تشكل مبادرة الإمارات الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 خطوة رئيسية في مسار النمو الذي يتماشى مع الرؤية التنموية لدولة الإمارات للسنوات الخمسين القادمة لخلق معرفة وصناعات ومهارات ووظائف جديدة.
وقد استثمرت الدولة أكثر من 50 مليار دولار في مشروعات الطاقة المتجددة في 70 دولة وتخطط لاستثمار 50 مليار دولار إضافية خلال العقد القادم.
وأطلقت الدولة استراتيجيتها للطاقة 2050 والتي تتضمن زيادة استخدام الطاقة النظيفة بنسبة 50% بحلول عام 2050، حيث تمثل الطاقة النظيفة جزءاً أساسياً ضمن مزيج الطاقة المستقبلي بحيث يكون الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 44%.
وتمتلك الإمارات سجلاً حافلاً بالابتكار المناخي بهدف تحفيز النمو الاقتصادي المستدام من خلال الاستفادة من مواردها الطبيعية وتسخير التكنولوجيا المتقدمة والبناء على خبرتها في قطاع الطاقة لإنشاء منظومة متكاملة للحلول المناخية.
كانت الإمارات أول دولة خليجية تنضم إلى المجتمع الدولي في التوقيع على اتفاقية باريس للمناخ والأولى التي وضعت أهدافاً محددة في مجال الطاقة النظيفة، فبعد تسليم مساهماتها الثانية المحددة وطنياً بشأن تغير المناخ إلى الأمم المتحدة أصبحت الإمارات أول دولة في المنطقة تلتزم بخفض الانبعاثات في كل جوانب قطاعاتها الاقتصادية بحلول عام 2030.
وتتمتع الإمارات بسجل متميز يمتد على مدى أكثر من 16 عاماً كإحدى أوائل دول المنطقة التي تتبنى حلول الطاقة المتجددة وتدعم انتشارها أضف إلى ذلك أن الإمارات تعد أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطلق مبادرة استراتيجية سعياً لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 وهي تحرص على تسريع الخطى لتحقيق التقدم المنشود في هذا المجال مع استضافتها لمؤتمر الأطراف «COP28» في عام 2023.
ومع تزايد تداعيات تغير المناخ وآثاره في جميع أنحاء العالم يقابل ذلك ارتفاع في الطلب على موارد الطاقة وعليه تحتاج المدن والمجتمعات والأفراد إلى حلول تنافسية ومجدية تجارياً وتدعم التنمية المستدامة التي تعزز عملية التخلص من الانبعاثات الكربونية. فالتغير المناخي أمر واقع في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة لذلك يتعين تحديد مزيج متوازن من الطاقة من خلال استخدام مصادر متجددة وفعالة من حيث الكلفة لحماية الكوكب وتأمين الإضاءة والتدفئة والتكييف للمجتمعات في الوقت نفسه.
ولمواجهة هذا التحدي تسعى الدول إلى تغيير استراتيجياتها الخاصة بالطاقة من أجل المساهمة في الحد من آثار التغيّر المناخي والتوصل إلى عالم منخفض الكربون أو ما يُعرف على نطاق أوسع باسم التحول العالمي للطاقة وتعتبر الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة جزءاً مهماً من الحل.
وتضمن الاستثمارات الاستراتيجية في كافة مراحل سلسلة القيمة الخاصة بالطاقة المتجددة نشر تقنيات مجربة وفعالة من حيث الكلفة بالإضافة إلى تطبيق أحدث الابتكارات على نطاق واسع لتعزيز جدواها التجارية وتلبية أهداف الاستدامة العالمية ومبادرة الإمارات الاستراتيجية الهادفة لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
وتتمتع تقنيات الطاقة المتجددة بإمكانات نوعية وتلعب دوراً مهماً في تحقيق التنمية المستدامة ولدى دولة الإمارات وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» تجربة عملية وسباقة في هذا السياق، فيما أصبحت الإمارات اليوم موطناً لثلاث من أكبر محطات الطاقة الشمسية وأقلها كلفة في العالم، ومن بين تلك المحطات محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية ومجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، وعليه فإن توجه الإمارات نحو الطاقة المتجددة هو خطوة طبيعية في ضوء مكانتها الرائدة في مجال الطاقة والتزامها بالاستدامة.
وتعمل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» على المساهمة في ترسيخ الدور الريادي لدولة الإمارات ضمن قطاع الطاقة العالمي، إلى جانب دعم تنويع مصادر الاقتصاد والطاقة فيها بما يعود بالنفع على الأجيال القادمة، ونشر أحدث التقنيات المستدامة، وكذلك تعزيز الوعي بالاستدامة وممارساتها من خلال جملة من المبادرات التوعوية والمجتمعية التي تشرف عليها الشركة.
وقد خطت «مصدر» خطوات متسارعة خلال مسيرتها الممتدة على مدى 16 عاماً وعززت الشركة من مشاريعها وأنشطتها التجارية في إطار استراتيجيتها بعيدة المدى التي تهدف إلى ضمان مستقبل مستدام، ودعم الأهداف الاقتصادية التنموية والاجتماعية لدولة الإمارات ومواصلة مسيرة الإنجازات بما يعكس تطلعات الدولة ويتماشى مع «استراتيجية دولة الإمارات للطاقة 2050».
ومنذ تأسيسها في عام 2006، تمثل «مصدر» نموذجاً حياً ومساهماً أساسياً في الحد من آثار التغير المناخي وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتستثمر «مصدر» حالياً في مشاريع مستدامة بقيمة إجمالية تزيد على 20 مليار دولار وتشمل هذه الاستثمارات التسويق الناجح للتقنيات الجديدة التي تساهم في دعم تحقيق أهداف الاستدامة لدولة الإمارات والعالم.
وقد شهدت الشركة زيادة ملحوظة في القدرة الإنتاجية لمحفظة مشاريعها للطاقة النظيفة لتفوق الـ15 جيجاواط، كما ساهمت هذه المشاريع المنتشرة في أكثر من 40 دولة في تفادي إطلاق حوالي 7.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون العام الماضي، بزيادة قدرها 40% عن عام 2020.
وتعمل شركة «مصدر» على تسخير خبراتها لدعم تطوير مشاريع الطاقة المتجدد. وفي ضوء استعداد الإمارات ومصر لاستضافة الدورتين المقبلتين من مؤتمر الأطراف «كوب 27 و28» فإن مصدر تتطلع إلى التعاون مع شركائها لإحراز تقدم ملموس في مجال تحول الطاقة الذي من شأنه أن يعود بفوائد كبيرة على كل من النمو الاقتصادي والعمل المناخي.
وتعمل «مصدر» بشكل وثيق مع مختلف شركائها المحليين والعالميين في مختلف مجالات الطاقة النظيفة لا سيما الهيدروجين الأخضر الذي يمكن استخدامه كبديل عن مصادر الوقود التقليدية في العديد من القطاعات. ومن المرجح أن يساهم الوقود الأخضر المنتج من مصادر طاقة متجددة بدور مهم ضمن استراتيجيات الحد من الانبعاثات الكربونية لعدد من القطاعات، من ضمنها قطاعات النقل لمسافات طويلة والشحن والطيران.
وتعتبر شركة «مصدر» واحدة من شركات الطاقة المتجددة الأسرع نمواً في العالم مع توقعات بأن تصل القدرة الإجمالية لمشاريعها إلى 100 جيجاواط بحلول عام 2030. وقد تم الإعلان في ديسمبر الماضي عن اتفاقية استراتيجية بين «أدنوك» و«طاقة» و«مبادلة» لامتلاك كل منها حصة في «مصدر» بهدف توسيع نطاق التطوير والاستثمار في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
كما تتمتع دولة الإمارات بمزايا تنافسية تُمكّنها من أن تصبح واحدة من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للهيدروجين منخفض الكربون والأقل كلفة على مستوى العالم حيث تتوفر الطاقة الشمسية بشكل هائل في مختلف إمارات الدولة بالإضافة إلى وجود مساحات شاسعة تتناسب مع التقنيات الخاصة بتوليد الهيدروجين الأخضر فضلاً عن الكلفة المنخفضة للكهرباء التي يتم إنتاجها بالطاقة الشمسية.