2018-08-17
أكد نقّاد وكتّاب أن الساحة الأدبية تواجه فراغاً نقدياً يدفع ثمنه القارئ بمنتج أدبي هرب من «رقيب صلب وصالح يهتدي بالعقل ويستنير بالمعرفة» يتمثل في الناقد الحقيقي.
وأفاد «الرؤية» أدباء أن الشخصنة والعلاقات المبنية على المصالح تتحكم اليوم في تناول نقاد لأعمال روائيين وشعراء، ما دفع بالبعض إلى إصدار محتوى فارغ لا يستحق النشر.
في المقابل، يرى نقاد أن دخلاء على المهنة شوّهوا صورة الناقد من حارس أمين على العمل إلى مجرد (مطبّل) لا يسعفه علمه في دراسة العمل الأدبي.
واعتبر الروائي والناقد نبيل سليمان الشخصنة واحدة من أكبر أمراض النقد ولا تقل خطورة عن افتقاد الأهلية العلمية، أو تشوّه وقصور الذائقة النقدية.
وتابع: «من الطبيعي أن يكون لناقدٍ ما كاتبه الأثير وربما يوقف جلّ عمله النقدي على إنتاج هذا أو هذه، لكن هذا شيء وداء الشخصنة شيء آخر، أما الرهان فيبقى على البقية الباقية، سواء في الصحافة أو الأكاديميات أو في عموم المشهد النقدي، والتي لا تزال براءً من ذلك الداء».
من جانبها، تعتقد الكاتبة الدكتورة مانيا سويد أن النقد الأدبي اليوم فقد قيمته التي كان عليها في الماضي، عازية ذلك إلى انتشار ظاهرة الكتابة باللهجات العامية واستعمال أساليب التصوير الواقعي وانكماش الصور الجمالية، وإهمال المحسنات البديعية وعدم الرغبة في اختيار العبارات التي تحوي قيماً بلاغية.
وقالت «كل ذلك بمثابة الفيروس الزاحف الذي يضعف النقد الأدبي ويقلل من قوته وأهميته، لا سيما بعد أن تحولت أذواق القراء وتعقدت ميولهم ولم يعد هناك من يهتم بالنقد الأدبي الذي اقتصر وجوده على الأكاديميات».
أما القلة القليلة من حالات النقد الأدبي التي نشاهدها الآن بحسب سويد، فلم تعد ثمة ثقة من جانب الجمهور في مصداقيتها ومحتواها، لا سيما أن الكثير من الاعتبارات السياسية والاقتصادية سيطرت على توجهات النقاد بحيث أصبح التقييم في الغالب غير معبر عن حقيقة العمل الأدبي.
وأكدت أنه نتيجة لذلك، تجرّأ عدد غير قليل من الروائيين وكتاب القصة ليس فقط على قواعد اللغة وجمالياتها وفن الرواية والقصة، بل تجرؤوا أيضاً على قيم المجتمع وأخلاقياته وآدابه.
بدورها اعتبرت الكاتبة بدرية مبارك أن الحيادية والموضوعية لدى الناقد أصل لا مناص عنه إلا أنه لا يخلو من المجاملات النقدية، مؤكدةً أن هذا الخطر الأدبي يؤدي بالكاتب إلى الهاوية.
ورأت أن عمل النقاد يدفع الكتاب نَحْو تجويد المحتوى فمهمتهم محاربة الكتابات المتهورة التي لا ترقى للنشر.
وأوضحت أن قيمة النقد لا تتغير بينما تتطور أدوات الناقد بحسب النظريات النقدية المستحدثة، مشيرة إلى بدايات النقد التي ظهرت منذ عصر مبكر على يد الشاعر النابغة الذبياني فكان الشعراء يعرضون قصائدهم عليه فيجيزها أو يردها.
صراع أزلي
الناقد والروائي نبيل سليمان أكد أن هناك فعلاً صراعاً بين النقاد والأدباء، مشدداً على أن المهمفي الأمر أن يكون الصراع مخصباً، خلّاقاً، وليس مدمراً، كالاختلاف.
وقال «لنبدأ أيضاً من الصراع في الشخص الواحد، عندما يكون الروائي أو الشاعر ناقداً فكيف هو الصراع في دخيلة الكاتب والناقد كمال أبو ديب مثلاً، أو في دخيلة الروائي والباحث أمبرتو إيكو؟ هنا يقوم التفاعل والتكامل، وليس الإلغاء أو التقزيم أو المهاترة».
وتابع «وهكذا يجب أن يكون الأمر في الصراع أو الاختلاف بين النقاد والأدباء بعامة، لكن الأمر ليس غالباً هكذا، حيث تكثر للأسف العصبوية والشللية والاستعلاء والتنابذ».