تتعالى الدعوات في الجزائر لإعادة تفعيل أحكام الإعدام مع تصاعد وتيرة جرائم الاغتصاب والقتل حرقاً التي طالت بشكل أخص عدة نساء خلال الفترة الأخيرة في مناطق متفرقة داخل البلاد.
وعاش الجزائريون في ظرف أسبوع واحد، على وقع 3 جرائم كان حرق الجثة بعد قتل الضحية قاسمها المشترك، ما أعطى دفعاً للمطالبين بإعدام المدانين في هذا النوع من الجرائم وسط معارضة بعض الحقوقيين.
وفي ولاية تمنراست جنوب الجزائر، عثر مواطنون على جثة محروقة تعود لطالبة جامعية في الـ20 من عمرها، في حادثة هي الثالثة من نوعها في غضون أسبوع، حيث اهتزت سطيف شرقي البلاد، على وقع جريمة مماثلة الخميس الماضي راحت ضحيتها طالبة (32 عاماً) عُثر على جثتها مغطاة بعجلات مطاطية مشتعلة في وسط غابة.
وفيما لم تتضح بعد ملابسات حادثة تمنراست، أفادت مصادر محلية بأن الجاني في حادثة سطيف شاب كان يخطط للزواج من الفتاة قبل أن ترفض عائلته الأمر بسبب فقر أسرتها وتقرر تزويجه بأخرى، ما أدى لمشاجرة مع الضحية انتهت بالجريمة المروعة.
وقبل هذه الحادثة بأسبوع تفجرت قضية شيماء (19 عاماً) التي استدرجها شاب إلى محطة بنزين مهجورة بمنطقة الرغاية الضواحي الشرقية للعاصمة واغتصبها قبل أن يقتلها ويضرم النار في جثتها.
وفي السياق ذاته، حررت قوات الدرك، الأحد، فتاة (27 عاماً) من أيدي مختطفيها بولاية سيدي بلعباس غربي البلاد، ليسهم هذا التطور في تخفيف حصيلة «جرائم» الأسبوع.
وحسب ناشطات نسويات فإن الجزائر شهدت مقتل 39 امرأة منذ مطلع العام الجاري في جرائم، فيما بلغت حصيلة العام الماضي 60 ضحية.
وتشعل جرائم العنف والقتل ضد النساء والأطفال خصوصاً المرتبطة بحوادث الاغتصاب والخطف، غضب الرأي العام وتعزز موقف المطالبين بتنفيذ عقوبة الإعدام المعلقة منذ 1993.
وفي هذا الصدد، شددت أسرة الضحية شيماء خلال تدخلها عبر وسائل إعلام محلية على ضرورة تبني الرئيس عبدالمجيد تبون العودة لتنفيذ عقوبة القصاص، فيما اجتاح هذا المطلب منصات التواصل الاجتماعي.
وحمل تصاعد المطالب في هذا الاتجاه، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بوزيد لزهاري على القول إن الدستور ينص على تكريس الحق في الحياة لذلك فإنه يستحيل، حسبه، تطبيق عقوبة الإعدام، بالرغم من أن قانون العقوبات الجزائري يقرها في 18 جريمة
.
بدوره، أعرب الناشط الحقوقي حسين زهوان الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان لـ«الرؤية» عن معارضته عقوبة الإعدام، موضحاً «تستحيل معالجة عنف بعنف آخر»، ومؤكداً أن الحل «ليس الرضوخ لضغط الرأي العام وتطبيق عقوبة الإعدام، لأن الإعدام لا يحد من الجرائم حسب ما هو مؤكد علمياً».
من جهته، أكد لـ«الرؤية» المحلل السياسي والحقوقي فاتح قرد أن ما ذهب إليه لزهاري في التحجج لإلغاء تنفيذ الإعدام بأن الدستور يكرس الحق في الحياة يمثل «قراءة عرجاء للدستور تركز على حق المجرم في الحياة وتغفل حقوق الضحية»، متسائلاً «من سيحمي حق الضحية إذا لم تحمه العدالة والقضاء؟»
.
وأوقف تنفيذ حكم الإعدام في الجزائر بموجب قرار سياسي عام 1993، بعد انضمام الجزائر إلى الاتفاقية الدولية لوقف تنفيذ حكم الإعدام.
ويرى فاتح قرد أن «تنفيذ حكم الإعدام بات يمثل مطلباً لرأي عام يتكون أساساً من نخبة وجماهير وحقوقيين إضافة إلى عائلات الضحايا»، موضحاً أن المخرَج من هذه الأزمة يكمن في أن تقدم الجزائر على عرض الاتفاقية الدولية على الشعب عبر الاستفتاء أو من خلال البرلمان وعند رفضها يتم الانسحاب منها انسجاماً مع الرغبة الشعبية.