عبدالخالق عبدالله: ملف أوكرانيا يستحوذ على نحو 70% من اهتمامات واشنطن الحالية
عماد المديفر: شركاء أمريكا بالمنطقة يتحدثون إليها بشكل جماعي وليس فردياً
طارق فهمي: زيارة بلينكن تحمل رسائل طمأنة حول أمن المنطقة والخليج وإسرائيل
تأتي جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الشرق الأوسط، والتي بدأها من إسرائيل، في وقت يشهد العالم الحرب الروسية - الأوكرانية، والمباحثات النووية مع إيران، وتنامي قوة الصين، بخلاف مشكلات إقليمية وعالمية عديدة، وأكد خبراء ومحللون لـ«الرؤية»، أن واشنطن تحاول حشد أصوات مؤيدة لها في مواجهة روسيا، لكنه أمر مستبعد خصوصاً في ظل تمسك الدول العربية بمبدأ الحياد السياسي وعدم الانحياز لأي طرف ضد الآخر.
اهتمامات أمريكا
و يرى أستاذ العلوم السياسية الإماراتية، الدكتور عبدالخالق عبدالله، أن الولايات المتحدة مشغولة بملفات عديدة وقضايا مهمة؛ على رأسها الحرب في أوكرانيا، والدفاع عن أوروبا، وهزيمة روسيا في هذه المعركة المصيرية، ليس لأوكرانيا وحدها لكن للنظام العالمي وحلف شمال الأطلنطي «الناتو» والغرب، ولهذا يمكن القول إن ملف أوكرانيا يستحوذ على نحو 70% من اهتمامات واشنطن الحالية. وأضاف: «كما تشمل الاهتمامات الأمريكية أيضاً، الخلافات الاستراتيجية مع الصين، التي تحمل أبعاداً مستقبلية لترتيب عالم متعدد الأقطاب، بعد أن كان العالم حتى وقت قريب أحادي القطب، ثم يأتي توقيع الاتفاق النووي مع إيران في المرتبة الثالثة من الاهتمامات الأمريكية».
وتابع: «ملفات الشرق الأوسط، وقضايانا، وأمن الخليج، لا تستأثر على الاهتمام الأمريكي الضخم، وليست على رأس الاهتمامات في ظل هذه الانشغالات، ورغم هذا، جاء بلينكن لزيارة إسرائيل والجزائر والمغرب، وشركاء واشنطن في المنطقة، وتحديداً دول الخليج». وأشار إلى أن الجولة تأتي ضمن محطات سريعة عابرة، وليست محطات رئيسية، وربما مجرد إطلاع للشركاء على ما يشغل واشنطن في الوقت الحاضر، وطلب مواقف داعمة للولايات المتحدة في الشأن الأوكراني، وجهد لإطلاع الشركاء السياسيين في المنطقة على تفاصيل الاتفاق النووي الإيراني وما بعده، بعد أن أصبح تحصيل حاصل.
إقرأ أيضاً..ورقة الروبل.. هل يستطيع بوتين المناورة للضغط على الغرب؟
الحياد العربي
واستبعد عبدالله، نجاح بلينكن في حشد أصوات عربية ضد روسيا، فالموقف العربي واضح، وهو رفض التصعيد من حيث المبدأ أخلاقياً، لكن مع الحفاظ على الحياد فنحن لا نود لدولنا أن تزج بنفسها في صراع لا يخصها. وأوضح أن الحياد هو أفضل قرار تتخذه الدول العربية، لأننا لسنا طرفاً في الحرب الروسية مع الغرب، لافتاً إلى أن هذا الحياد يفتح الطريق أمام دولنا العربية، للقيام بدور الوساطة، وهو دور يمكن أن تضطلع به الإمارات، نظراً لعلاقاتها الطيبة مع كل الأطراف.
أهداف جولة بلينكن
من ناحيته قال الكاتب والباحث السعودي المتخصص في العلاقات الدولية عماد المديفر، إن اجتماع بلينكن، مع وزراء خارجية كل من الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والمغرب ومصر والبحرين في صحراء النقب، يعد مؤشراً قوياً على تطور العلاقات العربية الإسرائيلية، وهي المحطة الأولى في رحلة ستقوده أيضاً إلى الضفة الغربية والجزائر والمغرب. وأضاف المديفر: «جولة بلينكن تستهدف بالإضافة لحشد الدعم لأوكرانيا؛ ملفين آخرين هما محاولة تهدئة مخاوف إسرائيل والدول العربية بشأن الاتفاق النووي الوشيك «سيئ السمعة» مع إيران، ومناقشة النقص العالمي المحتمل في القمح الناجم عن الحرب في أوكرانيا، والذي يمكن أن يسبب أزمة في الشرق الأوسط المعتمد بشدة على استيراد القمح».
إقرأ أيضاً.. تقدير موقف | الحرب في أوكرانيا تؤسس لمرحلة «لا مكان للحياد»
مرحلة جديدة
وتابع: "لا شك أن دلالات توقيت عقد هذا الاجتماع الدبلوماسي في إسرائيل، يؤشر على أنها بدأت جني ثمار اتفاقيات إبراهيم للسلام، التي تم التوقيع عليها قبل عامين، وبدء عملية إعادة تنظيم عميق للشرق الأوسط، ونتمنى أن تجني الدول العربية أيضاً مكاسبها، لا سيما في أمن واستقرار المنطقة الملتهبة بسبب ممارسات نظام إيران المزعزعة للأمن والاستقرار والداعمة للميلشيات الإرهابية. وأشار إلى أن هذا الاجتماع الذي يشارك فيه لأول مرة عدد كبير من المسؤولين العرب والأمريكيين والإسرائيليين، على الأراضي الإسرائيلية في وقت واحد، يعد دليلاً على قبول إسرائيل من قبل العرب، كما يشير إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط على وشك دخول مرحلة جديدة، إضافة إلى إظهار أن شركاء أمريكا في المنطقة يتحدثون إليها بشكل جماعي وليس بشكل فردي.
رسائل طمأنة
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي، أن جزءاً كبيراً من زيارة بلينكن للشرق الأوسط تخص إيران، وهي في الغالب رسائل طمأنة حول أمن المنطقة والخليج وإسرائيل، وليس فقط الحديث عن الترتيبات الأمنية المتعلقة بروسيا والحرب الأوكرانية. وقال فهمي: «الملف الأساسي هو ترتيبات ما بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، خصوصاً وسط حالة التخبط التي يعيشها العالم، ثم يأتي الحديث بعد ذلك عن الارتدادات المتعلقة بالأزمة الروسية، ومحاولة حشد أكبر دعم من الأصوات العربية والإقليمية المؤيدة للغرب». وأوضح: «أبرز ما سيتم طرحه من ملفات سيتركز حول التداعيات السلبية على أمن المنطقة بعد الاتفاق النووي مع إيران، ثم محاولة إقامة معسكر أو تيار داعم لأمريكا في المنطقة».
واستبعد فهمي نجاح جولة وزير الخارجية الأمريكي؛ لأنها لا تحمل سوى رسائل وتطمينات، وليس وثيقة عمل ملزمة، لافتاً إلى أن ضعف الإدارة الأمريكية الحالية وإخفاقها في عدد من الملفات يدفعها نحو العمل الجاد للحفاظ على أكبر عدد من المؤيدين في المنطقة.