الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

إدارة بايدن وقضايا الشرق الأوسط «مثل أوباما أو أسوأ قليلاً»

إدارة بايدن وقضايا الشرق الأوسط «مثل أوباما أو أسوأ قليلاً»

العقلية التي رأت أمريكا دولة مهيمنة ومحبة للخير حلت محلها عقلية غاضبة تراها معادية للعديد من الدول العربية.

قبل عقود عديدة، لم تكن النخب الحاكمة في العالم العربي تفهم الولايات المتحدة تماماً. أما اليوم فقد تغير الوضع. فهذا الشعور «بمعرفة ما تخطط له أمريكا وأنه ليس شيئاً جيداً» يسترشد به بقوة في صياغة السياسات من قبل الدول العربية، وإسرائيل على مدى الأشهر القليلة الماضية. أما الأمل البسيط في أن تكون إدارة بايدن«مثل أوباما وربما أفضل قليلاً» فقد استعيض عنه بعبارة «مثل أوباما ولكن أسوأ قليلاً»، وذلك وفقاً لألبرتو فرنانديز، نائب رئيس معهد الإعلام العربي في أمريكا. إن العقلية التي رأت أمريكا دولة مهيمنة، ولكنها محبة للخير حلت محلها عقلية غاضبة ترى أمريكا معادية للعديد من الدول العربية. ويرجع هذا في المقام الأول إلى المخاوف من تجديد الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، وهو الاتفاق الذي قد يفيد الولايات المتحدة، ولكنه بالتأكيد سيفيد ويمكّن إيران (وبالتالي روسيا). أما «الخاسرون» فهم الدول العربية (وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة)، وإسرائيل، بل وحتى تركيا. ففي حين ساعدت تركيا إيران على التهرب من العقوبات وكسب المال، فإنها تتنافس أيضاً ضد إيران في مجالات أخرى.

وأنه يمكن النظر إلى الكثير من النشاط الدبلوماسي والسياسي الأخير في المنطقة في سياق الاستعداد لـ«أسوأ سيناريو» لمواجهة أكثر حدة مع إيران ربما تتحول إلى حرب إقليمية مفتوحة في المستقبل القريب.ويرجع جزء من الدافع وراء الاتفاقيات الجارية إلى المخاوف بشأن العدوان الإيراني، وبالتأكيد من جانب دول الخليج المشاركة في هذه الاتفاقيات. إن محاولة إعادة تأهيل الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه تدور حول محاولة انتزاعه، قدر الإمكان، من القبضة الإيرانية. وربما كانت هذه قضية خاسرة، لكنها محاولة ترى الدول العربية أنها جديرة بالاهتمام. في السياق فإن الانفتاح (النسبي) من جانب السعودية، والإمارات، وإسرائيل لإصلاح العلاقات مع الرئيس التركي بعد أن واجه تحديات اقتصادية كبيرة، يمكن اعتباره أيضاً جزءاً من جهد لتشكيل حلفاء محتملين أو على الأقل حشد الصفوف في مواجهة التهديد الإيراني. كما أن الجهود الرامية إلى التواصل مع القيادة العراقية، وخاصة مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، منطقية أيضاً كجزء من جهد أكبر لتوحيد الصف العربي إلى أقصى حد ممكن قبل المواجهة مع إيران. لكن من المؤسف أن الكاظمي يتمتع بقدر ضئيل من النفوذ على المليشيات الإيرانية والعديد من العملاء المتغلغلين داخل البيروقراطية العراقية.

روسيا والصين

ويمكن النظر إلى التواصل مع روسيا والصين، حيث يجب مواجهة إيران التي تمتلك صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار وربما حتى قنبلة نووية بطريقة مماثلة ويمكن أن تكون كل من موسكو وبكين مفيدتين للدول العربية في هذا الصدد. حتى إن دعم بعض الدول العربية للنظام السوداني له بعد إيراني محتمل. هناك، على مستوى المنطقة ككل، أكثر من نفحة من أغسطس 1914 عندما تم ربط جزء كبير من أوروبا بتحالفات متشابكة ما أدى إلى تحول المواجهة في البلقان إلى حرب قارية كاملة. وفي حين تسعى الدول العربية وإسرائيل إلى تأمين التحالفات وتخفيف التوترات السابقة، سعت إيران إلى تعزيز القوة الهجومية لحلفائها على الخطوط الأمامية في غزة ولبنان واليمن والعراق.والأمل الآن بسبب حرب أوكرانيا والجشع الإيراني، هو ألا تحدث نسخة جديدة من خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 (JCPOA). وبالنسبة للإدارة الأمريكية التي أصبحت الآن مهووسة بإسقاط روسيا، فإن حقيقة أن الاتفاق الإيراني الجديد سوف يكافئ نظام بوتين أمر محرج للغاية، على الأقل علناً، نظراً للهستيريا الحربية التي تجتاح النخب الأمريكية. ربما كان عدوان بوتين في أوكرانيا سبباً عن غير قصد في منع إيران من تحقيق مكاسب اقتصادية غير متوقعة. ومن المؤكد أن ذلك قد أخر التوصل إلى اتفاق.

إقرأ أيضاً..خاص | تركيا تعرض على إسرائيل تحالفاً لـ«تغيير قواعد اللعبة»

لكن الشعور السائد في المنطقة هو أنه، بوجود خطة العمل الشاملة المشتركة 2 أم لا، فإن المواجهة مع إيران التي أصبحت أكثر جرأة بالفعل تكاد تكون حتمية وهي مواجهة مباشرة أكثر مما عرف في الحروب بالوكالة السابقة - ولا ينبغي لنا أن نعتبر أمريكا تقف بالكامل على الجانب الإسرائيلي/ العربي إذ سنرى شيئاً لم نره من قبل، وهو نوع من «الحرب العالمية الإقليمية» التي لا تنطوي فقط على الهجمات على أو من قبل الوكلاء ولكن بين مختلف الدول واللاعبين في نفس الوقت.الجميع يتحوطون، ويهيئون أنفسهم لصراع لم يتمكنوا بعد من فهم معالمه بالكامل. وتقترب تركيا من الدول العربية، حتى إنها دفنت قضية خاشقجي على أمل إقامة علاقة أفضل مع الرياض.وفي الوقت نفسه، تقترب قطر «الحليف الرئيسي من خارج الناتو» للولايات المتحدة الأمريكية، المتناقضة دائمًا، من إيران، حيث تستضيف قائد البحرية في الحرس الثوري الإيراني في خطوة وصفتها وزارة الخارجية بأنها «مخيبة للآمال للغاية».

كانت لدى دول عربية أخرى خيبات أملها بعد أن رفضت الولايات المتحدة إعادة النظر في إعادة الحوثيين اليمنيين إلى قائمة الإرهاب الأمريكي في أعقاب هجمات الحوثيين على أهداف مدنية في الإمارات والسعودية. من خلال هذه الإجراءات، أظهرت إيران قدرتها على شن حرب اقتصادية مزعزعة للاستقرار على كلتا الدولتين من خلال هجمات وكلائها.وأعربت كل من الدول العربية وإسرائيل عن مخاوفهما بشأن رفع الولايات المتحدة للعقوبات المفروضة على الحرس الثوري الإيراني، ولكن هذا ليس سوى جزء صغير من التنازلات العديدة المحتملة لصالح إيران المتوخاة في المحادثات النووية في فيينا.



والكتل المتنافسة محددة نسبيًا. من جهة إيران وحزب الله الذي يحكم لبنان وغزة والقوات الموالية لإيران في العراق واليمن وسوريا. ونظام الأسد موجود أيضًا في هذا المعسكر، لكنه قد يكون أضعف من أن يكون أكثر من ملاذ آمن للقوات التي تقودها إيران. ومن الواضح أن قطر تميل نحو هذا المعسكر، لكن من المرجح أن تتعثر في أي قتال حقيقي إذا وصلت المواجهة إلى تلك المرحلة. ويواجههم كتلة تضم إسرائيل والإمارات والسعودية والبحرين ومصر والأردن وقوى يمنية معارضة للحوثيين. ومن المحتمل السودان. وتركيا أيضًا احتمال، لكنها قد تنتظر تصعيد موقفها (ما لم تنجر حليفتها أذربيجان إلى حرب مع إيران). والدور الأمريكي غامض، ومن غير المرجح أن يتورط ما لم يتم مهاجمته بشكل مباشر، حيث من المحتمل أن تلعب إيران دوراً لإجبار الأمريكيين على الدخول في حرب يريدون تجنبها كما حدث مع اليابان وألمانيا عام 1941. وهذه هي المفارقة الكبرى إذا ما علمنا أن من مصلحة إيران أن يكون الأمريكيون من المتفرجين. يتم وضع الخطط من قبل كلا الجانبين. ولا يزال هدوء غريب يسود الآن خلال شهر رمضان، مع اقتراب عيد الفصح وعيد الفطر.