حذّر وزير المال البريطاني الجديد جيريمي هانت، السبت، من زيادة مقبلة للضرائب بينما أقر بارتكاب سلفه «أخطاء» في موازنة كارثية كشف عنها الشهر الماضي وما زالت تهدد بالإطاحة برئيسة الوزراء ليز تراس. وعنونت صحيفة «ذي تايمز» «تراس تكافح من أجل البقاء»، بعد يوم على إقالتها وزير المال كواسي كوارتنغ ليتحمّل وحيداً مسؤولية الاضطرابات في الأسواق التي أحدثتها ميزانيتهما في 23 سبتمبر.
وذكرت «ذي تايمز» و«تلغراف» وغيرهما من الصحف بأن نواباً محافظين ما زالوا يخططون للإطاحة بتراس، وهو أمر قد يحدث في غضون أيام، في ظل تدهور موقع الحزب في استطلاعات الرأي منذ تولت المنصب خلفاً لبوريس جونسون في السادس من سبتمبر.
أخطاء تراس في الماضي
وأشار الوزير الجديد جيريمي هانت إلى أنه سيتخلى عن الاستراتيجية التي أوصلت تراس إلى 10 داونينغ ستريت، وقال هانت الذي شغل منصب وزير الخارجية في الماضي ويعد من المحافظين الوسطيين «كانت هناك أخطاء». ولفت إلى أن كوارتنغ ورئيسة الوزراء ارتكبا خطأ في محاولتهما خفض ضرائب الأعلى دخلاً وبعرضهما الموازنة من دون انتظار توقعات مستقلة من مكتب «المسؤولية عن الموازنة». وقال هانت لـ«سكاي نيوز» «اعترفت رئيسة الوزراء بذلك، لهذا السبب أنا هنا».
وفي أول خطوة قام بها منذ تولى المنصب في وقت متأخر الجمعة، تحدّث الوزير الجديد مع حاكم بنك إنكلترا آندرو بايلي الذي اضطُر للقيام بتدخلات مكلفة من أجل تهدئة أسواق السندات، وأفادت وزارة الخزانة بأنهما «ناقشا أهمية التعامل مع التضخم العالمي والتزامهما بالنمو الاقتصادي والانضباط المالي».
وكان خفض الضرائب محور الموازنة الفاشلة التي أعلنها كوارتنغ ورئيسة الوزراء. لكن تمويل الخطوة كان عبر استدانة المليارات، وهو أمر أثار حالة ذعر في أسواق المال ورفع التكاليف بالنسبة للعائلات البريطانية في أوج أزمة تكاليف المعيشة. وقال هانت «سيتعيّن علينا اتّخاذ قرارات صعبة للغاية»، محذراً من أن «جميع الدوائر الحكومية» تواجه قيوداً على الإنفاق. وأفاد بأن «بعض الضرائب لن يتم خفضها بالسرعة التي يريدها الناس. سترتفع بعض الضرائب».
وأعلن هانت أنه سيدلي ببيان جديد بشأن الوضع المالي في 31 أكتوبر، قائلاً لإذاعة «بي بي سي» إن لديه «صفحة بيضاء» ليبدأ منها رغم تعهّدات تراس السابقة. وأما في الثالث من نوفمبر، فسيعقد بنك انجلترا اجتماعه المقبل لتحديد معدل الفائدة.
«معلّق بخيط»
وحذّر بايلي في خطاب في واشنطن السبت من أن المصرف المركزي «لن يتردد» في رفع معدلات الفائدة من أجل إبقاء مستويات التضخم المرتفعة تحت السيطرة، وهو ما ينذر بمزيد من الصعوبات بالنسبة للعائلات البريطانية والأعمال التجارية بعد خطة الميزانية الفاشلة. أقالت تراس وزير المال كوارتنغ بعد ساعات على عودته السريعة من اجتماعات مالية دولية في واشنطن وتراجعت عن نقطة أساسية أخرى في برنامجها فزادت الضرائب على أرباح الشركات بشكل كبير. وفي مؤتمر صحفي عقدته في داونينغ ستريت وكان الأول لها منذ خلفت جونسون، قوبل أداؤها بانتقادات واسعة إذ فشلت في تهدئة الأسواق.
واكتفت تراس بالإجابة على أربعة أسئلة فقط بينما كانت تتلفت بتوتر وترد بإجابات مقتضبة لتغادر القاعة بعد أكثر بقليل من ثماني دقائق على بدء المؤتمر. وكتبت المعلّقة جيني راسل في «ذي تايمز» أن «ليز تراس قضت على مسيرتها السياسية خلال دقائق بتصرفها بشكل آلي ومتردد وأصم وقائم على التحدي وباقتناعها التام بنقاء وضرورة مهمّتها».
ولدى سؤالها عن سبب عدم استقالتها، قالت تراس إنها «عازمة تماماً على المضي قدما بما تعهّدت به». لكن مع تخليها عن تعهّداتها الاقتصادية اليمينية التي أوصلتها إلى زعامة الحزب المحافظ في مواجهة خصمها ريشي سوناك، واجهت تراس انتقادات متزايدة بأن مصداقيتها السياسية انهارت. وأفاد كريستوفر تشوب، وهو نائب محافظ موال لتراس، محطة «بي بي سي» «أشعر بخيبة أمل كبيرة».
وقال إن تصرّفات تراس «غير منسجمة إطلاقاً مع كل ما دافعت عنه رئيسة الوزراء عندما تم انتخابها». بدوره، رأى زعيم المحافظين السابق وليام هيغ بأن بقاء تراس في منصبها بات «معلّقاً بخيط» بينما لفت وزير المال السابق فيليب هاموند إلى أنها «أهدرت سنوات وسنوات من العمل المضني» لبناء سجل الحزب في الكفاءة الاقتصادية.