تتجدد معاناة النازحين شمال غرب سوريا، سنوياً، مع حلول فصل الشتاء، رغم المشاريع التي تنفذها منظمات المجتمع المدني. وذلك لضعف خطط الاستجابة المسبقة، وقلة التمويل وتركيزه هذا العام على مواجهة فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى هشاشة البنية التحتية، بحسب خبراء تتحدثوا لـ«الرؤية».
وهدمت 3 خيام وتضررت أكثر من 10 بشكل متفاوت يوم 17 ديسمبر الماضي بسبب الأمطار في مخيم «الخزان» بمنطقة معارة الإخوان شمال إدلب، الذي تعيش فيه أكثر من 63 عائلة. كما يفتقر المخيم للبنية التحتية، بحسب تصريحات مدير المخيم، أبو حمزة الحموي (45 سنة) لـ«الرؤية».
وغمرت الأمطار خيمة أيهم مسعود «43 عاماً»، نازح من ريف إدلب الجنوبي، ويقطن في مخيم عطشان ضمن تجمع مخيمات أطمة.
وقال مسعود لـ«الرؤية» إنه «مع بدء تساقط الأمطار بدأ الماء يدخل إلى الخيمة من الأرض ومن السقف، ما اضطرنا للخروج تحت الأمطار والبرد، والعمل على إبعاد المياه عن الخيمة بما توفر بين يدينا».
وأضاف المسعود، «ناشدنا منذ الصيف الماضي المنظمات الإنسانية لمد شبكة تصريف مياه، وتعبيد طرقات المخيم المقام على أرض زراعية، وكذلك تقديم عوازل مطرية، إلا أن مناشداتنا لم تلق أي استجابة. لا نستطيع تأمين لقمة العيش حتى نستطيع تأمين هذه الأمور بجهودنا الذاتية».
وتسبب هطول الأمطار لمدة 48 ساعة خلال الأسبوع الفائت، في أضرار مادية لحقت بـ 91 مخيماً منتشرة شمال غرب سوريا، وبلغ عدد الخيام المتضررة بشكل كلي 174 خيمة، فيما تضررت 318 خيمة بشكل جزئي، وتركزت غالبية الأضرار بمنطقة معرة مصرين، ومركز إدلب، ومخيمات أطمة، وأجزاء من مخيمات ريف حلب الغربي. بحسب مدير فريق «منسقو استجابة سوريا»، محمد حلاج، لـ«الرؤية».
وقدر الحلاج، بناء على دراسة أجراها الفريق، نسبة الاحتياجات ضمن المخيمات المتضررة من العوازل المطرية والأرضية بـ100%، ومواد التدفئة وقود ومدافئ بـ94%، ومن المواد غير الغذائية بـ94%، وتوقع أن «تبدأ الاستجابة الفعلية كالعادة بعد انتهاء الهطولات المطرية، وبالحقيقة يجب معالجة السبب وليس تخفيف الأضرار».
أسباب التكرار
ويعود السبب في تكرار كوارث الشتاء التي تهدد 1293 مخيماً، يقطنها 1043000 نسمة تقريباً، في محافظة إدلب، إلى عدة أسباب. بحسب مسؤول مسح ميداني في منظمة خبراء الإغاثة (UDER)، أحمد العلي.
وأرجع العلي لـ«الرؤية» هذه الأسباب إلى «انتشار 382 مخيماً عشوائياً بعد العمليات العسكرية في إدلب، وهي مخيمات غير مخدومة وتفتقر لأبسط مقومات البنية التحتية المناسبة من طرق وصرف صحي لمواجهة الأحوال الجوية. كما أن الخيام المبنية منذ عدة سنوات تتأثر بالعوامل الجوية من حرارة وأمطار ورياح، ما أدى إلى اهترائها وسهولة تمزقها في الأجواء العاصفة، وللأسف لا تقوم المنظمات بتبديل الخيام بشكل دوري».
وتصل الفجوة بين احتياجات المخيمات والتمويل لما يقارب الثلثين سلباً. فقد بلغ تمويل استجابة الشتاء للعام الحالي 2020 نحو 13 مليون دولار. ومع انتشار فيروس كورونا المستجد، تم تخصيص 7 ملايين من المبلغ لمكافحة الفيروس، ما شكل صدمة حقيقية للنازحين في المخيمات مع بقاء 6 ملايين دولار فقط، أنفق معظمها من قبل المنظمات المنفذة، بحسب الحلاج.
وأضاف الحلاج أنه تم الانتهاء مؤخراً من توزيع الدفعة الأولى من مواد التدفئة (مازوت وفحم حجري) للنازحين ضمن مخيمات أطمه، بالتشارك بين 5 منظمات وهي شفق، والأيادي الخضراء، وتكافل الشام، و«IYD»، و منظمة بناء، حيث «تم تخيير الأسر بين الحصول على 300 كغ من الفحم الحجري أو 80 لتر مازوت.
وبعيداً عن هذا المشروع الذي يتضمن دفعتين لاحقتين، انخفض الاهتمام بالاستجابة لكوارث الشتاء. بحسب مشرف فريق ميداني في منظمة «الأيادي الخضراء» التي تنشط في مخيمات أطمه، أسعد الإبراهيم، لـ«الرؤية».
استجابة للكوارث
وتنقسم حلول الاستجابة «لكوارث الشتاء» بحسب الإبراهيم، إلى قسمين، أولها حلول قريبة المدى، تتلخص في تقديم النصح للأهالي بحفر خنادق حول خيامهم وحول المخيم بشكل عام؛ ما يخفف الصدمة الأولى للأمطار، وتنفيذ المنظمات لعمليات تعبيد وإصلاح للطرقات، وتركيب شبكات صرف مطري، وتركيب عوازل مطرية لأسقف الخيام، وإنشاء عوازل أرضية برفع الخيام عن الأرض 15 سم تقريبا. أما الحلول بعيدة المدى فتتركز على الحل السياسي المرتبط بتفاهمات تسمح بعودة النازحين إلى مناطقهم مع وجود ضمانات بعدم إيذائهم.
وذكر حلاج أن «التنسيق ضعيف بين المنظمات العاملة في سياق المجتمع المدني السوري، والتي يبلغ عددها 167 منظمة ضمن 11 جسماً تنسيقياً مسجلاً ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتنظيم التحرك للاستجابة للكوارث. لا تبدأ الاستجابة إلا بعد الكارثة».