السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

«تراجع الثقة».. ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة يفاقم مخاوف الشركات

«تراجع الثقة».. ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة يفاقم مخاوف الشركات

تسودُ حالةٌ من التشاؤم المتزايد في الاقتصادات الرئيسية في العالم، حيث يتسبب ارتفاع الأسعار، وعدم اليقين الجيوسياسي، في إلحاق الضرر بآفاق الشركات والمستهلكين. وقد تراجعت ثقة المستهلك والأعمال في العام الماضي بأكبر قدر خلال عقد، باستثناء الأشهر الأُولى لوباء فيروس كورونا، وفقاً لبحث أجرته صحيفة فاينانشيال تايمز.

وقد أظهر أحدث مؤشر تتبع «بروكينغز- فت» أنَّ البيانات الاقتصادية الصعبة والمؤشرات المالية الرئيسية تنخفض أيضاً من مستويات قوية بعد وباء كورونا، ما يشيرُ إلى أنَّ الزخم في الاقتصاد العالمي يتباطأ. يأتي انهيار الثقة مع اجتماع المسؤولين الماليين العالميين في واشنطن هذا الأسبوع لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ومن المتوقع أن تنشر الهيئتان توقعات تحذِّر من أن الاقتصاد العالمي على وشك الانكماش.

وقال إسوار براساد، الزميل الأول في معهد بروكينغز، إنَّ نتائج المؤشر تعكس «سلسلة من الجروح الذاتية» من قبل الشركات والحكومات، مضيفاً أنها تراوحت بين اختناقات سلسلة التوريد، وردود الفعل السياسية الضعيفة في مواجهة التضخم المرتفع إلى سياسة الصين الخاصة بعدم انتشار كوفيد، والتهور المالي في بلدان مثل المملكة المتحدة.

وقال براساد: «زخم النمو، وكذلك مؤشرات الثقة والأسواق المالية، تدهورت بشكل ملحوظ في جميع أنحاء العالم في الأشهر الأخيرة». ويقارن مؤشر تتبع «بروكينغز- فت» للانتعاش الاقتصادي العالمي مؤشرات النشاط الحقيقية والأسواق المالية والثقة مع متوسطاتها التاريخية، لكل من الاقتصاد العالمي والبلدان الفردية.

وتراجعت مؤشرات الثقة بشكلٍ حادٍّ، وهي في أدنى مستوياتها على الإطلاق منذ أكثر من عقد من الزمان في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين، كما تراجعت الثقة بشكل أكثر حِدة في الاقتصادات الناشئة، الأكثر تعرضاً لارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.

وتُعَدُّ الهند الاقتصاد الكبير الوحيد في العالم الذي يوصف بأنه «نقطة مضيئة»، مع وجود مؤشرات قوية تشير إلى نمو قوي هذا العام والعام المقبل. وتكافح بقية الاقتصادات الرئيسية في العالم مع المشكلات الاقتصادية المتصاعدة، وفقاً لكل من البيانات القوية والمقاييس الأكثر ليونة مثل مؤشرات الثقة.

وقال براساد: «العديد من البلدان بالفعل على وشك الانهيار التام وسط حالة من عدم اليقين المتزايدة والمخاطر المتزايدة»، ورغم ذلك، فإن البيانات الصعبة ليست ضعيفة بعدُ بما يكفي للإشارة إلى أن البنوك المركزية يمكنها عكس معركتها لمعالجة التضخم المرتفع عن طريق وقف ارتفاع أسعار الفائدة، كما حذَّر المحللون.

وقال براساد: «لم تَعُد الحكومات والبنوك المركزية تتمتع برفاهية التحفيز المالي والنقدي غير المقيد لتحقيق الاستقرار في النمو وتعويض الصدمات المعاكسة»، مضيفاً أنه يتعيَّن على الحكومات تجنُّب السياسات الشعبويّة غير المفيدة، مثل الحزم غير الموجهة بشكل جيد لمواجهة تأثير ارتفاع أسعار الطاقة.

وعلى الرغم من التوقعات المتدهورة، يعتقد العديد من الاقتصاديين أنه من غير المرجح أن تقوم وزارات المالية والبنوك المركزية بعكس استراتيجياتها.

وتتعرض الولايات المتحدة لضغوط من دول أُخرى لتهدئة الارتفاع في الدولار، الذي يغذّي التضخم في أجزاء أُخرى من العالم، بينما يتعيّن على الصين أن تقرر ما إذا كانت ستقلّص من سياسة انعدام كوفيد.

وقد تعرضت ألمانيا لانتقادات من قبل الاقتصاديين بسبب حجم دعمها المالي لمستخدمي الطاقة المحليين، كما تعرضت المملكة المتحدة للنقد بسبب التخفيضات الضريبية غير الممولة في وقت ارتفاع التضخم.

وأدَّى الاضطراب الأخير في الأسواق المالية البريطانية وصناديق التقاعد إلى إثارة قلق المستثمرين بشأن الاستقرار المالي للنظام العالمي مع ارتفاع أسعار الفائدة.

وحذَّر بعض المحللين من أن التشديد المتزامن للسياسة النقدية من قِبَل العديد من البنوك المركزية الكُبرى يمكن أن ينتج عنه انكماش عالمي عميق وطويل الأمد دون داعٍ.