على مدى أكثر من 4 أشهر، منذ شروع مليشيات الحوثي الإرهابية، في تصعيدٍ عسكري واسعٍ باتجاه محافظة مأرب، شرقي البلاد، استطاعت قوات الشرعية التي تحارب بمساندةٍ من رجال القبائل ومقاومة شعبية وغارات مكثفة من طيران التحالف العربي، دفع الخطر الذي كان يتربص بالمحافظة الغنية بالنفط، والحفاظ على تماسكها أمام كثافة الهجمات التي حشد فيها الحوثيون كل ما أمكنهم من طاقتهم العسكرية بشرياً ومادياً.
وتسعى مليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، إلى السيطرة على مدينة مأرب، حيث مقر وزارة الدفاع اليمنية آخر معاقل الشرعية شمالاً، فضلاً عن موقع المدينة الجغرافي الذي يربطها بشكل مباشر بمحافظات صنعاء، والجوف، والبيضاء، وشبوة، وحضرموت، وهو الأمر الذي كان يسعى الحوثيون من خلاله إلى تحقيق مكاسب عسكرية واقتصادية حال السيطرة عليها، بالإضافة إلى إعادة رسم خارطة النفوذ بما يقوي موقفهم في أي مفاوضات سياسية.
عقيدة القتال
الخبير العسكري اليمني، العميد محمد جواس، قال لـ«الرؤية»، إن الحوثيين حشدوا قوات كبيرة جداً باتجاه مأرب، مستغلين حالة الجمود في الجبهات الأخرى، ومع ذلك قوبلوا بمقاومة شعبية وجيش وطني على الأرض، ومساندة جوية فاعلة من قبل طيران التحالف العربي.
وعن سر الصمود الذي بدت عليه قوات الشرعية طوال هذه الفترة في وجه الهجمات المتواصلة، أشار العميد جواس إلى أن عقيدة القتال لدى المقاومة الشعبية والجيش نمت بشكل فاعل، واستمات أبناء مأرب في هذه الحرب لأن المعركة كانت بالنسبة لهؤلاء معركة وجود، باعتبارها تدور في آخر جغرافيا تمثل الدولة الشرعية في الشمال، وتعني لأبناء مأرب تحديداً كرامتهم ووجودهم، وبالتالي كانت المقاومة قوية جداً.
ولفت جواس إلى أن تماسك قوات الشرعية بهذا المستوى المشهود أمام هجمات الحوثيين، إنما هو ناتج من تجربة امتدت 6 سنوات صقلت خبرتهم في الحرب، وبالتالي هذا الوقت كله أنشؤوا مقاومة فاعلة وخبرات كبيرة في قتال الحوثيين، وأصبحت المنطقة محصنة بشكل دفاعي قوي ضد هجمات المليشيات.
وأكد الخبير العسكري أن الحوثيين خسروا أعداداً كبيرة من مقاتليهم، وتقهقرت قواتهم في جبهات مأرب، بينما ازدادت مقاومة القوات الشرعية بتنسيق عالٍ كبير مع القبائل والمقاومة الشعبية في المحافظة، وهو ما كبح هجمات الحوثيين التي كانت ترمي إلى الاستيلاء على منابع النفط كهدف استراتيجي بالنسبة للجماعة.
من الدفاع إلى الهجوم
وفي اتصال هاتفي مع «الرؤية»، بيّن رئيس قطاع الإعلام العسكري في الجيش الوطني اليمني، العقيد يحيى الحاتمي، أن الجيش نجح في استدراج الحوثيين في مأرب، واستطاع منذ الشهر الماضي تحويل المعركة من دفاعية إلى هجومية بعد عملية استنزاف طويلة لعناصر الحوثيين عبر الكمائن والعمليات النوعية.
وأشار العقيد الحاتمي إلى أن المعارك العنيفة ضد الحوثيين على مدى 4 أشهر منذ فبراير الماضي، «أسفرت عن مقتل نحو 25 ألفاً من مقاتلي المليشيات الحوثية، عوضاً عن أعدادٍ كبيرة من الجرحى، و4000 آلية عسكرية نجحت قوات الجيش الوطني والقبائل وغارات التحالف العربي في تدميرها خلال المواجهات العسكرية».