شارك الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الخميس، في مراسم تشييع جثمان الصحفية شيرين أبو عاقلة، من مقر الرئاسة في مدينة رام الله، بحضور رسمي وشعبي كبير. واصطف حرس الشرف لتحية جثمان الشهيدة أبو عاقلة لدى وصوله إلى مقر الرئاسة، وحُمل على الأكتاف، وعُزف النشيد الوطني الفلسطيني وموسيقى جنائزية.
ووضع أبو مازن إكليلاً من الزهور على جثمان الشهيدة أبو عاقلة، وألقى نظرة الوداع الأخيرة على جثمانها، الذي لُف بالعلم الفلسطيني، لدى وصوله إلى مقر الرئاسة، قبل أن يُنقل إلى المستشفى الفرنسي في مدينة القدس، حيث سيوارى الثرى هناك.
«أزمة ثقة».. لماذا يرفض الفلسطينيون تسليم الرصاصة إلى الجانب الإسرائيلي؟
وحمّل أبو مازن، في كلمة مقتضبة، ألقاها خلال مراسم التشييع، سلطات الاحتلال الإسرائيلية، المسؤولية الكاملة عن جريمة قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة. وقال الرئيس الفلسطيني: رفضنا ونرفض التحقيق المشترك مع السلطات الإسرائيلية، لأنها هي التي ارتكبت الجريمة، ولأننا لا نثق بها، وسنذهب فوراً إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة المجرمين.
وأعلن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، أن إسرائيل طلبت تحقيقاً مشتركاً وتسليمها الرصاصة التي اغتالت أبو عاقلة، لكن الطلب الإسرائيلي قوبل بالرفض.
وأكد الشيخ، أن السلطات الفلسطينية ماضية في التحقيق بشكل مستقل، متابعاً: «سنُطلع عائلتها وأمريكا وقطر، وكل الجهات الرسمية والشعبية، بنتائج التحقيق بشفافية عالية». ونوه بأن كل المؤشرات والدلائل والشهود تؤكد اغتيالها من وحدات خاصة إسرائيلية.
استبدال الرصاصة
من ناحيته، قال سفير فلسطين الأسبق في القاهرة منذر الديجاني إن «المنطق يقول إن عدم الثقة في سلطات الاحتلال تمنع السلطة الفلسطينية من تسليم الرصاصة التي وُجدت في جثمان أبو عاقلة للجانب المتهم بقتلها، لافتاً إلى أنه قد يتم استبدال الرصاصة أو اختلاق أي رواية كاذبة لدفع التهمة عن جنود الاحتلال».
وأضاف الديجاني- في تصريحات خاصة- أن «كل شهود الواقعة يؤكدون الاغتيال، والقضية واضحة، وأنا ضد أي تحقيق يجريه الجانب الإسرائيلي أو الأمريكي؛ فالشهيدة قُتلت على مرأى ومسمع من الجميع، والأرجح أن تكون الرصاصة التي استقرت في جثمانها انطلقت من قناص، والدليل على ذلك إصابة زميلها الذي تحرك نحوها».
رصاصة قناص
وتابع قائلاً إن طلب السلطات الإسرائيلية إجراء تحقيق مشترك «غير مشروع وغير منطقي»، مشيراً إلى أن المنطقة كانت خالية من عناصر المقاومة، ولم يكن هناك إطلاق نار، والجنود الإسرائيليون كانوا على مسافة قريبة من موقع الحادث، والأغلب أن جريمة الاغتيال نفّذها قناص.
وأشار إلى أن الإسرائيليين يقتلون الأطفال ثم يضعون بجاورهم سكيناً ويدعون أنهم الجناة، مضيفاً: «نحن نعيش تحت الاحتلال، ونعرف أساليبه المعتادة لإبعاد التهمة عن جنوده، والجميع يتابع الانتهاكات المتواصلة لإسرائيل، وهناك نحو 30 شهيداً برصاص الاحتلال خلال شهر رمضان، ما يعني أن القاتل معروف على كل حال».
واستطرد: أنا لست ضد رفع المسألة للمحكمة الجنائية الدولية، لكن فقط لإصدار حكم الإدانة على القاتل، وليس التحقيق، لأن القضية واضحة، والأدلة موجودة، ولدينا ما نقدمه من أدلة وشهادات.
واستشهد الديجاني بالمثل القائل: «إذا بدك تقتل قضية شكل لها لجنة»، مؤكداً أن الهدف من وراء تشكيل لجان التحقيق هو تضييع الوقت، وإبعاد التهمة عن القاتل الحقيقي، حتى تهدأ الأمور، فهناك لجان تحقيق كثيرة شُكِّلت للتحقيق في المجازر، وتقارير دولية عن الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون، لكن الرد الإسرائيلي دائماً هو الإنكار، حتى إنهم مزقوا تقريراً يدينهم في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
تحريف البوصلة
من جانبه، قال مستشار المجلس الوطني الفلسطيني وليد العوض، إنه لا يوجد شك بأن جنود الاحتلال هم من قتلوا شيرين أبو عاقلة، وبالتالي أي مشاركة أو تعاون مع الاحتلال في التحقيق بجريمته البيّنة يعني الذهاب لملعب التشكيك الذي يريده الجانب الإسرائيلي.
وأكد العوض في تصريحات خاصة أن إسرائيل تحاول تحريف البوصلة، وتوجيهها باتجاهات أخرى، لافتاً إلى أن الجريمة والرصاصة واضحة- مهنياً وسياسياً- ووجود جنود إسرائيل فوق الأرض الفلسطينية هو أوضح أشكال الجريمة.