الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

«دبلوماسية الطاقة» تعزز شهية الأوروبيين للحل السياسي في ليبيا

«دبلوماسية الطاقة» تعزز شهية الأوروبيين للحل السياسي في ليبيا

الحرب الأوكرانية أعادت الزخم الأوروبي لأهمية النفط والغاز الليبي للاستغناء عن روسيا.

تمتلك 1.4 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز يقودها للصدارة في أفريقيا

لديها أفضل أنواع النفط الخفيفة في العالم وتمتلك احتياطي بـ40 مليار برميل

يتم حرق 27% من الغاز و49% للاستهلاك المحلي وتبلغ الصادرات 24% من الإنتاج

خطوط نقل الغاز جاهزة ما يعزز مكانة ليبيا في تصدير الغاز والنفط لأوروبا

وسط التحديات ومآسي الحروب يمكن أن تكون هناك فرص وحلول، والأزمة الليبية التي بدأت منذ الـ17 من فبراير 2011 يمكن أن يكون حلها على أيدي الحرب الروسية الأوكرانية التي أعادت الزخم والقوة لأهمية النفط والغاز الليبي حتى يكون أحد البدائل والأوراق الأوروبية للاستغناء عن النفط والغاز الروسي، والسبب في ذلك أن الغاز والنفط الليبي هو الأقرب مع الغاز الجزائري للقارة الأوروبية التي تستورد 45% من احتياجاتها من الغاز والفحم، و25% من النفط من روسيا، وفق ما أعلنته مفوضة الطاقة الأوروبية، كادري سيمسون، التي قالت إن المعادلة الأوروبية الجديدة تهدف إلى الاستغناء عن الغاز والنفط الروسي قبل 2030.هناك اتفاق أوروبي على أن ليبيا يمكن أن تكون «الورقة الرابحة» في مساعي الاتحاد الأوروبي للتخلي عن الغاز والنفط والفحم الروسي، وفي سبيل ذلك سوف يكون هناك طفرة في الاستثمارات الأوروبية في مجال الغاز والنفط الليبي، بحسب ما قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لويس ميغيل بوينو.

ولتحقيق هذا الهدف تجري إيطاليا مفاوضات مع ليبيا لزيادة صادرات طرابلس من الغاز والنفط الليبي إلى إيطاليا وأوروبا، وفق ما قاله وزير التحول البيئي الإيطالي روبرتو سينغولاني، ويقوم التصور الإيطالي على العمل من أجل زيادة واردات روما من الغاز «غير الروسي» وخاصة من ليبيا والجزائر وكازاخستان بنحو 10 مليارات متر مكعب عبر أنابيب الغاز أو الشحنات المسالة، وتطمح إيطاليا إلى زيادة كمية الغاز من تلك الدول إلى نحو 20 مليار متر مكعب في المدى القريب بما لا يتجاوز عام 2024، بحسب رؤية سينغولاني. فهل تستطيع ليبيا أن تكون على الموعد في أوروبا لتحقيق طفرة في مبيعاتها من الغاز والنفط؟ وما هي التحديات التي قد تحول دون تحقيق هذه الأهداف الطموحة؟ وإلى أي مدى يمكن أن تنعكس «ورقة الطاقة» الليبية على تسريع الخطى نحو حل الأزمات السياسية التي استعصت على الجميع طوال أكثر من عقد من الزمان؟

موارد ضخمة

تمتلك ليبيا نحو 1.4 تريليون متر مكعب من الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي بنهاية عام 2020، وفق البيانات السنوية لشركة «بي بي» البريطانية، ما يجعلها خامس أكبر مالك لاحتياطي الغاز في أفريقيا، لذلك تراهن أوروبا وإيطاليا على ليبيا التي تمتلك، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي، كميات كبيرة من النفط والغاز يمكن أن تساهم بشكل جزئي في توفير الطاقة للقارة الأوروبية التي استوردت 130 مليار متر مكعب من الغاز الروسي عام 2021، حيث بلغ إنتاج ليبيا من الغاز عام 2018، وهو آخر إحصاء رسمي، نحو 853 مليار قدم مكعب، وهو ما يسهم في تحقيق الهدف الإيطالي، حيث تحصل روما على كميات من الغاز بعد معالجته في شركة «مليتة» للغاز والنفط الليبي عن طريق «حقل البوري» النفطي والغازي، الذي تم اكتشافه مبكراً عام 1973، وبه احتياطي يصل إلى 3.5 تريليون قدم مكعب من الغاز، كما يتميز هذا الحقل بقدرته على إنتاج نحو 6 مليارات قدم مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً. بحسب بيانات المؤسسة الليبية للنفط التي تتشارك مع شركة إيني الإيطالية في حقل «الجرف القاري» ويتم من خلاله تصدير نحو مليار قدم مكعب إلى إيطاليا سنوياً.

ورغم أن الانقسام السياسي والحرب الداخلية في ليبيا منذ 11 عاماً منع ليبيا من تطوير الكثير من إمكانياتها من النفط والغاز، إلا أن كل المؤشرات تقول إن ليبيا تستطيع أن تضاعف قدراتها التصديرية من الغاز والنفط إلى أوروبا وتستفيد من الأسعار المرتفعة للمحروقات والوصول إلى 4 مليارات قدم مكعب في اليوم، حيث تصدر ليبيا حالياً نحو 24% فقط من إنتاجها للخارج، وهناك نسبة إهدار تصل إلى نحو 27% من الإنتاج أثناء التشغيل، بينما يتم استهلاك نحو 49% من الإنتاج في الاستهلاك المحلي وخاصة في توليد الكهرباء، بحسب المؤسسة الليبية للنفط، التي قال رئيس مجلس إدارتها مصطفى صنع الله، إن البلاد تعمل في الوقت الحالي على زيادة ورفع معدلات إنتاج الغاز حتى يمكن تصدير كميات أكبر منه إلى أوروبا قبل حلول الشتاء المقبل.

إقرأ أيضاً..الاتحاد الأوروبي يتهم مرشحة الرئاسة الفرنسية باختلاس أموال عامة

احتياطي نفطي عملاق

ويُعرف عن ليبيا أن لديها أفضل أنواع النفط الخفيفة في العالم، بالإضافة إلى امتلاكها نحو 40 مليار برميل من النفط، وفق ما قاله رئيس حكومة طرابلس، عبدالحميد الدبيبه، وهو تقدير يتفق مع بيانات «بي بي» ومنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» التي قالت إن لدى ليبيا التي تشغل المرتبة الـ7 في المنظمة احتياطي يصل لنحو 48.4 مليار برميل من النفط، وصدَّرت في شهر أكتوبر الماضي نحو 1.16 مليون برميل يومياً، ويعد حقل «شرارة» أكبر الحقول النفطية الليبية الذي ينتج نحو 300 ألف برميل يومياً، بينما تتركز غالبية الحقول الأخرى في حوض سرت النفطي شرق مدينة سرت، وفق بيانات «أوبك»

عراقيل وتحديات

لكن هناك سلسلة من العراقيل التي تعوق تحقيق الاستفادة القصوى من الغاز والنفط الليبي، منها الحاجة لاستثمارات ليبية وأجنبية ضخمة لتطوير الحقول النفطية والغازية الليبية، كما أن الانقسام السياسي في البلاد، وسيطرة وسطوة المليشيات في بعض المناطق خاصة في الجنوب والغرب يحد من الطموحات الليبية لتحقيق الاستفادة القصوى مما تمتلكه البلاد من موارد، وسبق أن حذر رئيس المؤسسة الوطنية للنفط من أن إنتاج ليبيا من الغاز يمكن أن يتراجع إلى 700 مليار قدم مكعب من الغاز في حال عدم تطوير الحقول، ويزيد من هذه التحديات أن الفترة الماضية شهدت تحويل جزء كبير من كميات الغاز التي كانت تصدر إلى شبكة الغاز الأوروبية عبر إيطاليا وخط «غرين ستريم»، إلى تشغيل المحطات الكهرباء والاحتياجات المحلية في ليبيا، وهو ما يفوت فرصة كبيرة على ليبيا لبيع كميات هائلة من النفط والغاز. المؤكد أن أوروبا في حاجة شديدة للطاقة، وليبيا هي أكثر المصادر التي يمكن أن تساعد أوروبا في الخروج من هذا المأزق، خاصة أن ليبيا غير ملتزمة بسقف إنتاج حتى تصل إلى 1.7 مليون برميل في اليوم، وكل هذا يعزز شهية الأوربيين نحو الدفع بحل سياسي يفضي إلى استقرار مستدام في ليبيا، لأنه في ظل الانقسام السياسي وتمدد المليشيات والمرتزقة والإرهاب والجماعات الإرهابية والإجرامية يصعب تدفق الاستثمارات لاستخراج مزيد من النفط والغاز الذي تحتاجه أوروبا في الأشهر والسنوات المقبلة.