تتواصل الانتهاكات ضد الإعلاميين والناشطين في مناطق سيطرة ما يعرف بـ«الجيش الوطني» المدعوم من تركيا في ريف حلب الشمالي، والشمالي الشرقي، وسط حالة كبيرة من الانفلات الأمني تسود شمال سوريا الخارج عن سيطرة دمشق.
اعتقالات واغتيالات
ففي مطلع شهر فبراير الحالي، أطلقت الشرطة العسكرية في منطقة «إعزاز»، سراح الناشط الإعلامي حيان حبابة، بعد اعتقاله لمدة 10 أيام، وسط تكتم عن مصيره خلال فترة اعتقاله، والتي تعرض خلالها للتعذيب، دون توجيه أي تهمة بحقه، بحسب مصدر مقرب من حبابة، رفض الكشف عن اسمه لدواعي أمنية في حديثه لـ(الرؤية.(
وفي يناير الماضي حاول ملثمون اغتيال الناشط الإعلامي ومراسل تلفزيون سوريا، بهاء الحلبي، بعد خروجه من منزله في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، بإطلاق النار عليه، فأصابوه بجروح.
وفي ديسمبر اغتيل الإعلامي حسين خطاب برصاص مجهولين، في ريف حلب الشرقي، بعد تهديدات ومحاولات اغتيال، تعرض لها خلال العامين الماضيين، وذكر قبل مقتله على صفحته على «فيسبوك» أنه تقدم بشكوى ضد الأشخاص الذين حاولوا قتله، مضيفاً: إذا كانت الشرطة لا تستطيع أن تدخل مخيماً لإحضار مطلوبين بمحاولة قتل، فما الفائدة من وجودها؟
الخوف والقلق
وفي حديثه لـ«الرؤية» أشار الحلبي إلى أن الإعلاميين الذين يعملون شمال وشمال شرق حلب، ينتابهم شعور بالخوف والقلق، جراء الانتهاكات المتكررة بحقهم.
وأضاف الحلبي: يحتاج الناشط والإعلامي في مناطق سيطرة الجيش الوطني إلى الأمان، وتقع مسؤولية حمايته على القوة المسيطرة في هذه المناطق، وللأسف فإن هذه الحماية غائبة، بسبب حالة الانفلات الأمني، التي نتجت عن النزاعات بين الفصائل المتعددة المسيطرة على الشمال السوري، لعدم توافق مصالحها، حيث تسعى كل قوة إلى فرض نفسها في المنطقة.
وبعد الانتهاكات المتكررة بحق الناشطين والإعلاميين، من اعتقال تعسفي، إلى مضايقات وغيرها، يرى الإعلامي أبوفيصل الطيب، أن الحل يتمثل بجسم تنظيمي واحد، يمثل الإعلامي، ويدافع عنه أمام الجهات المسيطرة والفاعلة في المنطقة.
لا رادع حقيقي
واستدل الحلبي بعدم القبض على أي من منفذي عمليات الاغتيال بحق الناشطين والإعلاميين حتى اللحظة، وذلك للتعبير عن حالة الفوضى في ملاحقة الجناة ومحاسبتهم.
وقال الطيب لـ«الرؤية»: "حماية الإعلامي تتوقف على مدى نية الفصائل المسلحة، ولم يلحظ أي تحرك حقيقي بعد اغتيال الناشط والإعلامي خطاب، الذي أشار مسبقاً إلى من يتعقبه لقتله، وكذلك لاعتقال تلك الفصائل العسكرية لعدد من النشطاء والإعلاميين، دون بيان الأسباب، وإطلاق سراحهم بعد مدة دون أي تهمة.
الإعلاميون من دون حماية
في منطقة عفرين، تتقيد الحرية الصحفية، بحسب الطيب، قائلاً: القوات التركية تحديداً تعمد لضبط ما يخرج على الإعلام بما يتوافق مع سياستها، في منطقة سكانها من الأكراد، وتمنع التصوير في المنطقة ويحظر الإدلاء بأي تصريحات عنها.
وقال الباحث السوري عرابي عبدالحي عرابي لـ«الرؤية»: إن مسألة الأمن في مناطق سيطرة ما يعرف بـ«الجيش الوطني» هي مسالة مركبة؛ أهم مظاهرها وأسبابها عدم وجود سلطة تنفيذية ذات مرجعية قانونية، وغياب الحرفية لعدم وجود جهاز شرطة وجهاز أمن مدرب، حتى إن وُجد فهو مشلول الفاعلية، مع وجود شبكات من الفاسدين التي تعيش على العمليات المزعزعة للأمن، وتلك الشبكات تجمعها المصالح فيما بينها.
وأضاف عرابي: تركيا لا تريد أن تلعب دوراً في ضبط الأمن، لاحتياجها للفصائل القوية في المنطقة، وتدرك تعقيد الأمور شمال حلب، من العامل العشائري والعامل الاجتماعي، ووجود قومية كردية كبيرة، فلا يمكن ضبط المسألة بدون حل جذري لهذه الملفات، والوصول إلى أرضية مشتركة.