شكلت حادثة مقتل العميد يحيى محمد الشوبجي، في المعارك ضد الحوثيين، في الأول من مايو الجاري، صدمة في الداخل اليمني، مع إعلان التحاقه بثلاثة من أبنائه قتلوا خلال عامٍ واحد في مواجهة الميليشيات بمحافظة الضالع جنوبي اليمن، وهو يتقدم المعارك في منطقة «الفاخر» شمالي المحافظة الجنوبية.
والشوبجي من بين يمنيين قلائل اندفعوا مع كل أبنائهم بعقيدة نضال راسخة لمواجهة الحوثيين المدعومين من إيران؛ حيث بات اليوم مثالًا للتضحية، كما أضحى أيقونةً يتغنى بها الجميع في اليمن باعتباره وأبنائه الثلاثة ماتوا في فترات متفاوتة وهم يواجهون الحوثيين في جبهة محافظة الضالع، حيث مسقط رأسهم.
عظمة الانتماء
ومنذ إعلان مقتل أنور، ثالث أولاد الشوبجي، في أكتوبر 2019م، أضحت أسرة الشوبجي مثالًا يتداول في الوسط المحلي عند الحديث عن التضحيات في معارك استعادة اليمن من قبضة الحوثيين، إلا أن مقتل الأب خلق منه أسطورةً «قدمت للإنسانية نموذجًا فريدًا في التضحية وعظمة الانتماء للوطن» كما قال في برقية عزاء، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي.
وقتل الابن الأول ليحيى الشوبجي «شلال» في جبهة حجر بالضالع، يوم 24 مايو 2019، وفي 30 يونيو من ذات العام التحق به شقيقه «مازن»، في جبهة شخب، وفي أكتوبر 2019 اُعلن عن مقتل الشقيق الثالث «أنور» في جبهة الفاخر، وهي ذات الجبهة التي قتل فيها والدهم «يحيى» أمس السبت، وتم تشييع جثمانه وسط حزن ممزوج بالفخر لشخصية قدمت الفداء والتضحية على كل شيء.
وقال رئيس الوزراء اليمني، معين عبدالملك، في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: «كان الشهيد المناضل يحيى الشوبجي بمعنوياته وإصراره وبطولته ملهماً للجميع على خوض معركة النصر، وها هو أبو الشهداء يلتحق بأبنائه الشهداء الثلاثة شهيداً مجيداً خالداً في ذاكرتنا، الرحمة والمجد لك أيها الشجاع المقدام ولكل الشهداء الأبطال».
وأفاد مستشار وزير الإعلام، فهد الشرفي، بأن «قصة استبسال آل الشوبجي، في مواجهة المد الحوثي يجب أن يخلدها التاريخ، الثلاثة الأبناء شهداء سابقون، ويلتحق بهم الوالد الذي رباهم على التضحية في سبيل الكرامة، ويواصل الابن الرابع في مترسه على نفس الدرب، إنها قصة ضالع المجد والفداء، الضالع التي تشبه الشوبجي ويشبهها».
إيمان بالقضية
ولفت الصحفي صابر حليس لـ«الرؤية» إلى أن التاريخ سيخلد بأحرف من ذهب كل تضحيات أبناء الجنوب، وخاصة تضحيات آل الشوبجي، هذه الأسرة الضالعية التي قدمت فلذات أكبادها من أجل النصر وتحرير محافظة الضالع من الميليشيات الحوثية.
ويُطلق على زوجة الشوبجي «خنساء الجنوب» تشبيهًا بشخصية الخنساء المعروفة في الموروث العربي، وسبق أن نفذ قائد قوات التحالف العربي في عدن عام 2019 العميد راشد الغفلي، زيارة إلى الأم التي نالت أربع صدمات متوالية، ولا تزال تؤمن بأهمية الاستمرار في المعركة ضد الحوثيين مهما بلغ حجم التضحيات.
وفي برقية عزاء بعثها أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني، عبدالرحمن السقاف، إلى آخر أولاد الشوبجي قال: «لقد كان والدكم قائداً سياسياً ومناضلاً جسوراً في صفوف حزبنا، أبى بكل شجاعة إلا أن يلتحق بركب أبنائه الشهداء الذين سبقوه، شلال ومازن وأنور، وهو بذلك إنما يؤكد بكل تفان على أن التضحيات الجسورة لا ينالها إلا أولئك الأكثر إيماناً بالقضية التي يدافعون من أجلها».