الاحد - 22 ديسمبر 2024
الاحد - 22 ديسمبر 2024

حظر نهائي لنقاب هيئة التدريس بجامعة القاهرة وسط دعوات لتعميم القرار

حظر نهائي لنقاب هيئة التدريس بجامعة القاهرة وسط دعوات لتعميم القرار

أيدت المحكمة الإدارية المصرية العليا اليوم الإثنين حظر ارتداء عضوات هيئة التدريس بجامعة القاهرة للنقاب، وهو ما رحب به أكاديميون ومثقفون واعتبروه انتصاراً على الأفكار المتطرفة وإشارة لباقي مؤسسات الدولة لاتخاذ نفس الخطوة.

وأصدرت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، حكماً نهائياً برفض الطعون المطالبة بوقف تنفيذ وإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري بتأييد قرار رئيس جامعة القاهرة الصادر في أبريل 2015، بحظر ارتداء النقاب على عضوات هيئة التدريس بالجامعة.

ويعد الحكم الصادر يوم الأحد نهائياً غير قابل للطعن، خاصة بعدما أوصت هيئة مفوضي الدولة الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بإصدار حكم نهائي بتأييد حظر ارتداء النقاب لعضوات هيئة التدريس والهيئة المعاونة بجميع كليات جامعة القاهرة.



كان الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة الأسبق، أصدر قراراً في أبريل 2015 بحظر عمل المنتقبات بالجامعة، أعقب ذلك إقامة أحد المحامين 4 دعاوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة وكيلاً عن 80 باحثة منتقبة بجامعة القاهرة، مطالباً بإلغاء قرار رئيس الجامعة بحظر النقاب على أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة من طلاب الدراسات العليا، داخل المعامل البحثية، ومراكز التدريب العلمية لطلبة الدراسات العليا، لكن محكمة القضاء الإداري، برئاسة المستشار يحيى دكروري، أيدت القرار في 19 يناير 2016.

وقالت المحكمة حينئذ في حيثيات حكمها، إن حرية الفرد في اختيار ملبسه تندرج ضمن الحرية الشخصية التي كفلها الدستور ولا يتقيد الفرد العادي بأي قيود تفرضها عليه جهة الإدارة وله أن يرتدي ما يروق له من زي، إلا أن هذه الحرية ليست مطلقة، وإنما عليه أن يمارسها في حدود احترام الآداب العامة، وأشارت الحيثيات إلى أنه إذا كان الأصل أن يتمتع الموظف العام بحرية اختيار الزي الذي يرتديه أثناء عمله بشرط أن يتوافر في الزي الاحترام اللائق بكرامة الوظيفة، إلا أن هذه الحرية قد تحمل قيوداً تنص عليها القوانين واللوائح أو القرارات الإدارية أو العرف الإداري أو تقاليد الوظيفة.

وأضافت المحكمة، أن قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية لم يتضمنا نصاً يلزم أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من المدرسين المساعدين بارتداء زي مخصوص، إلا أن المادة 96 من قانون تنظيم الجامعات ألزمتهم بالتمسك بالتقاليد الجامعية، ومن ثم فيتعين عليهم فيما يرتدون من ملابس احترام التقاليد الجامعية وأن يلتزم عضو هيئة التدريس بارتداء الروب الجامعي فوق ملابسه أثناء المحاضرات.

وتابعت «كما ألزمتهم المادة ذاتها بتدعيم الاتصال المباشر للطلاب بما يعني ألا ينعزل عضو هيئة التدريس عن الطلاب ولا يحجب نفسه عنهم أثناء المحاضرات وغير ذلك من الأنشطة الجامعية».

وقالت المحكمة إن تقاليد الجامعة التي أرستها أجيال متتابعة من العالمات الفضليات ممن تخصصن في علوم الدين والفلسفة الإسلامية والتصوف، وتخرج على أيديهن أجيال من الدارسين في مصر والوطن العربي، تثبت أنه لم تحجب واحدة منهن وجهها عن طلابها بإخفائه وراء النقاب، كما أن قيام بعض عضوات هيئة التدريس بارتداء النقاب أثناء المحاضرات لا يتحقق معه التواصل المباشر، بالمخالفة للقانون.

وفي أبريل 2017، أصدرت هيئة مفوضي الدولة، تقريراً قضائياً، أوصت فيه الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بإصدار حكم نهائي بتأييد حظر ارتداء النقاب على عضوات هيئة التدريس والهيئة المعاونة بجميع كليات جامعة القاهرة، ومعاهدها وإلقاء المحاضرات والدروس النظرية والعلمية أو حضور المعامل أو التدريب وهن منتقبات، ليصدر اليوم الحكم النهائي بتأييد القرار.

وقال رئيس جامعة القاهرة الأسبق، أستاذ القانون العام، الدكتور جابر جاد نصار، صاحب قرار حظر ارتداء النقاب داخل الجامعة، إن حكم المحكمة الإدارية العليا الآن «يعد عنوان الحقيقة ويؤكد صحة القرار الذي اتخذناه في حينه، بمنع عضوات هيئة التدريس من التدريس بالنقاب، وكذلك منع النقاب في المستشفيات الجامعية، وهذا يؤكد أن القرار قد صدر لصالح العملية التعليمية، وهذا الحكم يرسي مبدأ جديداً من مبادئ المحكمة الإدارية العليا الذي يجب أن تلتزم به كافة مؤسسات الدولة وتحظر النقاب داخلها سواء كانت تعليمية أو غير تعليمية».

وأضاف نصار لـ«الرؤية»، أنه استناداً لهذا الحكم، فإن أي قرار يتخذ بمنع النقاب في أي مؤسسة عامة هو صحيح، ولا يخالف القانون، وإذا طعن عليه، سوف تؤكد المحكمة الإدارية العليا نفس المبادئ التي أكدتها في هذا الحكم، وهو أنه إذا كان الأصل العام أن الملبس حرية شخصية، إلا أن الوظائف العامة لها ضوابطها التي يجب أن يلتزم بها الموظف، مشيراً إلى أن المحكمة الإدارية العليا بحكم وجودها هي محكمة نهائية تضع المبادئ القانونية في مسألة معينة، والمبادئ التي وضعتها في هذا الحكم، تعطي للجهات الإدارية وللمؤسسات العامة والحكومة الحق في منع النقاب دون أي مشكلة.



وقال أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، الدكتور عبدالله النجار، إن الحكم قضائي، لا يستطيع أحد معارضته، والحكم عنوان الحقيقة، مضيفاً «أنا شخصياً معه»، مشيراً إلى أن الحكم يصادق الشرع، فالنقاب ليس من الشرع، وهو زيادة في الدين. وأضاف النجار، لـ«الرؤية»، أن النقاب له مفاسد، لافتاً إلى أن البعض يرتديه لاعتبارات ذاتية يبرر بها دفاعه عنه أو ارتداءه، لكن هذه الاعتبارات الذاتية يقابلها مفاسد تطغى عليها، منها الاستتار به، وتفريق المجتمع إلى منقبة وغير منقبة، واتهام غير المنقبة بأنها غير مسلمة، فضلاً عن اتخاذ البعض للنقاب وسيلة لارتكاب الجرائم.



وقالت أستاذة العقيدة والفلسفة، عميدة كلية الدراسات الإسلامية السابقة، في جامعة الأزهر، عضوة مجلس النواب، الدكتورة آمنة نصير، إن الحكم النهائي اليوم بحظر النقاب داخل جامعة القاهرة، هو الحق والحقيقة، لأن النقاب ليس تشريعاً إسلامياً، بل هو شريعة يهودية، تجذرت بين القبائل اليهودية، والقبائل العربية، وجاء الإسلام، ودعا المؤمنين والمؤمنات لغض البصر (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)، إذن فالإسلام دعا المرأة والرجل كليهما، لغض البصر، وهو تربية سيكولوجية، ونفسية للرجل والمرأة، في غض البصر، مشيرة إلى أن غض البصر هو الذي يبنى عليه الداخل والخارج للمرأة والرجل، لأن النقاب لا يدعو لغض البصر.

وأضافت نصير، لـ«الرؤية»، أن النقاب يعد تعطيلاً لدعوة القرآن الكريم إلى غض البصر للرجل والمرأة، فهذه تربية إسلامية عقائدية راقية بأن يغض كل من الرجل والمرأة البصر.

وقالت «كيف يطالب الحق جل شأنه بغض البصر، ويطالب البعض بنقاب، هذا تناقض مع آيات القرآن».

وعبرت عن أملها في تعميم الحكم على كافة الجهات، على مستوى الجمهورية. وقالت إنها مندهشة من إيلاء السلفيين هذا الأمر (النقاب)، عناية كأنه أصل من أصول الإسلام. وتساءلت «ما الذي دفعهم لذلك، ولماذا حصروا دعوتهم بهذه الشدة على النقاب، ما هو الهدف؟.. أريد إجابة».



وقال وزير الثقافة الأسبق، الدكتور جابر عصفور، إن الحكم النهائي بحظر النقاب في جامعة القاهرة تأكيد للصفة المدنية للجامعة، وعلامة على أن القضاء لديه موقف واضح وصريح في صف الدولة المدنية. وأضاف عصفور لـ«الرؤية»، أن حكماً كهذا يقف ضد المد السلفي في مصر، وضد سيطرة الأفكار المتطرفة، ويقف على وجه الدقة إلى جانب الدولة المدنية. وتساءل «هذه عملية تعليمية، كيف أكون أستاذاً وأرى طالبة منقبة، ولا أنا فاهم هل هي متابعة أم لا، ولد أم بنت، فالتعليم عملية اتصال بين الأستاذ والطالب، من خلال الوجه والعينين». وتباينت ردود الأفعال على الحكم عبر منصات التواصل الاجتماعي. وكتب داعية سلفي، يدعى سامح عبدالحميد، قائلاً، إن النقاب حرية شخصية، لا يمكن التعدي عليها، معتبراً أنه لا يؤثر على العملية التعليمية، وأنه منصوص عليه في الشرع، وله أدلة صحيحة وثابتة، وليس بدعة حديثة، على حد قوله. وأشاد مستخدمون آخرون لموقع تويتر بالحكم. وغردت إيمان نصر قائلة «الإدارية العليا تؤيد حظر النقاب لعضوات هيئة تدريس جامعة القاهرة عقبال الباقي».

وكتبت إيمان رسلان «مبرووك كبيرة حظر نهائي للنقاب، سعادتي لا توصف الآن بحكم المحكمة، ومنع النقاب، ولا يصح إلا الصحيح، ولا عزاء لمدعي الوهم ومشجعيه، والإخوان بالجامعة، والسؤال هو هل يطبق في كل الجامعات؟، الآن أطالب وزير التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات بذلك وهو ما طالبت به منذ 4 سنوات». وقالت ماهيتاب عزب «حظرووه، المحكمة الإدارية العليا تؤيد حكم حظر النقاب لعضوات هيئة تدريس جامعة القاهرة، الأيادي المرتعشة تنشف بقا وتاخد القرار في بقية مؤسسات الدولة».