تتفق جميع المواثيق والأعراف الدولية سواء القانونية منها أو الأخلاقية على حق دولة الإمارات العربية المتحدة في الدفاع عن النفس بعد الهجوم الإرهابي الذي نفذته مليشيات الحوثي الإرهابية على أهداف مدنية في أبوظبي، ليس فقط وفق مبدأ الرد بالمثل المعروف في العلاقات الدولية، لكن أيضاً بموجب المادة 51 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والتي تعطي الحق الكامل لدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية للرد وبقوة على هجمات الحوثي التي طالت أهدافاً مدنية ومدنيين في البلدين، فقد أشارت المادة 51 بوضوح كامل إلى حق الدول الأعضاء في مجلس الأمن للرد على الهجمات التي يقوم بها طرف آخر عندما نصت هذه المادة على ذلك بالقول «ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجس لالأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس - بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق - الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه».
كيف يمكن تفعيل مبدأ الدفاع عن النفس
هذا النص الواضح في ميثاق الأمم المتحدة هو الأساس القانوني الذي يعطي دولة الإمارات وأشقاءها في التحالف العربي، وبدون أي شروط «اتخاذ كافة التدابير ليس فقط للرد على هذه العمليات التي قام ويقوم بها الحوثي ضد البلدين، بل يكفل للإمارات والتحالف العربي العمل على منع تكرار تلك الهجمات عبر كافة الأساليب السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهو ما يستوجب أن يتحدث المجتمع الدولي بصوت واحد سواء في دعمه الكامل وغير المشروط لدولة الإمارات أو في الإدانة الكاملة وغير المنقوصة لكافة أعمال المليشيات الحوثية ضد دول الجوار، وهو الأمر الذي تشدد عليه البعثة الإماراتية بالأمم المتحدة عندما طالبت مجلس الأمن للتحدث بصوت واحد والانضمام إلى الإدانة الحازمة والقاطعة لهذه الهجمات الإرهابية التي شنت في تجاهل تام للقانون الدولي.. فكيف يمكن تفعيل مبدأ الدفاع عن النفس ضد كل ما يقوم به الحوثي في المنطقة ؟ وما هي الآليات والأدوات التي يتحقق من خلالها للإمارات ودول التحالف العربي مبدأ» الدفاع عن النفس "؟
إسكات مصادر الهجوم
بعد الهجوم الإرهابي الحوثي على أبوظبي يحق لدولة الإمارات «إسكات» جميع مصادر النيران التي بدأ منها الهجوم على الإمارات سواء كانت مخازن أو ورش لتجميع وتصنيع الطائرات المسيرة أو منصات لإطلاق صواريخ كروز أو الصواريخ البالستية التي تنطلق من أي بقعة في الجغرافية اليمنية إلى أي دولة من دول الجوار، ولهذا كافة عمليات الرد التي يقوم بها طيران التحالف العربي ضد تجمعات الحوثي ومخابئ الدرونز يسمح بها بل ويشجعها القانوني الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وخاصة ما جاء في المواد من 39 حتى 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تعطي الدولة التي تتعرض للهجوم كافة الحقوق وبما تراه من وسائل وأدوات للرد على مصدر النيران وإسكاتها حتى لا تتكرر مثل هذه الهجمات، خاصة أن هجمات الحوثي دائماً على أهداف مدنية وكان جميع ضحاياها من المدنيين، وهذا يزيد من حق الدولة التي تتعرض للهجوم «الإمارات» في الرد على الطرف المعتدي
تجفيف منابع الصواريخ والدرونز
حق الرد والدفاع عن النفس بالنسبة لدولة الإمارات لا يتوقف على الرد على مصادر النيران فقط بل يمتد إلى منع تكرار مثل هذا الهجوم في المستقبل عبر العمل مع دول التحالف العربي أو مع الدول الصديقة على منع وصول السلاح والذخيرة الي الحوثي، وخاصة الصواريخ والطائرات المسيرة التي تستخدم في استهداف دول الجوار، فالمؤكد أن استمرار تدفق هذا النوع من الأسلحة يعني استمرار الحوثي في استهداف المدنيين والمنشآت المدنية في دول الجوار، خاصة أن كل التقارير الدولية تنفي مزاعم الحوثي بأنه يصنع ويطور الأسلحة في الداخل، وكثير من تلك التقارير تؤكد أن السلاح يأتي للحوثي من الخارج عبر مسارات تهريب باتت معروفة خاصة أن غالبية الأسلحة التي يستخدمها الحوثي لم تكن موجودة لدى الجيش اليمني قبل 21 سبتمبر 2014 عندما سيطرت المليشيات الحوثية على كل مخازن الجيش اليمني، وبعيداً عن العمليات الكثيرة التي يعلنها التحالف العربي عن اعتراض وتدمير شحنات أسلحة كانت في طريقها للحوثيين، فإن كل التقارير الدولية تؤكد أن جميع مكونات الصواريخ البالستية وصواريخ الكروز والطائرات المسيرة تأتي من الخارج، وفق ما قاله تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع لمجلس الأمن في 8 يوليو 2020
ووثق فريق الخبراء الدوليين التابع للأمم المتحدة في هذا التقرير أنواع الطائرات المسيرة التي يشتريها الحوثي من الخارج عندما قال «»باتت جماعة الحوثي تستخدم نوعاً جديداً من الطائرات المسيرة من طراز (دلتا)، إضافة إلى (نموذج جديد) من صواريخ كروز البرية»... وأنه منذ عام 2019 يتم نقل قطع غيار متوافرة تجارياً في بلدان صناعية مثل محركات طائرات بلا طيار، التي تسلم إلى الحوثيين عبر وسطاء، كما أن الحوثيين يتسلمون رشاشات وقنابل وصواريخ مضادة للدبابات ومنظومات من صواريخ كروز أكثر تطوراً»، وأكدت ذلك مجلة «الحرب الطويلة» الأمريكية عندما نشرت تقريراً مفصلاً حول مكونات الصواريخ التي تصل للحوثي عبر مناطق في الساحل الجنوبي لليمن وتستمر في الذهاب شمالاً حتى صنعاء منها المكونات الكاملة لصواريخ «بركان» التي ظل الحوثيون يطلقونها على السعودية منذ رفع الرئيس جو بايدن مليشيات الحوثي من قائمة التنظيمات الإرهابية في فبراير 2021
وتتطابق التفاصيل السابقة مع بيان القيادة مركالزية الأمريكية التي قالت إنه في 9 فبراير 2020 أوقفت البحرية الأمريكية على متن السفينة يو إس إس نورماندي، أوقفت سفينة تحمل نحو 150 صاروخاً منها صواريخ أرض – جو، ومكونات لتصنيع طائرات مسيرة في طريقها لليمن، وهو ما يؤكد أن هذه الصواريخ والطائرات المسيرة التي يجري تهريبها للحوثيين هي التي تستهدف السعودية والإمارات في النهاية، وهو ما يعطي الإمارات والتحالف العربي الحق الكامل في تدمير هذه الأسلحة قبل أن تصل ليد الحوثيين
آلية عقابية
وجود هذا الأساس القانوني والأخلاقي القوي لحق الإمارات في الدفاع عن النفس يتطلب أيضاً أن يكون هناك صوت واحد في جميع المحافل الدولية ليس فقط لإدانة الحوثي بل لوضع «آلية عقابية» جماعية لمعاقبة الحوثي، ومن يقف معه ومن يهرب له الصواريخ والمسيرات، لأنه وفق ميثاق الأمم المتحدة «مبدأ التضامن» عندما يتعرض عضو من أعضاء المنظمة الدولية لاعتداء من الخارج فمن الطبيعي والقانوني، ومن أجل الحفاظ على السلم والأمن الدولي أن يصطف الجميع مع الإمارات في الدفاع عن النفس.