التوصل لاتفاق يتم تصويره على أنه انتصار أمريكي رغم أنه «هزيمة استراتيجية»
مسؤول روسي: إيران حصلت على أكثر مما يمكن أن تتوقعه في الصفقة
مساومات اللحظة الأخيرة: طهران طلبت إزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب
إيران لم تسمح لأمريكا بالدخول إلى غرفة المفاوضات ووافقت إدارة على ذلك
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، مقالا كتبه الكاتب بريت سيفنز، حول الصفقة المتوقعة، بين إيران والغرب، من أجل العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، أو ما يعرف بالاتفاق النووي المبرم بين طهران والغرب عام 2015، الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018.
ضرورة ملحة
وذكرت الصحيفة أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تحتاج بصورة ملحة إلى التوصل لاتفاق جديد مع طهران، التي تمضي في تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية، قبل نحو عام تقريباً، بشكل يجعلها تقترب من إنتاج القنبلة النووية، أو على الأقل الاقتراب من ذلك، لذا ظهرت إدارة بايدن في عجلة من أمرها للوصول لصفقة جديدة تفرض قيوداً على تخصيب إيران لليورانيوم، لإبعادها عن العتبة النووية، وهو ما يفسر إصرار الإدارة الأمريكية على التوصل إلى الصفقة.
روسيا والصين
وأشارت الصحيفة إلى الاختلاف على المسرح الدولي، في اللحظة الراهنة، مقارنةً بنحو عام سبق، نظراً لأن كل من الصين وروسيا، من الأطراف الرئيسية في خطة العمل الشاملة المشتركة، كما أن مفاوضات فيينا ليست «أفضل ما تتمناه واشنطن». وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة تعيش في عالم تغير كثيراً، ودللت على هذه التغيرات برفض المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، الرد على مكالمات الرئيس الأمريكي جو بايدن، وسط أكبر أزمة جيوسياسية في القرن الحالي، لذا فربما تحتاج الإدارة الأمريكية إلى التفكير بعناية كبيرة، في التداعيات المتوقعة حال إبرام صفقة جديدة، قبل التوقيع عليها.
إقرأ أيضاً..خاص | قمة الناتو.. مواجهة روسيا في أوكرانيا بـ«أسلحة سريَّة»
تغير العالم
ووفقاً للصحيفة فإن ما تم تسريبه يشير إلى الانتهاء من الصفقة على الأرجح، باستثناء مساومات اللحظة الأخيرة، التي تركزت حول طلب طهران إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، وإزالة العقوبات المفروضة عليه، بينما تقول أمريكا أنه مسؤول عن قتل مئات الأمريكيين.
الأزمة الأوكرانية والاتفاق الإيراني
ومضت الصحيفة تقول أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، أجاب على سؤال في وقت سابق من مارس الجاري حول تأثير الأزمة الأوكرانية على المفاوضات النووية، وقال «هذه الأشياء مختلفة تماماً، وليست مرتبطة ببعضها البعض، بأي شكل من الأشكال». إلا أن الحقيقة يوجد ارتباط بين الحرب الأوكرانية، والاتفاق النووي الإيراني، ارتباط تكتيكي واستراتيجي، فالولايات المتحدة ما زالت حتى اللحظة، لا تتفاوض بشكل مباشر مع طهران، حيث لم يسمح الإيرانيون للأمريكيين بالدخول إلى غرفة المفاوضات، ووافقت الإدارة الأمريكية على ذلك، وتعتمد في التفاوض على الوسطاء.
مكاسب موسكو وبكين
وتطرقت الصحيفة إلى دور الصين وروسيا، باعتبارهما وسطاء في مفاوضات فيينا، ونقلت عن كبير الدبلوماسيين الروس في المفاوضات، ميخائيل أوليانوف، قوله في وقت سابق من الشهر الجاري «أقول وبكل إخلاص، أن إيران حصلت على أكثر مما يمكن أن تتوقعه.. أكثر من ذلك بكثير.. وكان أصدقاؤنا الصينيون مفاوضين مشاركين بشكل فعال ومفيد للغاية».
وأضافت أن المسؤول الروسي قد يكون يبالغ في تلك التصريحات، إلا أن الحقيقة هي أنه مع الاتفاق الجديد، أو حتى بدونه، فإن موسكو ستكون قادرة على بناء محطات طاقة نووية في إيران، بغض النظر عن العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب في أوكرانيا، كما أن بكين التي وقعت في عام 2021 على اتفاق للشراكة الاستراتيجية مع طهران لمدة 25 عاما، بقيمة 400 مليار دولار، ستكون قادرة هي الأخرى على إدارة أعمالها المربحة مع إيران، بينما تعامل بقليل من الاهتمام مع العقوبات الأمريكية. وبالطبع، فإن كلا من الصين وروسيا، قد وقعا على اتفاق الصداقة «بلا حدود»، في شهر فبراير الماضي، بين الرئيسين فلاديمير بوتين، وشي جين بينغ، وتأتي صفقة الاتفاق الإيراني، كخطوة أخرى نحو اتفاق ثلاثي جديد بين طهران وموسكو وبكين.
إقرأ أيضاً..«عقبة الضمانات».. أوكرانيا تستعد لحسم المفاوضات مع روسيا
إيجابيات وسلبيات الاتفاق
ولفتت الصحيفة إلى ما وصفته بالجوانب الإيجابية في الاتفاق المنتظر، موضحة أن بلينكن وعد في العام الماضي، بالتوصل إلى اتفاق يتميز بكونه «أطول وأقوى»، موضحاً أن واشنطن ستسعى إلى مد فترة بعض الأمور التي كانت على وشك الانتهاء في العقد المقبل، وفقاً لبنود الاتفاق القديم، بالإضافة إلى وضع قيود على اختبار إيران للصواريخ الباليستية. ومضت الصحيفة تقول أنه ليس من الواضح – حتى الآن- أن الصفقة الجديدة، ستحقق ما وعد به بلينكن، إلا أن الصفقة يبدو أنها ستطيل من المدة التي تحتاجها إيران للحصول على ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ( تُقدر بحوالي 3 أسابيع إلى نحو 6 أشهر)، وإنشاء نظام تفتيش نووي، وإعطاء الدبلوماسية المستقبلية المزيد من الوقت للعمل، وإحباط حدوث أزمة نووية في الشرق الأوسط في الوقت الحالي، بينما ينصب اهتمام العالم على أوكرانيا، كما ستؤكد واشنطن على أن جميع الخيارات مطروحة إذا اختارت إيران صنع القنبلة النووية.
تجاهل المكالمة الهاتفية
واعتبرت الصحيفة أنه لا يوجد أحد في منطقة الشرق الأوسط، يؤمن بأي ضمانات أمنية أمريكية، وربما كان ذلك هو السبب في تجاهل مكالمة بايدن الهاتفية. ومضت بالقول أنه قد يبدو التوصل إلى اتفاق مع إيران كما لو كان ضربة البداية، ويتم تصويره على أنه انتصار دبلوماسي لوزارة الخارجية، إلا أنها هزيمة استراتيجية، لأنه في الواقع ليس إلا تأجيل وتعطيل لأزمة المستقبل، في مقابل تعزيز خصومنا في الوقت الحاضر.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران هاجمت العراق بصواريخ باليستية في وقت سابق، كما شنت من خلال وكلائها من الحوثيين، ضربات صاروخية، وهجوم بالطائرات المسيرة على أعيان مدنية أبو ظبي، ما يثير تساؤلاً حول ما الذي يمكن أن يتوقعه جيران إيران منها، عندما تنتعش خزائنها بعائدات نفطية تبلغ عشرات المليارات من الدولارات؟ بالإضافة إلى رفع العقوبات المفروضة عليها.
إقرأ أيضاً.. «خوفاً من مصير أوكرانيا».. دول البلطيق تطالب بتواجد الناتو على أراضيها
وأكدت الصحيفة أنه رغم أن الإدارة الأمريكية، ومن لديها من أًصدقاء ينفون، أن التحدي الجيوسياسي الرئيسي الذي تواجهه الولايات المتحدة اليوم، هو التصور الذي بات لدى الجميع، سواء الأصدقاء أو الأعداء، بأن أمريكا تعاني من الضعف، والخوف والتشتت والانقسام.
واعتبرت الصحيفة أن المقاومة الأوكرانية ضد روسيا، مدعومة بالمساعدات العسكرية الأمريكية وقوة العقوبات، عملت على تغيير هذا التصور إلى حد ما، لكن واشنطن ما زالت بعيدة عن تحقيق أي نوع من الانتصار هناك، ناهيك عن السيطرة على المحور الجديد (موسكو وبكين وطهران).