تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بالتخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل، الأمر الذي رسخ مكانتها الريادية الدولية، ولا سيما في المجالات التي تعنى بحاضر ومستقبل البشرية ورفاهية المجتمعات، وهو ما كرس حضور الدولة المتميز في مختلف التجمعات البشرية التي تبحث عن حلول ناجحة للعديد من التحديات المعاصرة، وفي مقدمتها أزمة التغير المناخي التي باتت آثارها تعصف بالعديد من المناطق مخلفة آثاراً مأساوية كالفيضانات والحرائق وجفاف الأنهار وغيرها التي شهدتها مناطق متفرقة من العالم.
وتنفيذاً لرؤية القيادة الإماراتية طويلة الأمد، ركزت دولة الإمارات على تطوير قطاع الطاقة على نحو مستدام، لا سيما أن هذا القطاع مسؤول عن نسبة كبيرة من الانبعاثات الكربونية حول العالم، فبدأت مسيرة التحول نحو مصادر الطاقة الصديقة للبيئة بناء على خطط واستراتيجيات مدروسة تقوم على الحقائق والبيانات، وطورت الدولة محفظة متنوعة من مصادر الطاقة تعتمد بشكل أساسي على تلك الخالية من الانبعاثات الكربونية سواء كانت متجددة أو نووية، إلى جانب تطوير التقنيات الخاصة بالتقاط الكربون من مصادر الطاقة الأحفورية، وهو ما كرس دورها الريادي في قطاع الطاقة على الصعيد العالمي.
وقبل أكثر من عقد من الزمان، وبعد دراسات مستفيضة قررت الدولة إطلاق برنامج سمي للطاقة النووية، وضعت له مبادئ تكفل تميزه وتطويره وفق أعلى المعايير العالمية، وبالفعل باتت الطاقة النووية حالياً ركيزة أساسية لنظام الطاقة الصديقة للبيئة في الدولة، والذي يعتمد على تقنيات متعددة خالية من الانبعاثات الكربونية.
وأصبحت محطات براكة للطاقة النووية السلمية التي تطورها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي تقوم بدور ريادي في خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة باعتبارها ركيزة أساسية لاستراتيجية الدولة الخاصة بالحياد المناخي 2050.
وتدعم محطات براكة، حجر الأساس للبرنامج النووي السلمي الإماراتي، تطوير اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية، ولا سيما أنها أصبحت أكبر مصدر للكهرباء الصديقة للبيئة المستخدمة في شبكة الدولة، وتنتج كهرباء وفيرة بشكل مستدام لدعم النمو وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، إلى جانب تسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة على نطاق واسع في الدولة.
وفور تشغيلها بالكامل ستحد محطات براكة مما يصل إلى 24.5 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، وهو ما يعادل الانبعاثات الناجمة عن 4.8 مليون سيارة، الأمر الذي جعل المحطات تساهم بنسبة 25% من التزامات الدولة المخصصة للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، وبالتالي إبراز الطاقة النووية كحل مناخي موثوق ومجدٍ اقتصادياً يتيح تسريع خفض البصمة الكربونية على نطاق واسع مع دعم النمو.
وفي هذا الإطار، توفر محطات براكة ميزة تنافسية تعزز التمويل المستدام، لا سيما أنها أكبر مصدر للكهرباء الصديقة للبيئة في دولة الإمارات يتيح الحصول على شهادات الطاقة النظيفة، وبالتالي تمكين الشركات من أوراق اعتماد الاستدامة والوصول إلى تريليونات الدولارات من التمويلات المتعلقة بالبيئة والمجتمع والحوكمة، كما تسهم المحطات في تطوير قطاع متقدم تقنياً للطاقة النووية وسلسلة إمداد نووية محلية.
وفي ظل تأكيد العديد من الدراسات أن فئة الشباب حول العالم هي الأكثر قلقاً واهتماماً بظاهرة التغير المناخي، فإن الطاقة النووية توفر الحل لهذه المعضلة، لا سيما أن محطات براكة أصبحت أكبر مصدر للكهرباء الصديقة للبيئة في العالم العربي، وتدعم نقل المعرفة من الخبرات الدولية للجيل الجديد من رواد الطاقة من الكفاءات الإماراتية، إلى جانب تطوير المعارف والخبرات في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتوفير فرص عمل مجزية للشباب، وبالتالي تفعيل دورهم في خفض الانبعاثات الكربونية ومواجهة التغير المناخي؛ تمهيداً للوصول إلى الحياد المناخي.
"