الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

أمام مجلس الأمن.. أبو الغيط: النظام العالمي يمر بـ«منعطف تاريخي»

أمام مجلس الأمن.. أبو الغيط: النظام العالمي يمر بـ«منعطف تاريخي»

أحمد أبو الغيط أمام مجلس الأمن

طالب المجتمع الدولي بعدم نسيان أزمات المنطقة العربية في خضم الحرب الأوكرانية

المليشيات الحوثية ترفض مبدأ التفاوض والتسوية السياسية وتلجأ لتهديد الجيران

شبح الانقسام يعود ليُطل من جديد في ليبيا وسط استمرار تواجد المليشيات

أعرب أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن خشيته من أن يتم نسيان أو تجاهل أزمات المنطقة العربية في وسط هذا الوضع الدولي المتوتر، فهذه الأزمات لن تجد طريقها للحل من تلقاء نفسها، بل ربما يزيدها هذا الوضع الدولي اشتعالاً وتعقيداً، موضحاً أن المنطقة العربية ما زالت تُعاني تبعات الهزة الكبرى التي تعرضت لها في عام 2011، وثمة صراعات ما زالت مشتعلة في داخل الدول، مثل سوريا وليبيا واليمن، مع كل ما يفرضه ذلك من كلفة إنسانية، واستنزاف اقتصادي، وتهديد للأمن الإقليمي في منطقتنا.

تغير النظام العالمي

وفي كلمته أمام مجلس الأمن حول التعاون بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية، الأربعاء، قال أبو الغيط إن النظام العالمي يمر بمنعطف تاريخي ربما يكون الأخطر منذ انتهاء الحرب الباردة، حيث يتصاعد الصراع بين القوى العالمية على نحوٍ ينذر بمخاطر عديدة، أمنية وسياسية واقتصادية وغيرها.

وأعرب أبو الغيط، عن أسفه، جراء هذا الوضع الدولي المتوتر، متمنياً أن تتمكن القوى الدولية من التوصل إلى حلول وتسويات تحقق مصالح جميع الأطراف بما يحقن الدماء وبما يحقق متطلبات الأمن للجميع في ظل الالتزام بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وحسن الجوار، وبما يقي العالم من تداعيات كارثية على اقتصادات الدول النامية أو المستوردة للغذاء والنفط.وتمنى أبو الغيط، ألا يكون لهذا الوضع التصادمي الكبير آثاراً سلبية على تناول مجلس الأمن للقضايا والأزمات على مستوى العالم عموماً وعلى مستوى المنطقة العربية على وجه الخصوص.

إقرأ أيضاً..نص بيان الإمارات في مجلس الأمن حول «الحالة في الشرق الأوسط وفلسطين»

المعاناة الفلسطينية

كما أوضح أن التطورات على الساحة الدولية جعلت الكثيرين في المنطقة العربية ينظرون إلى معاناة الشعب الفلسطيني بعينٍ جديدة، إذ امتدت هذه المعاناة لما يزيد على السبعين عاماً، ما بين القمع واللجوء وانتهاك الحقوق والحريات، من دون أفق حقيقي للحل.

ولفت إلى أن مجلس الأمن أقر مبدأ «الأرض مقابل السلام» وصيغة الدولتين كأساس لحل الصراع التاريخي في فلسطين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة وطن مستقل للفلسطينيين يعيشون فيه بسلام جنب إلى جنب مع دولة إسرائيل على حدود الرابع من يونيو 1967، ولكن ما زال الطرف القائم بالاحتلال يراوغ ويرفض الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجانب الفلسطيني على أساس المحددات المُقررة دولياً وأممياً، وذلك برغم النداءات التي أطلقها الرئيس الفلسطيني أمام هذا المجلس في الأعوام 2018 و2020 وأمام الجمعية العامة في 2021، ومطالبته السكرتير العام بعقد قمة تحت رعاية الأمم المتحدة لإطلاق المفاوضات المباشرة.

وأشار، إلى أن النظام الدولي، كما نتصوره ونصبو إليه، لا يُمكن أن يقوم على المعايير المزدوجة أو التمييز، ولذلك فإننا نطالب كل القوى الدولية أن تتحمل مسؤولياتها التي ألزمها بها ميثاق الأمم المتحدة في التعامل مع كل القضايا والأزمات بمسطرة واحدة من فرض احترام القانون الدولي ومبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.

الأوضاع في سوريا وليبيا

وأضاف، أن الوضع في سوريا يمر بحالة من التجميد، مع تعطل المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، وتدهور حاد للوضع الاقتصادي والمعيشي للسوريين في أنحاء البلد كافة، سواء في المناطق التي يُسيطر عليها النظام، أو تلك التي تتحكم فيها قوى أخرى، موضحاً أن هذا الوضع ليس قابلاً للاستمرار، لأنه ينطوي على معاناة غير محدودة للملايين من السوريين، ولدينا تخوف حقيقي من احتمالات تأثير الصدام الدولي الحالي وارتداداته السلبية على الساحة السورية.

وفي ليبيا، أوضح أبو الغيط، أن شبح الانقسام يعود ليُطل من جديد، في ظل استمرار تواجد المليشيات والقوات الأجنبية والمرتزقة التي توافقنا جميعاً على ضرورة رحيلها عن البلاد في مؤتمري برلين 1 و2، و بدعم مجلس الأمن، مؤكداً أن التدخل الأجنبي في الأزمة الليبية يُسهم في تعقيدها وتصلب مواقف أطرافها، وإطالة أمدها، مشيراً إلى رغبة العرب في رؤية الشعب الليبي قادراً على أن يختار بحرية ممثليه عبر صناديق الاقتراع في انتخابات نزيهة، ومستعدون للمشاركة في مراقبتها في أقرب وقت ممكن.

إقرأ أيضاً..تحليل إخباري | قمة شرم الشيخ.. رسائل مباشرة عابرة للقارات

المليشيات الحوثية ترفض التسوية

وتابع، أن الوضع في اليمن في تدهور مستمر، فما زالت المليشيات الحوثية ترفض مبدأ التفاوض والتسوية السياسية للأزمة، وتلجأ عوضاً عن ذلك لتهديد الجيران في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالمسيرات والصواريخ الباليستية، مشيداً بقرار مجلس الأمن 2624، الذي جرى اعتماده بجهد واضح من الإمارات العربية المتحدة، والذي فرض المزيد من العقوبات على الحوثيين، مع تصنيفهم كمنظمة إرهابية، مؤكداً أن الحل السياسي يظل السبيل الوحيد لمعالجة الحرب في اليمن، وضمان تكامل التراب الوطني لهذا البلد، وعدم استخدامه كمنصة من قبل قوى إقليمية بعينها لتهديد جيرانه.

التدخلات الإيرانية

وقال إن التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية مستمرة من دون انقطاع منذ أكثر من عقد من الزمان، ولدى الدول العربية العديد من الشواغل حيال السياسة الإيرانية في الإقليم، خاصة في حال توصلها إلى اتفاق مع مجموعة (5+1) حول برنامجها النووي، الذي يُمثل تهديداً للأمن والسلم، في الإقليم والعالم.

وأكد ضرورة دعم الجهود كل في المؤتمر الاستعراضي القادم هذا العام لمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وفي المؤتمر الذي يعقد في الأمم المتحدة بهدف التوصل لاتفاقية لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، من خلال المزيد من الالتزام بهذا الهدف من جانب الدول النووية، وخاصة تلك الدول التي تبنت قرار عام 1995 حول الشرق الأوسط في مؤتمر تمديد ومراجعة المعاهدة.

وأوضح، إن السياسة الإيرانية ما زالت تمارس تدخلات غير مرحب بها في عدة دول عربية، كما يمثل برنامجها الصاروخي مصدر قلق مشروع للعديد من دول الجامعة، لافتاً إلى أن الدول العربية تسعى إلى علاقات حسن جوار مع إيران على أساسٍ من الاحترام المتبادل لسيادة الدول والامتناع عن التدخل في شؤونها، وفي إطار يُحقق الأمن للجميع في هذا الإقليم، لكن ما زال هذا الهدف، للأسف، بعيد المنال.

إقرأ أيضاً..بلينكن يزور فلسطين وإسرائيل الأسبوع القادم

تهنئة للإمارات

وهنأ أبو الغيط، دولة الإمارات العربية المتحدة، على توليها رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، معرباً عن خالص التقدير للدور المهم الذي تلعبه دولة الإمارات، بصفتها العضو العربي بالمجلس، ولاهتمامها بعقد هذه الجلسة وإعداد بعثتكم للورقة المفاهيمية المتميزة، كما أعرب عن خالص التقدير لأنطونيو غوتيريش، السكرتير العام للأمم المتحدة على اهتمامه المتواصل بتعزيز التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، والارتقاء به إلى آفاق أرحب تحقيقاً للسلم والأمن الدولي والإقليمي.

الجامعة العربية والأمم المتحدة

وأوضح أبو الغيط، إنه في الوقت الذي تحرص فيه الجامعة العربية على تعزيز آليات الشراكة مع الأمم المتحدة من خلال اجتماعات التعاون العامة، فإن الجامعة تطلع للمزيد من التعاون المتبادل مع مجلس الأمن في المجالات العديدة المنصوص عليها في البيانات الرئاسية رقم 5 لعام 2019 المعتمد تحت رئاسة دولة الكويت، ورقم 2 لعام 2021 المعتمد تحت رئاسة الجمهورية التونسية.

وتوجه بالشكر بوجه خاص للرئاسة الأيرلندية لمجلس الأمن لشهر سبتمبر 2021، على حرصها على تنفيذ ما تضمنه البيان الرئاسي الأخير، وعقدها جلسة وزارية خاصة ناجحة للمجلس على هامش الشق رفيع المستوى للجمعية العامة مع ترويكا القمة العربية على المستوى الوزاري.

ولفت إلى أن الجامعة تتطلع لاستمرار هذا التقليد مع الرئاسة الفرنسية للمجلس في سبتمبر 2022، وللاستمرار في تنفيذ كل ما ورد في هذه البيانات الرئاسية، بما في ذلك إتمام الزيارات الميدانية لمجلس الأمن إلى جامعة الدول العربية، وإيلاء المزيد من الاهتمام لمشاركة الشباب والمرأة في الجهود المشتركة لتحقيق السلم والأمن الدوليين، في إطار من الدعم المُقدر من الأمم المتحدة لقدرات الجامعة العربية في هذا المجال الحيوي، كما تتطلع الجامعة لاعتماد بيان رئاسي جديد نتيجة لهذا النقاش، وبما يكفل المزيد من تعزيز التعاون الدولي والإقليمي للتصدي للتحديات الإقليمية والدولية.

قمة المستقبل

وأشار إلى تطلع جامعة الدول العربية لانعقاد «قمة المستقبل» التي اقترحها السكرتير العام، في العام المقبل، مؤكداً استعداد الجامعة للقيام بدور فاعل في الإعداد لها ضماناً لمستقبل الأجيال القادمة مستقبل مشرق، مشدداً على تعهد الجامعة والتزامها بالدفع قدماً بهذه الشراكة الاستراتيجية بين مجلس الأمن والجامعة العربية وصولاً لأهدافنا المشتركة.