الاحد - 22 ديسمبر 2024
الاحد - 22 ديسمبر 2024

«تهاوي جدار الرفض».. سوريا تقترب من العودة إلى «بيت العرب»

«تهاوي جدار الرفض».. سوريا تقترب من العودة إلى «بيت العرب»

بشار الأسد يلوح لأنصاره في مركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية في 26 مايو المضي. ( أيه بي )

بعد مرور 10 سنوات كاملة على قرار جامعة الدول العربية في 11 نوفمبر 2011 بتجمد عضوية سوريا، تشهد الساحة العربية إرهاصات كثيرة، ومؤشرات عديدة تقول إن عودة سوريا لـ«بيت العرب» باتت وشيكة، في ظل نجاح الدولة السورية في فرض سيطرتها على غالبية الأراضي السورية، وتراجع المجموعات والتنظيمات الإرهابية وانحسارها في محافظة إدلب شمال غرب البلاد، وكل هذا يمهد الطريق نحو عودة سوريا، العضو المؤسس للجامعة العربية، إلى «بيت العرب» خلال القمة العربية المقبلة، المقرر أن تستضيفها الجزائر في مارس.

ويعود الزخم والحراك في إعادة العلاقات العربية مع الحكومة السورية إلى النظرة البعيدة و الاستنارة السياسية التي تتمتع بها القيادة الإماراتية التي قررت منذ شهر ديسمبر 2018 إعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق، كما أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تلقى اتصالين هاتفيين من الرئيس السوري بشار الأسد، الأول جرى في مارس 2020، قبل أن تشارك سوريا في إكسبو دبي 2020 في بداية شهر أكتوبر الماضي، وفي العشرين من أكتوبر الماضي أيضاً شهدنا الاتصال الثاني بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، والرئيس بشار الأسد، وكل ذلك قبل الخطوة غير المسبوقة التي شهدتها سوريا أمس الثلاثاء بزيارة أرفع وفد إماراتي، برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، إلى دمشق، وهو أول وفد على هذا المستوى منذ اندلاع الأحداث في سوريا في مارس 2011، والذي شهد استقبالاً حافلاً من الرئيس السوري بشار الأسد الذي أشاد وثمن مواقف ودور دولة الإمارات الداعم للشعب السوري منذ أيام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

دعوة صريحة

و شكلت الدعوة الصريحة من سمو الشيخ عبدالله بن زايد في 20 مارس من العام الجاري إلى عودة سوريا للجامعة العربية، دفعة كبيرة وتشجيعاً غير مسبوق لكافة الجهود العربية حتى تستعيد سوريا مقعدها في الجامعة العربية، وكل هذا قاد لانفتاح عربي غير مسبوق على سوريا، تجلى في مشاهد ومواقف كثيرة منها دعوة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الذي تستضيف بلادة القمة العربية المقبلة، في أكثر من لقاء وحوار إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية، كما جرى اتصال بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس السوري، في 2 أكتوبر الماضي، وقبلها قام البلدان بفتح معبر «جابر – نصيب» في 27 سبتمبر هذا العام، وهو المعبر الذي يتم من خلاله تبادل السلع والبضائع بين البلدين، بعد تسوية أوضاع المسلحين في منطقة درعا جنوب سوريا، كما أن مصر لم تكن بعيدة عن هذه التطورات، حيث التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، نظيره السوري فيصل المقداد في 24 سبتمبر الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، متحدثاً عن أهمية و ضرورة عودة سوريا للجامعة العربية.

تهاوي جدار الرفض

القراءة الهادئة للمواقف الإقليمية والعربية والدولية تؤكد تهاوي جدار الرفض لاستعادة العلاقات الطبيعية بين سوريا ومختلف الدول العربية والأوروبية، فالوفود الأوروبية تتقاطر على دمشق طلباً للدعم والعون في قضايا كثيرة، أبرزها تتعلق بمواطني تلك الدول الذين انخرطوا في التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، وما زالوا هناك حتى الآن، أو لم يعودوا إلى دولهم وذهبوا إلى دولة ثالثة، كما يدعو أعضاء في البرلمان الأوروبي إلى التواصل الدائم مع حكومة دمشق من أمثال النائب باري أندروز، الذي عمل على نطاق واسع في مجال العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، والذي يقول إنه من الضروري أن يحتفظ الاتحاد الأوروبي بقنوات اتصال مع دمشق، بحسب ما نقلت «يورو نيوز»، كما أن وفوداً كثيرة من البرلمان الفرنسي زارت سوريا أكثر من مرة حسب وكالة رويتز، وحتى الموقف الأمريكي بدأ مشوار الألف ميل للتحرك نحو الدولة السورية، فرغم أن واشنطن تعلن ليل نهار رفضها لإعادة العلاقات مع سوريا في هذه الظروف، إلا أن الولايات المتحدة التي فرضت قانون قيصر في ديسمبر عام 2019، الذي يمنع التعاون الاقتصادي مع سوريا، عادت وتغاضت عنه عندما أعلنت الرئاسة اللبنانية أن الولايات المتحدة أبلغت الرئيس ميشال عون بخطة لمساعدة لبنان تشمل الأردن وسوريا ومصر، وتبين من تفاصيل هذه الخطة بعد ذلك أنها تشمل وصول الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر الأرضي السورية، بحسب موقع المونيتور الأمريكي.

حراك قمة الجزائر

تتوقع وزارة الخارجية السورية المشاركة في القمة العربية القادمة بالجزائر، وفق ما قاله معاون وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان، بينما كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن أن توافق الدول العربية شرط لعودة سوريا للجامعة العربية، وقال في حوار تلفزيوني جرى في 27 أكتوبر الماضي «بعض الدول العربية تنفتح بشكل هادئ على سوريا، لكن لم أرصد طلباً رسمياً أو غير رسمي بشأن بدء عودة دمشق للمقعد... دول مثل العراق والأردن والجزائر لديها رغبة في عودة النظام السوري إلى الجامعة».

وفق آلية اتخاذ القرار في جامعة الدول العربية تحتاج عودة سوريا إلى توافق عربي يبدأ بعقد جلسة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، وبعد الموافقة يتم رفعه إلى وزراء الخارجية العرب الذين يقومون بدورهم برفع الأمر للقادة العرب لاتخاذ القرار المناسب.

مرحلة جديدة

المؤكد أننا أمام مرحلة جديدة وإعادة تقييم عربي شامل يدفع بالانفتاح العربي والإقليمي والدولي على سوريا، بعد أن تأكد للجميع أن نجاح التنظيمات الإرهابية التي اتخذت من سوريا مكاناً وملاذاً منذ 2011 ليس في صالح الأمن القومي العربي والعمل العربي المشترك، ولهذا فإن كل هذه المؤشرات تقول إن العد التنازلي لعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية قد بدأ بالفعل.