الجمعة - 27 ديسمبر 2024
الجمعة - 27 ديسمبر 2024

محمود درير .. قصة المحارب والمفاوض والوسيط

لا يعلم كثير من السودانيين تاريخ الوسيط والمبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي للسودان، السفير محمود درير، ولكن قلوب معظم السودانيين أسرتها دموع الرجل عند التوقيع على اتفاق مبدئي بين قوى الحرية والمجلس في 17 يوليو الماضي، ليفتح الطريق أمام التوصل في نهاية الأمر إلى اتفاق على ترتيبات المرحلة الانتقالية.

يعتبر درير من صناع إثيوبيا الجديدة، وله خبرة سياسية ودبلوماسية طويلة، بدأها مناضلاً ضد تهميش الإقليم الصومالي في إثيوبيا الواقع في شرق البلاد خلال عهد الإمبراطور هيلا سيلاسي، ثم واصل كفاحه ضد السياسات الظالمة لنظام (الدرغ Derg) نسبة للجنة التنسيقية لقوات الشرطة والجيش المشكلة من الحكومة العسكرية التي أنهت نظام الإمبراطور في 1974.

وبالرغم من أن درير ناضل من أجل حق الإثيوبيين من أصل صومالي، الذين ينتمي إليهم، في تقرير المصير، إلا أنه لم يكن انفصالياً وفقاً للكاتب السياسي سيفو ماهيفير، ويصف نفسه بأنه «فيدرالي حتى النخاع»، ولكنه أراد أن تكون الوحدة الإثيوبية قائمة على أسس من الثقة والعدل والمساواة.


وفي الثمانينات من القرن الماضي ذهب إلى دولة الصومال بعد تصاعد خلافاته مع النظام الإثيوبي وانضم إلى جبهة التحرير الصومالية الغربية الفصيل المعارض للنظام الإثيوبي، وأصبح رئيس رابطة الشباب الصومالية التي تضم الإثيوبيين من أصل صومالي، وعمل معلماً في مدارس الصومال.


وعندما فكر الرئيس الصومالي وقتها محمد سياد بري في غزو إقليم الصومال الإثيوبي، كان درير معارضاً لغزو بلده من الخارج، ففر من الصومال إلى العراق وذهب منها إلى تركيا ثم سوريا، حيث درس في جامعة دمشق ونال شهادة في الأدب الإنجليزي والعربي.

عاد درير إلى مسقط رأسه «دير دوا» في الجزء الإثيوبي من منطقة أوجادن في عام 1991، مع انهيار نظام الدرغ، وانضم إلى جبهة تحرير قرقورا (Issa-Grgura) في المنطقة ثم أصبح رئيس الجبهة، وهي واحدة من الجبهات المختلفة التي وقعت على الميثاق الانتقالي لإثيوبيا بعد عهد الدرغ.

وكان درير إحدى الشخصيات التي لعبت دوراً أساسياً في تشكيل تحالف من 13 جبهة مختلفة في المنطقة لإنشاء الرابطة الديمقراطية الصومالية الإثيوبية.

أصدر جريدة أسبوعية باللغة الصومالية (هي الأولى من نوعها في إثيوبيا) تحمل اسم «واياها ديري داب» وتعني (صومالي تايمز)، ثم أنشأ حزب الشعب الصومالي الديمقراطي وأصبح رئيساً له.

فاز درير بعضوية البرلمان عن المنطقة الصومالية، بعد أن شهدت إثيوبيا انتخابات منظمة لأول مرة في 1995.

وعين لاحقاً سفيراً لإثيوبيا في زيمبابوي وزامبيا وملاوي ومصر، كما تقلد عدة حقائب وزارية، حيث عمل وزيراً للنقل والمواصلات ثم وزيراً للمعادن ثم للثقافة والسياحة.

يتحدث درير مجموعة معقدة من اللغات الوطنية والعالمية مثل الأمهرية والصومالية والأرومو والهراري والتغرينية، إضافة للإنجليزية والفرنسية وأيضاً العربية التي تحدث بها وهو يغالب دموعه يوم الإعلان عن الاتفاق المبدئي يوم 17 يوليو.