أفاد كتاب جديد يتناول تحليل طبيعة البناء الاقتصادي لجماعة الإخوان من منظور شامل، بأن الإخوان يقومون بتوظيف الاقتصاد لخدمة مشروعهم الفكري والسياسي من ناحية، والتغلغل في المجتمع من ناحية ثانية من خلال بناء المشروعات التي تستهدف الفئات الفقيرة والمهمشة في المجتمع.
وصدر الكتاب الذي يحمل عنوان «البناء الاقتصادي لجماعة الإخوان المسلمين.. شبكات المال والأعمال والتمويل» عن مركز تريندز للبحوث والاستشارات في أبوظبي، يأخذ في الاعتبار المرتكزات الفكرية والدينية، كما يتتبع التطور التاريخي لاقتصاد جماعة الإخوان المسلمين، ومصادر تمويلها الرئيسية، والسمات العامة لهذا الاقتصاد وامتداداته داخل مصر وخارجها، كما يسلط الضوء على دور التنظيم الدولي في إدارة شبكات المال والأعمال الخاصة بالجماعة.
ويوضح الكتاب حقيقة مهمة، وهي أنه رغم الجهود العديدة التي تم اتخاذها لتجفيف مصادر تمويل الجماعة، فإنها أظهرت قدرة على المناورة والتخفي واللعب على تناقض المصالح الإقليمية والدولية في الحفاظ على بعض أصولها الاقتصادية.
ويتألف الكتاب من مقدمة و7 فصول وخاتمة، يتناول الفصل الأول العلاقة بين المرتكزات الأيديولوجية واقتصاد جماعة الإخوان المسلمين، فالنجاح الذي حققته الجماعة منذ سنواتها الأولى في مجال المال والأعمال، لا ينفصل عن توظيفها الأيديولوجي للدين في الترويج لمشروعاتها.
ويحدد الفصل الثاني السمات العامة لاقتصاد الجماعة، وكيف أنه لا ينفصل عن مشروعها الفكري والأيديولوجي، كما يخدم في الوقت ذاته أهدافها السياسية. فلا يوجد ملمح عام لهذا الاقتصاد، وإنما مزيج من الاقتصادات الليبرالية والاشتراكية التي تعكس براغماتية الجماعة وقدرتها على التأقلم مع مختلف النظم السياسية، كما أنه اقتصاد «مؤدلج» يوظف الدين في تعظيم موارد الجماعة المالية وبناء إمبراطوريتها الاقتصادية، من خلال الاستثمار في المنتجات الحلال وتوظيف العمل الخيري في تلقي التبرعات من مختلف دول العالم.
فيما يتطرق الفصل الثالث إلى طبيعة التنظيم المالي لجماعة الإخوان المسلمين، حيث تستحوذ المسألة المالية على مكانة خاصة ضمن لوائحها وتوجيهات قياداتها ومؤتمراتها، لوعيها بأهمية المال في تقدير مدى قوة التنظيم وضمان استمراريته.
وتتبع الفصل الرابع التطور التاريخي لاقتصاد جماعة الإخوان المسلمين، ورصد أهم محطات ومنعرجات التعاطي الإخواني مع قضايا المال والتمويل والإحاطة بالمعطيات التاريخية التي وسمت نشاط الجماعة الاقتصادي منذ مراحله الأولى وكذا رصد العوامل التي أثرت فيه بشكل سلبي أو إيجابي ومعرفة الظروف التي سنحت له للازدهار والانتعاش، عبر مسيرتها الممتدة منذ تأسيسها خلال عهد الانتداب البريطاني إلى انهيارها الأخير بعد سقوط حكمها في مصر في 3 يوليو عام 2013.
وتطرق الفصل الخامس إلى مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين، التي تشمل 5 بنود هي: الاشتراكات، والتبرعات، وأموال الزكاة، والمشروعات الاقتصادية، والتنظيم الدولي.
وتناول الفصل السادس دور الاقتصاد في تمدد جماعة الإخوان من خلال تقديم لمحة تاريخية حول علاقة اقتصاد الجماعة بتمددها، والوقوف عند خطتها في التمكين التي تقوم على الجمع بين الاقتصاد والعمل السياسي لقلب نظام الحكم، فضلاً عن تجربة الجماعة في اختراق المجتمعات الأوروبية واستفادتها من آليات النظام المصرفي العالمي، من حيث اتسامه بضعف التنسيق والرقابة على المستوى الدولي وما يشوبه من خروقات بسبب نظام الـ(أوف شور)، كما عملت الجماعة على استغلال العمل الخيري كمنصة للتمدد والانتشار الجماهيري، ومناقشة الاقتصاد في ظل الروابط الإخوانية ومدى تأثير رجال الأعمال من الإخوان في عملية التمدد.
واستشرف الفصل السابع والأخير مستقبل الاقتصاد الإخواني، خاصة بعد سقوط حكم جماعة الإخوان في 3 يوليو 2013، ومصادرة أموالها وأصولها، حيث عملت الجماعة على وضع خطة بديلة لتوفير السيولة اللازمة لتمويل أنشطتها التي تعددت واتسعت بفعل ظروفها الحالية، بعد أن وجدت نفسها أمام تحدي توسيع لائحة نفقاتها.