2021-05-30
رؤى أبورشيد، وهافين دنيز، سوريتان وصلتا إلى ألمانيا ضمن مئات الآلاف من اللاجئين الذين فروا من بلادهم قبل عدة سنوات، بعد اندلاع الحرب، لكنهما تمكنتا من شق طريقهن، وتحقيق نجاحات والاندماج في الدولة الأوروبية، بحسب تقرير لمجلة "دير شبيغل" الألمانية.
وفقاً للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين فقد وصل 830 ألف لاجئ سوري إلى ألمانيا منذ اندلاع الحرب الأهلية هناك عام 2011.
وبحسب مكتب الهجرة واللاجئين فإن نحو ثلث طالبي اللجوء في ألمانيا من النساء، أعمار غالبيتهم دون 35 عاماً، وتواجه اللاجئات فرص وظيفية أقل بكثير من الرجال، حيث إن غالبية اللاجئات حصلن على مؤهلات دراسية أقل، أو ليس لديهن مؤهلات دراسية على الإطلاق.
نماذج ناجحة
وأشار تقرير "دير شبيغل" إلى وجود لاجئات سوريات استطعن تحقيق نجاحات في بلد المهجر، منهم رؤى (27 عاماً) التي جاءت منذ 8 سنوات من العاصمة السورية دمشق، مع عائلتها إلى مدينة هامبورغ الألمانية، قبل أن تنتقل للعيش مع زوجها، نصوح، بمدينة فورتسبورغ، وحصلت على دورتين كاملتين في اللغة الألمانية، وأعادت دراسة الثانوية العامة في مدرسة بمدينة نوردهاوزن؛ بعدما رفضت ألمانيا الاعتراف بشهادتها الثانوية الحاصلة عليها من سوريا.
وأكدت "رؤى" أنها حصلت على دورة للتمريض، وحالياً تدرس التكنولوجيا الطبية بجامعة ينا، وستواصل دراستها حتى درجة الماجستير.
وكانت مجلة "دير شبيغل" قد زارت رؤى مرة واحدة من قبل في عام 2017، عندما كانت في منتصف امتحاناتها النهائية في المدرسة، وكانت تجارب الحرب وذكريات الأصدقاء الذين لم ينجوا منها، لا تزال تعيش بداخلها بقوة.
وقالت رؤى: "إن ألمانيا بالنسبة لي كانت بمثابة دائرة مغلقة، يحاول الفرد دائماً الدخول إليها، ولكنها تدفعه بعيداً باستمرار".
وتغيرت أوضاع رؤى حالياً، فهي تتقن اللغة الألمانية بصورة متميزة، وتزوجت مؤخراً من شاب سوري يدرس علوم الكمبيوتر، وحصلت على رخصة القيادة، واشترت سيارة، وعلى وشك الحصول على وظيفة بعد الانتهاء من الجامعة.
وتقول رؤى: "في ألمانيا أحب الكثير من الأشياء، ولكن العيش هنا يعني أن تقاتل وتحارب من أجل أن تحصل على ما تريده".
وأشارت رؤى إلى أنها بسبب ارتدائها الحجاب تتعرض لبعض النظرات في الشارع تحملها مسؤولية مشتركة عن كل زلة يقوم بها مسلم: "وكأن المسلمين أو الأجانب هم من يخطئون فقط".
وأوضحت أنها عندما كانت تعيش في مدينة نوردهاوزن، قال لها بعض المدرسين إنها لا ينبغي أن تمر في الحديقة خلال المساء؛ لأن النازيين هناك يهددون اللاجئين.
وتطرق التقرير إلى أن "ثقافة الترحيب" في بداية موجة اللاجئين بالبلاد، تحولت إلى رفض، وازداد الأمر سوءاً بعد دخول حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتطرف، إلى البرلمان، لأول مرة عام 2017.
الفرار من الإرهاب
وتحدث التقرير عن نموذج آخر للسيدات السوريات الناجحات، وهي، هافين دينز، (34 عاماً)، وهي أم لطفلين 8 و13 عاماً، بمدينة باد أولديسلو، بعد أن فرت من تنظيم "داعش" الإرهابي مع طفليها وزوجها السابق من بلدة كوباني الكردية، في شمال سوريا، ووصلوا إلى ألمانيا عام 2015، وبعدها انفصلت عن زوجها.
ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة بيليفيلد، فإن العديد من النساء السوريات يتمكن من الطلاق في ألمانيا، بعيداً عن التقاليد العائلية، وخاصة مع توفير شبكة حماية لها ولأطفالها، وتمويل احتياجاتهم المادية.
وأنهت دينز تدريبها المهني كمساعدة في مجال الأخصائيين الاجتماعيين، وحالياً تفكر في عرض وظيفة بدوام كامل في دار لرياض الأطفال.
وتقول: "تعلمت في ألمانيا تنظيم كل شيء في اليوم، فأنا أعود من التدريب في الرابعة عصراً، بعدها أبدأ في الاعتناء بالأطفال، والطهي، والتسوق، والتنظيف، ثم القراءة، ففي ألمانيا إذا لم تنظم يومك فلن تستريح".
وأضافت دينز أن "ألمانيا أعطتني القوة، فأصبحت أفعل كل شيء بمفردي بلغتي الألمانية التي تعلمتها، لا أحد يساعدني في الذهاب إلى المؤسسات الحكومية أو بالعمل، حصلت على رخصة قيادة، ولكن هناك الكثير من التوتر والإجهاد بالطبع".
وأوضحت: "الضغط هنا رهيب، هناك قواعد كثيرة جداً، لكنك تعتاد على ذلك بمرور الوقت".