الاثنين - 25 نوفمبر 2024
الاثنين - 25 نوفمبر 2024

حوار | رئيس مركز الخليج للأبحاث: الشرق الأوسط يعاني اختلال«موازين القوى»

حوار | رئيس مركز الخليج للأبحاث: الشرق الأوسط يعاني اختلال«موازين القوى»

التدريبات العسكرية الخليجية تعزز جاهزية مجابهة التحديات.

  • استهداف الميليشيا الحوثيين للإمارات لا يحدث دون ضوء أخضر إيراني
  • قرار بايدن سحب تصنيف الحوثيين من قائمة الإرهاب «غير مدروس»
  • دول التعاون تراهن على القوة الخليجية الذاتية لحفظ موازين القوى
  • إطروحات الصين حول التقارب الخليجي الإيراني «غير مقبولة بالكامل»
  • العالم يعيش مرحلة انسياب إعلامي وفضاءات مفتوحة
  • يجب أن تنأى لبنان بنفسها عن مشروعات تمزيق الجسد العربي
  • طالبان تخضع للتجربة ومازلنا ننتظر منها التعامل بمنطق الدولة لا الحركة
  • تبادل المعلومات يقطع الطريق على توسيع وانتشار المعارك السيبرانية

استهداف ميليشيات الحوثي الإرهابية، مناطق مدنية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ضاعف من حجم المخاوف حول مستقبل المنطقة العربية، لاسيما وأن هذا التصعيد تزامن مع الحديث حول إعادة التموضوع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، للتفرغ لمجابهة التنين الصيني، الأمر الذي وضع العالم العربي في مواجهة تحدياته الإقليمية والدولية، في وقت تتغير مجريات الأحداث العالمية بصورة لحظية. تحديات عدة، تواجه العالم العربي، جعلت من توحيد البيت العربي أولا، والخليجي ثانياً فرض عين، في وقت لم تحظ التحديات الإقليمية بالاهتمام الدولي المطلوب، مع وجود تحديات تشغل أولويات اهتمام القوى العظمى.«الرؤية» وضعت هذه التحديات على طاولة الحوار مع رئيس مركز الخليج للأبحاث، الدكتور عبدالعزيز صقر، في محاولة لصياغة رؤية استراتيجية أمام صانع القرار العربي.



نبدأ.. من التصعيد الحوثي الأخير تجاه الإمارات والذي قابلته إدانة عربية بالإجماع.. ماهي قراءاتك لتلك الخطوة ؟



لا جدال على أن استهداف الميليشيات الحوثية لأبوظبي، ما كان له أن يحدث لولا ضوء أخضر إيراني، لأن الميليشيا الحوثية، لا تستطيع أن تتخذ قراراً مثل هذا بصورة منفردة، فهذا التصعيد يمثل استمرار في النهج العدواني من قبل إيران على دول الخليج، ما يناقض الروايات التي تشير إلى وجود تغير في سلوك إيران. وأعتقد أن محاولة نقل المعركة، أو استهداف الأبرياء في الإمارات أمر مرفوض كلياً، وحسنا فعلت حكومة الإمارات حينما قالت أن هذا الفعل لن يمر دون رد، كما أن المواقف العربية أو الخليجية جاءت صلبة في رفض وإدانة مثل هذا الفعل، وهو ما يبعث برسالة مهمة في التكاتف العربي أمام هذه الاعتداءات الإرهابية.


تحميلك إيران المسؤولية يعني بأن أي حديث عن تحسين العلاقات الخليجية الإيرانية بات لا محل له من الإعراب؟

الحقيقة أن الصين تواجه مشكلتين حقيقيتين فيما يتعلق بالملف الإيراني الخليجي، فهي ترتبط بعلاقات قوية مع الحكومة الشرعية في اليمن، ومن ثم لا يمكن لها دعم أو التقارب مع الحوثيين باعتبارهم جماعة متمردة أو انفصالية من وجهة النظر الصينية، والحوثيون بالنسبة للصين مثل الإيغور أو الروهينجا. الإشكالية الأخرى تتمثل في ارتباط الصين بعلاقات استراتيجية قوية مع إيران، ما يجهل من إطروحاتها في تقريب وجهات النظر بين الخليج وإيران غير مقبولة بالكامل، حيث لابد أن يكون الوسيط على مسافة واحدة من مختلف الأطراف.

يأخذنا هذا الرأي إلى ملف غياب الثقة بين إيران والخليج.. في اعتقادك كيف يمكن بناء هذه الثقة؟

دول التعاون الخليجي من حيث المبدأ تدعو للسلام، وتسعى لإقامة علاقة متوازنة وحسنة مع إيران، وهذا ما فعلته وتفعله السعودية، فالمملكة أبدت استعدادها واتخذت خطوات بناءة تجاه إيران، لأن المملكة ودول مجلس التعاون تؤمن بوجود إيران دولة جارة، ولا يمكن تغيير خريطة الجغرافيا، ولا تغيير الحقائق التاريخية على الأرض.والمطلوب من إيران الرد والتعامل بالمثل مع الدعوات السعودية والخليجية، وأن تنتهج سياسة معتدلة مع دول الجوار الخليجي طبقًا للأعراف الدولية، وطبقًا للتعامل البناء مع دول الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين، سواء كان ذلك بدافع ذاتي من حكومة طهران أو بمبادرات إقليمية أو دولية، المهم من إيران أن تتعاطى بإيجابية مع الدعوة للحوار البناء، والمهم الأفعال لا الأقوال في هذا الصدد.

الانفتاح العربي الإقليمي

بمناسبة التقارب مع إيران.. كيف تقيم الانفتاح العربي على القوي إقليمية؟

كما سبق الحديث عن ذلك في معرض الإجابة على السؤال السابق، دول مجلس التعاون الخليجي داعية وداعمة للسلام والاستقرار الإقليمي والدولي؛ سواء مع إيران أو تركيا أو غيرهما من جميع الدول الإقليمية والعالمية، وهي مستعدة للتعامل مع الجميع، وفق سياسة عدم تدخلها في شؤون الآخرين وعدم السماح للآخرين بالتدخل في شؤونها، وأنها مع علاقات متوازنة معتدلة قائمة على الاحترام المتبادل، وفقا لقواعد القانون الدولي، وهذا ما ينطبق على إيران وتركيا وكافة دول العالم.

نعود إلى الحوثيين.. هل تؤيد الأطروحات التي تحدثت عن خطأ القرار الأمريكي برفع الحوثيين من قوائم الإرهاب؟

من المؤكد أن قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن، بسحب تصنيف الحوثيين من قائمة الجمعيات الإرهابية جاء متسرعًا وغير مدروس، قد يكون جاء في إطار وعوده الانتخابية التي عادة يطلقها المرشح الرئاسي الأمريكي لكسب أصوات انتخابية، وهو يخاطب عامة الجمهور، أو ربما جاء هذا القرار في إطار سياسات الحزب الديمقراطي الأمريكي، وخبراته السابقة في المنطقة وتعامله مع قضاياها وحساباته في التعامل مع القضايا المتشابكة في منطقة الخليج، غير أنه بناء على المعطيات الراهنة، لابد من وقفة حاسمة من الولايات المتحدة، والمجتمع الدولي، لإيقاف الأنشطة الإرهابية التي تنفذها جماعة الحوثي، بدعم من إيران، ضد شعب محاصر ومسلوب الإرادة، تلك الأعمال يرفضها القانون الدولي، وعليه يجب أن تكون الأمم المتحدة ومجلس الأمن أكثر حزماً، وبالطبع يجب أن تفعل ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وتعيد قراءة سياساتها تجاه جماعة الحوثي، التي تحولت إلى أداة عدم استقرار في المنطقة.

هل يمثل الإجماع العربي على ضرورة إدارج الحوثيين ضمن قوائم الإرهاب وسيلة ضغط على المجتمع الدولي للإسراع في اتخاذ هذا القرار؟

النظام الدولي الذي تشكل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أخذ على عاتقه حماية الأمن والسلم الدوليين، وفي مقدمة منظماته الأممية، منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، لكن تظل الأمم المتحدة الأكثر تأثيرًا، نظرًا لما لديها من صلاحيات، تستطيع إجبار المتعسف والمعتدي على التوقف عن اعتداءاته، ومنها استخدام القوة، تحت الباب السابع، وهذا ما تفتقده جامعة الدول العربية مثلًا. وهنا يجب على جميع المنظمات الإقليمية التدخل والرفع للمنظمة الدولية وحثها على التدخل الفعال والمؤثر لإنهاء هذه الأزمة، بأبعادها المختلفة، منها إنهاء معاناة الشعب اليمني، وإنهاء الاعتداءات على دول الجوار اليمني، خاصة أن هذه الاعتداءات متكررة ومستمرة وبدون رادع.

التحول من العولمة للأقلمة

من الملف اليمني إلى التحولات العالمية.. هل العالم على اعتاب التحول من العولمة لـ«الأقلمة»؟

في العالم مسارات متداخلة ومتوازية ومتقاطعة، لا يمكن الفصل بينها بشكل مطلق أو قاطع، كل إقليم له طبيعته وخصوصيته ومشاكله وتحدياته وظروفه ومكوناته البشرية والاقتصادية، واحتياجاته التنموية، وتوجهاته السياسية، بالإضافة إلي تكتلاته وانتماءاته الأيدلوجية والفكرية والعقائدية والعسكرية، وغير ذلك من سمات كل إقليم، في مقابل العولمة التي فرضتها طبيعة العصر الحديث، وهي تمضي في طريقها بالتوازي مع الإقليمية.

العالم يعيش مرحلة انسياب إعلامي وفضاءات مفتوحة وحركة غير مسبوقة من الاتصال والتواصل بين جميع أقاليم العالم بدون حواجز، وكذلك حرية وسهولة انتقال السلع والبضائع وأيضا البشر، وعليه لا يمكن العودة إلى «الأقلمة»، غير أنه لا يمكن تجاوزها وعدم الاعتراف بوجودها، الأمر الذي ينطبق على قطار العولمة الذي لا يمكن إيقافه والتصدي له، لذا أري ضرورة أن يتعايش العالم مع مكوناته وظروفه ومعطيات العصر المتمثلة في الخصوصية المحلية، المعطيات الإقليمية، والعولمة.

ماذا عن توقعاتك للخريطة السياسية في المنطقة مع بدء الانسحاب نسبي لأمريكا؟

منطقة الشرق الأوسط تعاني من اختلالات في موازين القوى، وهذه الاختلالات ستكون أكثر خطورة إذا تملكت إيران السلاح النووي، لاسيما مع انسحاب القوات الأمريكية الموجودة في المنطقة، وفي منطقة الخليج نجد أن دول مجلس التعاون تراهن على القوة الخليجية الذاتية المشتركة والموحدة لملء الفراغ الاستراتيجي وحفظ موازين القوى، وبالفعل بدأت دول مجلس التعاون في اتخاذ خطوات جادة لتحقيق ذلك، خاصة بعد قمتي العلا والرياض في العام الماضي.

بمناسة نووي إيران..هل سيتم التوصل إلى اتفاق دائم بين طهران والغرب ؟

كل من إيران والأطراف الأخرى المشاركة في المفاوضات تريد تحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب الآخر، كما أن إيران تريد المماطلة والتسويف لإطالة زمن المفاوضات لتحقيق مكاسب فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم من حيث الكمية أو درجة التخصيب، لكن هناك حالة من التشاؤم خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي حول النتائج النهائية لهذه المفاوضات التي تبدو طويلة ومتعثرة، والخاسر فيها منطقة الخليج في المقام الأول.

العلاقات السعودية- اللبنانية

لبعض يري أن هناك من يتعمد إطلاق تصريحات للإضرار بالعلاقات السعودية- اللبنانية.. فما تقييمك لتلك العلاقات حاليا؟

المملكة العربية السعودية وقفت إلى جوار لبنان طيلة التاريخ، وتسانده دائما للخروج من أزماته، ولعل مؤتمر الطائف في عام 1989م، هو خير برهان على دور المملكة في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية، وهناك الكثير من المواقف الداعمة للأشقاء في لبنان، ونأمل ألا تتخذ بعض الدول الأخرى لبنان لتكون منصة لخروج التصريحات والسياسات المعادية، وكذلك نأمل أن تنأى لبنان بنفسها عن المشروعات الإقليمية ذات الأجندات التي تستهدف تمزيق الجسد العربي، ونحن مع لبنان المستقل، وأحد دول المنظومة العربية ودولة رائدة في الثقافة والفن والإبداع كما كانت.

طالبان وأفغانستان

ماذا عن سبل تأمين الدول العربية من خطر اشتعال بؤرة إرهابية جديدة في أسيا الوسطي؟

منذ بداية استيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان، بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي من هناك، دعت السعودية، حركة طالبان، إلى ضرورة الاستفادة من دروس الحركة في السابق، ودعتها للتعامل بإيجابية، وإلى الحكم الرشيد وإلى التعامل كحكومة مع الشعب الأفغاني ومع المجتمع الدولي وليس كحركة إسلامية، واحترام الإرادة الشعبية والعلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل، وعدم إيواء جماعات الإسلام السياسي أو الجماعات الإرهابية الجهادية، كما حدث في مرحلة حكم طالبان الأولى.وفي ظني أن طالبان تخضع للتجربة الآن ومازلنا ننتظر منها التعامل بمنطق الدولة لا منطق الحركة، وفي النهاية على الدول العربية والإقليمية، أن تتخذ الإجراءات التي تحمي أمنها الوطني، والتعامل مع بقية الدول لتحقيق الأمن الإقليمي والدولي.

كثيرون تحدثوا عن الضوء الأخضر من السعودية لإعادة سوريا للبيت العربي.. فهل يحدث ذلك قريبا؟

المملكة العربية السعودية، مع الدول العربية الشقيقة، في الوقوف مع الشعب السوري، وتؤيد وحدته واستقلاله وسيادته، على كامل أراضيه، وعندما ترى الدول العربية أن الوقت مناسب لعودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، لن ترفض المملكة العربية السعودية الاجماع العربي، ولن تقف حجر عثرة في طريق عودة سوريا، إنما القرار هو قرار عربي جماعي، وليس قرار دولة بمفردها.

تحديات الأمن القومي لم تعد جيوسياسية فقط، هناك حروب سيبرانية..كيف يمكن مواجهة ذلك؟

أفضل الطرق هو التعاون بين الدول العربية وغيرها من دول العالم، وتعاون دول مجلس التعاون الخليجي فيما بينها، المزيد من التعاون وتبادل المعلومات، يقطع الطريق على توسيع وانتشار المعارك السيبرانية والاختراقات وتسريب المعلومات، كما يجب على كل دول المنطقة تطبيق المزيد من إجراءات الأمن السيبراني.

التفاهم بين أعضاء أوبك

كيف ستواجه الأوبك التحديات الجيوسياسية التي يواجهها أعضائها؟

أعتقد أهم ما تقوم به منظمة أوبك هو الحفاظ على التفاهم بين دول المنظمة، والحفاظ على معدلات الإنتاج التي يتم الاتفاق عليها، مع دوام التشاور من إيجاد التوازن بين الإنتاج والأسعار مع الحفاظ على أسعار مناسبة للمنتجين والمستهلكين معًا، تراعي استمرار معدلات النمو في الدول المستوردة والدول المنتجة.