جنى منتجو النفط الأمريكيون أكثر من 200 مليار دولار أرباحاً منذ الحرب الروسية الأوكرانية، بعدما استفادوا من فترة الاضطرابات الجيوسياسية التي زعزعت سوق الطاقة العالمية، وأدت إلى ارتفاع الأسعار.ووصل صافي الدخل الإجمالي لشركات النفط والغاز المدرجة في البورصة العاملة في الولايات المتحدة إلى 200.24 مليار دولار للربعين الثاني والثالث من العام، وفقاً لتحليل تقارير الأرباح والتقديرات التي أجرتها ستاندرد آند بورز لصحيفة فاينانشيال تايمز.
ويمثل هذا الرقم - الذي يشمل الشركات العملاقة والمجموعات المتكاملة متوسطة الحجم ومشغلي النفط الصخري المستقل - أكثر الأشهر الستة ربحاً المسجلة في القطاع، ويضعه في مساره لعام غير مسبوق.وقال حسن التوري، المدير التنفيذي لأبحاث الأسهم الأولية في ستاندرد آند بورز إنه «من المرجح أن يكون التدفق النقدي التشغيلي محطماً للأرقام القياسية - أو على الأقل قريباً جداً منه - بحلول نهاية العام».
وأثارت الثروة النقدية غضب البيت الأبيض، حيث أثر ارتفاع أسعار البنزين على أرقام استطلاعات الرأي للديمقراطيين قبل انتخابات التجديد النصفي الحاسمة الأسبوع المقبل.ووصف الرئيس جو بايدن هذا الأسبوع الأرباح الضخمة بأنها «مفاجأة الحرب» واتهم الشركات بـ«التربح» من الحرب الروسية الأوكرانية. وقال إنه ما لم يستثمروا الأموال في ضخ المزيد من النفط لخفض الأسعار في المضخة، فإنه سيطلب من الكونغرس فرض ضرائب أعلى عليهم.
لا يزال من غير المرجح أن يتم تمرير تشريع ضريبة الأرباح المفاجئة في واشنطن. لكنها أصبحت حقيقة واقعة عبر المحيط الأطلسي، فقد أدخلت بروكسل «مساهمة تضامنية» بنسبة 33% على الأرباح الزائدة، في حين فرضت لندن 25% إضافية «ضريبة أرباح الطاقة» التي رفعت الضريبة على الأرباح إلى 65% حتى نهاية عام 2025. ويفكر ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني الجديد، في زيادة الضريبة إلى 30 % وتمديدها حتى عام 2028. وتمَّ تعزيز الأرباح الوفيرة من خلال التدفق النقدي الحر المرتفع، وهو مقياس صناعي رئيسي يتمُّ تعريفه على أنه التدفق النقدي من العمليات مطروحاً منه الإنفاق الرأس مالي.
وبلغ متوسط سعر خام برنت، معيار النفط الدولي، أكثر من 105 دولارات للبرميل خلال الربعين الثاني والثالث، وهو أعلى بكثير من متوسط 70 دولاراً للبرميل على مدى السنوات الخمس الماضية، كما وصل سعره إلى ما يقرب من 140 دولاراً للبرميل في أوائل مارس بعد أن دخلت بداية الحرب الروسية الأوكرانية.
في غضون ذلك، طالبت وول ستريت -التي لا تزال تعاني من عقد من الخسائر المستمرة- الشركات بالدخول إلى حقبة جديدة من الانضباط الرأس مالي، مع إعطاء الأولوية لعائدات المساهمين على حملات الحفر الباهظة في السعي لتحقيق نمو أكبر للإنتاج. ويقدر بنك الاستثمار ريموند جيمس أن الإنفاق الرأس مالي من قبل أكبر 50 منتجاً في العالم سيبلغ حوالي 300 مليار دولار هذا العام، أي ما يقرب من نصف ما كان عليه في عام 2013، آخر مرة كانت الأسعار عند مستوى مماثل.
وقال بافيل مولتشانوف، المحلل في ريموند جيمس: «على مدى السنوات الخمس الماضية، تحولت الصناعة من الحفر إلى التركيز على ما يريده المساهمون بالفعل، وهو عائد رأس المال». «توزيعات الأرباح وعمليات إعادة شراء الأسهم لم تكن أبداً سخية كما هي الآن».ويقف الانضباط الجديد لشركة «بيج أويل» على النقيض من«بيج تك»، التي أحبطت وول ستريت من خلال الفشل الملحوظ في كبح جماح الاستثمار. وتراجعت أسهم شركات التكنولوجيا في الأسابيع الأخيرة بعد أن أعلنت شركات مثل غوغل وميتا عن أرباح ضعيفة.
ورداً على احتمال فرض ضريبة غير متوقعة، قال دارين وودز، الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، التي كان ربعها الأكثر ربحية على الإطلاق، إن أرباح شركته الضخمة يجب أن يعود بعض أرباحها مباشرة إلى الشعب الأمريكي.وقال ريك منكريف، الرئيس التنفيذي لشركة ديفون إنرجي، وهي شركة كبيرة لحفر النفط الصخري: «لقد أعطينا الأولوية لخلق قيمة الأسهم على السعي وراء الأحجام». «ولقد كافأنا المساهمين بعوائد نقدية رائدة في السوق».