يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إعادة أمريكا لقيادة العالم، منذ إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، بعد سنوات الانعزال في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، إلا أن مساعي بايدن تواجه مشكلة كبيرة تعرقلها، وهي نقص سفراء الولايات المتحدة في العديد من دول العالم، بحسب تقرير نشرته صحيفة «غارديان» البريطانية.
مشكلة نقص السفراء
ذكرت الصحيفة أن بايدن تقدم للكونغرس، يطلب تعيين 78 مرشحاً في منصب السفير في دول عديدة، طبقاً لمصادر في البيت الأبيض، إلا أن المفاجأة هي أن الكونغرس لم يوافق إلا على عدد قليل جداً منهم، حوالي 7 مرشحين فقط، أي بنسبة 9%، وهي المشكلة التي يواجهها بايدن، ولم تظهر مع الرؤساء السابقين باراك أوباما وترامب، حيث قدم كل منهما ترشيحات لتعيين سفراء، تم الموافقة لأوباما على 77% منها، ولترامب على 70% منها.
اللافت أن هناك العديد من الدول الحليفة ووثيقة الصلة بالولايات المتحدة، مثل بريطانيا، ما زال منصب السفير الأمريكي بها شاغراً، حيث إن بايدن لم يرشح حتى الآن أحداً لمنصب السفير هناك.
وعن تلك المشكلة قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق، فيليب كراولي: «مرت 10 أشهر على تولي بايدن الرئاسة، وبرغم ذلك لم يتم تعيين إلا القليل من السفراء.. الرئيس بايدن كرر مراراً وتكراراً مقولة «أمريكا عادت»، إلا أن عدم وجود سفراء لأمريكا في عشرات الدول يقوض تلك المقولة».
وطفت تلك المشكلة على السطح، خلال أزمة الغواصات الأسترالية، بعدما تراجعت أستراليا عن صفقة لشراء غواصات فرنسية، واستبدلتها بصفقة مع أمريكا وبريطانيا. في غضون تلك الأزمة، لم يكن هناك سفير للولايات المتحدة في باريس، حتى يتمكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من التعامل معه، كما أن ماكرون - مثله مثل العديد من الرؤساء - لا يتعامل مع شخصيات دون السفير، كالقائم بالأعمال أو غيره.
سبب الأزمة
واعتبرت الصحيفة أن سبب الأزمة، يرجع إلى المناكفات الحزبية بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، وهي التي يقودها اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، هما تيد كروز، وجوش هاولي، من خلال الإصرار على طريقة بطيئة للغاية في تمرير الموافقة على ترشيح السفراء، بدلاً من طريقة التصويت باستخدام الأصوات، والتي لا تستغرق بضع دقائق، وكان يتم العمل بها إبان عهدي جورج بوش الابن، وأوباما.
وأوضحت الصحيفة أن كروز له موقف مناهض لخط أنابيب نقل الغاز بين روسيا وألمانيا، ويطالب إدارة بايدن بالعمل على إيقافه من خلال سلاح العقوبات، أما هاولي فيطالب باستقالة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، بسبب الانسحاب الفاشل من أفغانستان.
من جانبهم، يرى الديمقراطيون خطوة الجمهوريين، على أنها تكتيكات هدفها اللعب بالسياسة وبالمصالح الوطنية، حيث قال عضو مجلس النواب، من الحزب الديمقراطي جيمي راسكين: «إنها معوق كبير لجهودنا في استعادة القيادة في العالم.. إنهم يريدون جعل الإدارة غير قادرة على العمل، حتى يستفيدوا ويحققوا أغراضهم الخاصة».
خطوة للأمام
إلا أن تلك المشكلة، شهدت انفراجة بسيطة خلال الشهر الماضي، حيث وافق الكونغرس على تعيين بعض المرشحين من إدارة بايدن في منصب السفير، إذ تم تعيين السيناتور السابق جيف فليك في منصب السفير في تركيا، وتعيين سيندي ماكين أرملة السيناتور الراحل جون ماكين القطب الجمهوري البارز (والتي كان لها دور في فوز بايدن في انتخابات الرئاسة في ولاية أريزونا)، في منصب السفير في وكالات الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، كما تم تعيين عضو الكونغرس السابق توم يودل كسفير في نيوزيلندا، بالإضافة إلى تعيين فيكتوريا ريجي كنيدي، أرملة السيناتور الراحل تيد كينيدي في منصب السفير في النمسا.
من جانبه، قال رئيس رابطة التمثيل الخارجي في أمريكا، والتي تضم 17 ألف عضو، إريك روبين: «لا توجد أي دولة أخرى في العالم، لا تقوم بإرسال السفراء بشكل منتظم، وفي مواعيد مناسبة، ولم يحدث ذلك على مر التاريخ، حتى بالنسبة لأمريكا، في أن يكون هناك العديد من المقاعد الشاغرة في منصب السفير، وطوال تلك المدة الطويلة.. كيف يمكن أن يمر عام وأمريكا لم تعين سفراء جدداً لها في نصف مقاعد سفرائها الشاغرة؟!».