تأتي فعاليات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيّر المناخ في دورته السابعة والعشرين «كوب 27»، وسط رغبة عالمية بالانتقال من مرحلة التعهدات إلى دخول مرحلة التنفيذ والالتزام بتحقيق الأهداف الدولية الخاصة بمستهدفات مواجهة تداعيات التغيّر المناخي.
ويعكس حضور نحو 120 من قادة الدول، وممثلي 197 دولة قرابة 40 ألف مشارك من أنحاء العالم، وعشرات المنظمات الدولية والإقليمية. رغبة جدية في المضي قدماً لوضع الترتيبات والتوصيات المعنية بالحد من التأثيرات السلبية للتغيّرات المناخية والتكيّف مع تداعياتها.
وتكرس دورة شرم الشيخ الأهمية المتزايدة لهذه القمة العالمية التي اكتسبتها خلال العقود الماضية وجاءت نتاجاً لسلسلة من جهود عالمية أدت إلى إعلان عقد هذه القمة بشكل سنوي. ففي عام 1949 تناول مؤتمر الأمم المتحدة العلمي المعني بالحفاظ على الموارد واستخدامها، رسمياً ولأول مرة.. موضوع استنزاف الموارد الطبيعية والحاجة إلى إدارتها لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وبعد أكثر من عقدين، أثمرت هذه الخطوة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية، المعروف أيضاً باسم مؤتمر ستوكهولم، الذي أقيم في عام 1972.
كما حفّز المؤتمر حينها إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي اعتمد أول صك دولي بشأن المناخ في عام 1979، وهو اتفاقية التلوث الجوي البعيد المدى عبر الحدود. ومع تجلي آثار التغير المناخي في خلال الثمانينيات، مثل «المطر الحمضي» في أوروبا وأمريكا الشمالية، أوصى برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالحد من إنتاج واستخدام مركبات الكربون الكلورية فلورية الشائعة الاستخدام في البخاخات ومواد التعبئة والثلاجات، حماية لطبقة الأوزون على الأرض التي تساعد على امتصاص أشعة الشمس ومنعها من الوصول إلى سطح الكوكب.
وأدى ذلك إلى اعتماد اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون عام 1985، تلاها «بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفِدة لطبقة الأوزون» في عام 1987، بينما أعلنت قمة الأرض في ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992، عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية مكافحة التصحر.ومنذ اعتمادها، أصبحت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ الركيزة الأساسية لجهود المجتمع الدولي في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وبحلول مارس 1994، كانت 165 دولة قد وقعت على الاتفاقية، كما صادقت دولة الإمارات عليها في عام 1995. وتُسمى الدول التي صادقت على الاتفاقية بـ«الأطراف».
وألزم بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والمتفق عليه في مؤتمر الأطراف COP3 عام 1997، الدول المتقدمة بتقليل إجمالي انبعاثاتها الكربونية بنسبة 5% عما كانت عليه خلال عام 1990. وحدد مؤتمر COP15 في كوبنهاغن عام 2009 عتبة الاحتباس الحراري العالمي التي نعرفها حالياً البالغة درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.أما اتفاق باريس الذي تم تبنيه خلال COP21 في العاصمة الفرنسية عام 2015، فقد أعقب بروتوكول كيوتو، وألزم البلدان بالإعلان عن مساهمات محددة وطنياً لوقف التغيرات المناخية، كما ألزمها بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ووقف زيادة درجة الحرارة العالمية إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، حيث تعد دولة الإمارات أول دولة عربية توقع وتصادق على اتفاق باريس.
وتركز الدورة الحالية في مصر، على 4 مجالات تتمثل في التخفيف والحد من الانبعاثات الكربونية التي تسبب تغير المناخ في المقام الأول، والتكيّف عبر تجنب الأضرار الناجمة عن تغير المناخ، والخسائر والأضرار من خلال الحد من الآثار التي يسببها التغيّر المناخي، إضافة إلى وسائل تنفيذ اتفاق باريس خاصةً مع الدعم المالي. ويواجه العالم اليوم تداعيات التغير المناخي والتي لا تقتصر على الجوانب البيئية فقط بل تشمل أيضاَ الجوانب الاقتصادية، حيث حذرت دراسة عالمية أجرتها أكبر شركة لإعادة التأمين في العالم «سويس ريإنشورانس»، خلال العام الماضي، أن يتسبب تأثير التغير المناخي على الزراعة والأمراض والبنية التحتية، بالإضافة إلى الإنفاق الحكومي وغيره، في خسارة الاقتصاد العالمي 23 تريليون دولار، أي 10% من قيمته، بحلول عام 2050.