تتطلع الأنظار إلى مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا في العاصمة الألمانية غداً، والذي ينعقد بمشاركة دولية كبيرة وسط آمال بمواصلة الاستقرار في الدولة التي مزقتها الحرب لعقد من الزمان.
ويهدف المؤتمر حسب ما أعلنه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى دعم وتقييم التقدم في تهدئة الأوضاع في ليبيا، والتركيز على الخطوات التالية نحو تحقيق الاستقرار المستدام في البلاد.
وقال مارك فورنس، الاستاذ بالمعهد الألماني لسياسة التنمية "إن مؤتمر برلين الثاني يمثل فرصة لبداية جديدة للاستجابة الدولية للأزمة الليبية المستمرة، وخاصة أن الهدفين الرئيسيين له يتمثلان في إخراج المقاتلين الأجانب، والتحضير لانتخابات ديسمبر".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»، أن ألمانيا تتطلع إلى البناء على دورها كوسيط نزيه فيما يتعلق بليبيا.
وتابع فورنس إن "ألمانيا لديها أيضاً مصالح بالطبع، لا سيما في ما يتعلق بإدارة ملف الهجرة، حيث إن الصراع الطويل في ليبيا جعلها محطة رئيسية لعبور اللاجئين إلى أوروبا."
ونوه إلى أن ألمانيا واحدة من أكبر الجهات المانحة للمساعدات لليبيا، وتشارك بنشاط في بناء القدرات المحلية هناك، لذلك فهي تدعم جهودها كوسيط دبلوماسي من خلال مشاركة بناءة طويلة الأجل في البلاد.
واعتبر الأستاذ بالمعهد الألماني لسياسة التنمية أن سمعة ألمانيا في ليبيا جيدة ودورها مرحب به، وأن وزارة الخارجية الألمانية والممثل الخاص للأمم المتحدة قد أجريا مشاورات مع جميع دول حوض البحر الأبيض المتوسط للتحضير للمؤتمر، وأشركا جهات فاعلة مثل اليونان والمغرب، تم استبعادهما في المؤتمر السابق، وأن حضور وزير الخارجية الأمريكي بلينكن قد يعبر عن مشاركة أكثر فاعلية وبناءة من الولايات المتحدة.
ولكن فورنس شدد أيضاً على أنه لا يجب رفع سقف الآمال كثيراً، خاصة أنه لا تزال ليبيا في وضع صعب للغاية ومعقد ومتقلب، وهناك القليل من الدلائل والضمانات لتحقيق سلام مستمر بالبلاد.
وأضاف "إذا سارت الانتخابات على ما يرام، ستتمتع الحكومة بمزيد من الشرعية، كما يعتمد نجاح أو فشل عملية السلام على ما إذا كان بإمكان الجهات الفاعلة القوية داخل ليبيا تنحية مصالحها التي تقوض العملية الوطنية، وأيضاً على ما إذا كانت الجهات الخارجية قررت القيام بدعم هذه الجهود."
وأشار إلى أنه من المحتمل أن تكون انتخابات ديسمبر المقبلة هي العلامة البارزة، لذا فإن مدى وفاء الأطراف الليبية والأجنبية بالوعود التي قطعوها في برلين خلال الأشهر الستة بين المؤتمر والانتخابات سيكون أمراً بالغ الأهمية."
وأكد الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الألمانية أن المؤتمر سيكون على مستوى وزراء الخارجية، ومن المتوقع حضور وزراء خارجية وممثلين عن الدول التي شاركت في المؤتمر الأول. وتشارك في المؤتمر وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، وستقود وفد الأمم المتحدة إلى المؤتمر نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة.
ومن المتوقع، وفقاً لموقع أخبار الأمم المتحدة، أن يشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في المؤتمر عبر تقنية الفيديو.
وفي تغريدة على حسابها على تويتر قالت ديكارلو: «سنعمل على الدفع نحو إحراز تقدم في اتفاق وقف إطلاق النار - بما في ذلك احترام حظر الأسلحة وسحب المرتزقة - وخارطة الطريق السياسية والانتخابات».
من جهته، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي فيرشينين: «الآن ألتقي بالمشاركين الرئيسيين - الألمان كمنظمين- والأتراك والمصريين»، متوقعاً أن يدعم المؤتمر قرارات تستند إلى الاتفاقيات القائمة، فضلاً عن دعم تقدم العملية السياسية في ليبيا على أساس التمسك بسيادتها وسلامتها.
وقال مبعوث واشنطن الخاص لليبيا، ريتشارد نورلاند، الاثنين إن الولايات المتحدة تجري محادثات مع بعض الأطراف المهمة في البلاد بشأن انسحاب قوات أجنبية قبل الانتخابات المقررة.
قال نورلاند قبل توجه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى برلين للمشاركة في المؤتمر "سيكون ذلك تطوراً مهما للغاية ومؤثراً جداً لكننا لا نقترح الانتظار حتى العام المقبل في محاولة لتحقيق بعض التقدم."
وأضاف "هناك مفاوضات جارية مع بعض الأطراف المهمة تهدف إلى محاولة دفع بعض المرتزقة والمقاتلين الأجانب للرحيل."
وأكد تقرير لموقع «دويتشلاند فونك» الألماني أن المؤتمر هو تعبير مرة أخرى عن التزام الدعم الدولي المستمر لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وتقييم التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن في تهدئة البلاد.