الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

2022 | الخليج يرسخ ثقله السياسي لاستعادة التوازن الإقليمي

2022 | الخليج يرسخ ثقله السياسي لاستعادة التوازن الإقليمي

قمة الرياض عززت وحدة الصف الخليجي. ( أرشيفية)

  • انتقل من مرحلة «التأثير» إلى صناعة القرار في الشرق الأوسط
  • الفوائض المالية مكنت دول التعاون من مد أذرع اقتصادية داخل دول كبرى
  • علي بن حمد الخشيبان: يشكل القوى الاقتصادية على الساحة الدولية
  • حمدان الشهري: دول الخليج تصدر «الثروة لا الثورة»
  • إكرام بدرالدين: من يملك القوة الاقتصادية يملك التأثير السياسي
  • تركي فدعق: الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في توحيد الرؤي السياسية

فرضت التغييرات السياسية على الساحة الخليجية خاصة، والعالمية عامة، انتهاج سياسة جديدة للخليج أكثر طموحاً مقارنة بما كان عليه الحال قبل عقد من الزمان. الطموح الخليجي ارتكز على تصدير الثروة لدول العالم من خلال ضخ استثمارات ضخمة داخل دول عدة، في وجه جديد من استثمار لاقتصادها باعتباره «قوة مؤثرة»، الأمر الذي ساهم في تعزيز ثقل الخليج السياسي على المستويين الإقليمي والعالمي، ومشاركته بصورة أساسية داخل كل المعادلات الإقليمية، بل واستعادة توازن القوى في وقت عصف ما سمي بالربيع العربي بدول عربية أخرى.هذه التحديات فرضت على الدول الخليجية الاضطلاع بدور أكبر في سبيل الحفاظ على التوازن الإقليمي.

مراعاة التحولات الاقتصادية

قال الدكتور علي بن حمد الخشيبان، الكاتب والمحلل السياسي السعودي، إن دول الخليج استثمرت قوتها الاقتصادية وفرضت وجودها على السياسة العالمية، مدللاً على ذلك بتمثيل دول الخليج عبر السعودية في منظومة العشرين (G20)، لافتاً إلى أن المنظومة الخليجية شكلت إحدى أهم القوى الاقتصادية على الساحة الدولية، إذ اقتدت منذ اكتشاف البترول والغاز بنماذج اقتصادية وسياسية متجددة تراعي التحولات الدولية.



وشدد على أن الخليج يتمتع بموقع جغرافي مميز، إذ تحيط به أهم الممرات المائية والبحار في العالم البحر الأحمر والخليج العربي، حيث تمر عبر هذه البحار ما يقارب من ثلث التجارة الدولية عبر قناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز.


وأوضح أن الدول الخليجية لم تعد تؤثر على القرارات الدولية فحسب، بل أصبحت تساهم في صنع تلك القرارات، الأمر الذي يبرز في الدور الذي تلعبه الدول الخليجية في قيادة الشرق الأوسط ومساهمتها في حل أزماته. ولفت إلى أنه لا يمكن لأي قوة في العالم أن تتجاوز الدول الخليجية حين تتعامل مع قضايا الشرق الأوسط، بالتزامن مع التوسع الاقتصادي الذي شكلته بعض الدول الخليجية التي أصبحت تعد مركزاً تجارياً دولياً وعلى رأسها مدينة دبي التي استطاعت أن تجعل من اسمها علامة دولية مؤثرة، وهو ذات المنوال الذي تسير عليه الرياض، ما يسهم في منح الدول الخليجية فرصة كبرى للتواجد على الساحة الدولية.

تغير موازين القوى

ويرى الدكتور إكرام بدرالدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن موازين القوى والتوازنات تغيرت خلال السنوات الأخيرة، إذ لم تعد القوة تستند فحسب على الجانب العسكري، بل أصبحت تمتد لتشمل الجانب الاقتصادي، لافتاً إلى أن حدة الصراع الاقتصادي ازدادت نتيجة لما فرضته الظروف التي يمر بها العالم، وتابع: «من يملك القوة الاقتصادية يملك قوة التأثير السياسي». وأكد أن ثقل الدول الخليجية بمقدار قوتها الاقتصادية، لا سيما وأن قوتها الاقتصادية تقابل بالترحاب داخل العالم، كونها دول غير استعمارية ولا تعادي أي من دول العالم، عكس تاريخ بعض الدول العالمية التي تتمتع بتاريخ استعماري، ما يعد ميزة نوعية للدول الخليجية في توسعها الاقتصادي وبالتالي امتداد نفوذها السياسي، لافتاً إلى أن مهارة الدول الخليجية تكمن في قوة التأثير داخل المنطقة الخليجية ذاتها، لا سيما بعد خروج عدة دول من المعادلة مثل العراق.

تصدير الثروة

وبدوره أكد الدكتور حمدان الشهري، الأكاديمي السعودي والباحث في العلاقات الدولية والشؤون السياسية، على أن دول الخليج تبحث دائماً عن الأمن والاستقرار وفرص مشاركة للجميع، لافتاً إلى أنه جرت عادتها على تصدير الثروة وليس الثورة، ولا تبحث عن صدامات، عكس دول أخرى، لافتاً إلى أن الاستثمارات في مجال الأسلحة والصفقات الكبرى كان لها مردود اقتصادي، إلا أنه فرضه الوضع الراهن في ظل وجود تهديد للأمن الخليجي. ووصف حمدان الدور الخليجي على الساحة السياسية العالمية، بأنه الجيوسياسي لكنه يميل إلى أن يكون اقتصادياً، سيما أن الاقتصاد يعد محرك العالم، ما ظهر بقوة في قدرة الدول الخليجية على تحجيم الأطماع دول بالمنطقة باستخدام سياسات متوازنة ورشيدة، في وقت ساعدت الروابط الخليجية المشتركة من إقامة الصناديق السيادية الخليجية وغيرها من عمل خليجي مشترك لتطوير بنية الاقتصاد، الأمر الذي مكنها من تحقيق علاقات متوازنة مع بلدان عالمية سواء الحلفاء التاريخيون لدول الخليج، أو البحث عن حلفاء جدد، لافتاً إلى أنه ليس هناك ما يمنع من إقامة علاقات متوازنة ومشاريع تنموية مع دول مختلفة.

وشدد على أن الدور العربي متكامل، إلا أن ما جرى على تسميته بـ«الربيع العربي» وما تبعه من سياسات فرضت على دول الخليج القيام بدور أكثر فاعلية في مساندة أشقائها. قوى موازية وأشار كريم العمدة، الأكاديمي المصري والخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد أصبح قوة موازية للقوة العسكرية كـ«قوة خشنة»، لافتاً إلى أن وجود الدول الخليجية في كتلة واحدة في اتخاذ القرار يمثل ثقلاً مؤثراً في القرار السياسي العالمي، خاصة مع تزايد نفوذهم الاقتصادي نتيجة الفوائض المالية الضخمة لديهم. ونوه بأن الدول الخليجية بدأت في استثمار تلك الفوائض ما مكنها من مد أذرع اقتصادية داخل دول كبري، الأمر الذي يظهر بصورة واضحة داخل الصين تحديداً، والتي تعد أكبر مستورد للبترول الخليجي. وشدد على أن تطبيع بعض الدول الخليجية مع إسرائيل ساهم في ربط المصالح الخليجية - الإسرائيلية، ما كان له أثر السحر على الموازنات السياسية الدولية، بحكم تشابك المصالح مع إسرائيل، لافتاً إلى أن سيطرة الدول الخليجية على تجارة البترول يعظم من قراراتها داخل الأوبك، بالإضافة إلى تأثيرهم الممتد إلى سوق الغاز الطبيعي.

الاتحاد النقدي الخليجي

ومن جهته، قال المستشار الاقتصادي السعودي، تركي حسين فدعق، إن إمكانية استثمار الخليج لقوته الاقتصادية لترسيخ وجوده على الخارطة السياسية يتطلب 3 أمور؛ أولها: اكتمال الاتحاد النقدي الخليجي، وما يتطلبه من ضرورة إلتزام الإمارات، وسلطنة عمان بقرارات البنك المركزي الخليجي الموحد، ما يزيد من ترسيخ استمرار المسيرة الاقتصادية التي بدأتها الدول الخليجية قبل 40 عاماً، ويضع الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج البالغ 1.6 تريليون دولار في المرتبة 14 تقريباً بين دول العالم، لافتاً إلي أن ذلك يضع منطقة الخليج ضمن أكبر 20 اقتصاد على غرار الاتحاد الأوروبي بالنسبة للدول الأوروبية.

الأمر الثاني وفق «فدعق» يتمثل في توحيد الرؤي السياسية للدول الخليجية، داعياً إلي الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي الماثلة أمامنا، مشدداً على ضرورة إنشاء مفوضية عليا لدول الخليج تضم وزراء الخارجية معنية بتوحيد الرؤي السياسية للقضايا الخارجية، لاسيما وأنه من غير المعقول وجود رؤي متناقضة لقضايا سياسية بالنسبة لدول الخليج العربي، لافتاً إلي أن من مهام تلك المفوضية مقابلة أي جهة خارجية بالإنابة عن أي دول خليجية.

وتابع فدعق «الأمر الأخير يتمثل في استغلال القوة الكامنة للناتج المحلي الخليجي، بما يمكنها من أن تكون ضمن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، حال استثمار القوة الاقتصادية والسياسية الممكنة للدول الخليجية، مشيراً إلي أن الناتج الإجمالي الممكن للدول الخليج يفوق 1.6 تريليون دولار»، مشدداً على ضرورة توحيد الخطط الاقتصادية والتنموية بما يضمن تكاملها مع بعضها البعض، والاستفادة من نقاط القوة الكامنة لبعض الدول الخليجية وتمريرها لدول خليجية أخرى.

ودلل على ذلك بامكانية الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة الموقعة الولايات المتحدة الأمريكية، وكل من سلطنة عمان والبحرين، حيث أنه حال توحيد المنطقة اقتصادياً تنعكس تلك الاتفاقيات على الكيان الجديد، ما يفتح السوق الأمريكية أمام الصادرات الخليجية.