الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

السندات الأوروبية.. إلى متى يستمر ارتفاع الدَّين الإيطالي؟

السندات الأوروبية.. إلى متى يستمر ارتفاع الدَّين الإيطالي؟

يتساءل المحللون عن المدة التي يمكن أن يستمر فيها ارتفاع الدَّين الإيطالي، حيث تشمل المخاطر مبيعات سندات البنك المركزي الأوروبي، وسياسات الحكومة الشعبوية الجديدة. علماً بأنَّ السندات الإيطالية تتجه نحو تحقيق أكبر مكاسبها منذ نحو ثلاث سنوات هذا الشهر، ما يجعل المحللين يتساءلون إلى متى سيدوم هذا الارتفاع.

تتردَّد أخبار الديون الإيطالية وسْط رهانات مفادها أنَّ الركود في منطقة اليورو سيبطئ وتيرة ارتفاع أسعار الفائدة في البنك المركزي الأوروبي، إذ أدَّى ذلك إلى انخفاض العائدات على السندات لمدة 10 سنوات بما يزيد على نقطة مئوية من أعلى مستوى لها في تسع سنوات في سبتمبر، وأدَّى إلى أكبر انخفاض لأقساط الديون على ألمانيا منذ عام 2020، ما يُعدُّ مقياساً للمخاطر في المنطقة.

ومع ذلك، فإنَّ معظم مكاسب سوق السندات حتى الآن مدفوعٌ بنشاط المتداولين الذين أوقفوا الرهانات القصيرة، بدلاً من إضافة صفقات طويلة جديدة. كما انخفضت المراكز المتميزة في العقود الآجلة للسندات الإيطالية لمدة 10 سنوات بنسبة 20% في الأشهر الأخيرة، ما يشبه الانخفاض الذي شوهد بعد الوباء، وفقاً لمقالة نشرتها بلومبيرغ مؤخَّراً.

ما تزال توجد قائمة كبيرة من المخاطر، مثل احتمال تضخيم الحكومة الائتلافية اليمينية للميزانية وبدء المركزي الأوروبي في بيع السندات، ما دفع استراتيجيين في «سيتي غروب» و«سوسايتي جنرال إس إيه» إلى المطالبة بالمراهنات ضد الارتفاع.

ومن ناحيتها لا تتوقع أناليزا بيازا، محللة بحوث الدخل الثابت في «إم إف إس إنفستمنت مانجمنت»، استمرار الارتفاع في العام المقبل، مضيفةً مخاطر أُخرى شملت المزيد من الزيادات الحادة في أسعار الفائدة في البنك المركزي الأوروبي أو في حال ارتكبت الحكومة الجديدة «خطأً سياسياً».

ويُعدُّ أمر الزيادات في أسعار الفائدة مركز المناقشة في الأسواق العالمية، حيث يراقب المتداولون أيَّ علامات على أنَّ التشدد النقدي العالمي بلغ ذروته، بالتزامن مع تسبُّب مسؤولي البنك المركزي الأوروبي بهبوط جديد في الديون الإيطالية يوم الجمعة بمجرَّد إعلان أنّه من السابق لأوانه خفض الزيادات في أسعار الفائدة.

أما أمر الخطأ السياسي فيُعدُّ مشكلة دائمة تبقي مستثمري السندات الإيطالية متيقظين، خاصة مع انتصار الزعيمة الشعبوية اليمينية جورجيا ميلوني في انتخابات هذا العام بعد فترة من الهدوء مع رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي.

وتتخذ ميلوني حتى الآن موقفاً معتدلاً بشأن القضية الأكثر أهمية بالنسبة للمستثمرين في السندات، ألَا وهي احتواء الإنفاق، ولكن ثمَّة مخاوف متزايدة بين المسؤولين الإيطاليين من أنَّ الصراعات الداخلية مع نائبها ومنافسها الشعوبي ماتيو سالفيني يمكن أنَّ تهدد التزامها بضبط النفس المالي، بل حتى استقرار الإدارة. وفي الوقت الحالي، يطالب المستثمرون المتميزون بإبقاء الديون الإيطالية أقل من 200 نقطة أساس مقارنةً بملاذ ألمانيا، أيَّ أقل بكثير من منطقة الخطر للبلاد عند 250-300 نقطة أساس.

ترى «سيتي غروب» و«سوسايتي جنرال» و«كوميرز بنك إيه جي» أنَّ الديون ستعود إلى هذا المستوى في الأشهر القادمة، علماً بأنَّ أمان بانسال، استراتيجي الدخل الثابت في «سيتي غروب»، يعتقد أنَّ الخطر يتلخَّص في أنَّ المركزي الأوروبي سيتابع رفع أسعار الفائدة مجدَّداً في الشهر المقبل مع التحوُّل نحو البدء في تقليص حيازاته من السندات. فيما ذكر مسؤولو المركزي الأوروبي أنَّهم يخططون لمناقشة ما يسمى بالتشديد الكمي في اجتماعهم في 15 ديسمبر، مع رغبة بعض المسؤولين ببدء المناقشة في أوائل عام 2023.

وكانت السندات الإيطالية المستفيد الرئيسي من تحفيز المركزي الأوروبي لشراء السندات، والخطوات اللاحقة للحد من التداعيات الناجمة عن الظروف المالية الأكثر إحكاماً، إذ شمل ذلك إعادة استثمار مرنة لسندات استحقاقها، إلَّا أنَّ «سيتي غروب» تتوقع استخدام هذا التدبير بشكل ضئيل في العام المقبل. فيما يعتقد آخرون أنَّ ما يُسمى بسوق السندات الحكومية طويلة الأمد ستتلقى ضربة في وقت مبكر من العام المقبل عند بدء الحكومات الأوروبية بموجة الاقتراض، مع عدم وجود أي دعم للمشتريات من المركزي الأوروبي هذه المرة.

ومن ناحيته فإنَّ فلافيو كاربنزانو، مدير الاستثمار في «كابيتال غروب» التي تدير ما تزيد قيمته على تريليونَي دولار من الأصول، يتوقَّع «الكثير من الإمدادات مع عدم وجود مشترٍ طبيعي كما في الماضي، ما سيؤدي إلى الكثير من عدم اليقين حول من سيشتري السندات الحكومية طويلة الأمد».

وسينصبُّ تركيز المستثمرين هذا الأسبوع على أرقام التضخم في منطقة اليورو وألمانيا لشهر نوفمبر، حيث من المتوقع أن تتباطأ أو تظل ثابتة. أمَّا بشأن السندات الممتازة للمملكة المتحدة، فيمكن أن تجذب بياناتُ بنك إنجلترا عن المشتريات الأجنبية في أكتوبر بعضَ الاهتمام. فيما تتحدث رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد وزميلاها لويس دي جيندوس ويواكيم ناجل قبل وبعد إعلان أرقام التضخم في منطقة اليورو. كما من المقرر أن تتحدث كاثرين مان وهيو بيل من بنك إنجلترا.

من المقرر أيضاً أن تبدأ مبيعات السندات من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، بما فيها سندات إيطالية جديدة مدتها خمس سنوات ستُباع مقابل دَين تقليدي قصير الأجل ذي معدل عائم، في حين تبيع المملكة المتحدة سندات ممتازة مدتها 30 عاماً.