلب تغيير الممارسات السياسية المفروضة على الشعب، التي جلبت عليه الدمار والمآسي والآلام.

لكن برأيك ما الضرر، الذي ألحقه «حزب الله» بلبنان كدولة؟

حزب الله تسبب في حرمان لبنان من ممارسة قرارها السيادي بسبب الاعتماد على الطائفية، وأصبحت الدولة اللبنانية «مخطوفة» وعاجزة عن تلبية مطالب الشعب، كما تسبب في عدم إيجاد حلول للخروج من الأزمات المتعاقبة والمستفحلة.

لكن هناك من يقف ويدعم الحزب، ما تعليقكم؟

لقد رأينا «حزب الله» يحمل السلاح، الذي جاء به لمحاربة إسرائيل، لكن لم يعد للسلاح فائدة، خاصة أن السلاح أصبح يصوب ناحية صدور اللبنانيين والأشقاء العرب، من خلال الدعم الذي يقدمه للجماعات المسلحة في سوريا واليمن والعراق، ما أدى إلى اختلال التوازنات في الداخل اللبناني وكذلك السياسية الخارجية للبنان تجاه الأشقاء، لذلك لبنان في حاجة ماسة لتصحيح علاقاتها بالأشقاء العرب، وأعتقد أن تغير المزاج في الشارع أبلغ دليل ورد على «حزب الله»، حيث فقد الأكثرية البرلمانية، التي تتطلب الحصول على أكثر من 64 مقعداً.

لبنان دائماً ما يردد ساساتها، الرهان على الوقت، ماذا تحمل تلك الجملة لديك؟

بالفعل هناك أزمة في لبنان من خلال الحديث عن الوقت، ودائماً ما يتم تضييع الوقت، فخلال الـ12 سنة الماضية، ضاع تقريباً 60% من الوقت بسبب «المناكفات» والخلافات السياسية والحزبية، والمتضرر الوحيد هو المواطن البسيط، الذي تضررت معيشته بسبب الأزمات المالية والاقتصادية المتعاقبة، وخلال الفترة الزمنية الماضية، تعطل مجلس النواب على مدار عامين ونصف، ومن ثم تعطلت رئاسة الجمهورية 3 مرات، وكانت السمة الغالبة على تشكيل الحكومات هي التعطيل لعدة أشهر، وتم ممارسة «الفيتو» أكثر من مرة بين مكونات الأحزاب، المعنية بتشكيل الحكومة، لذلك عامل الوقت مهم خلال الفترة المقبلة لاستغلاله والاستفادة منه بدلاً من تضييعه.