اشتدت الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو مع أول قراءة مسجلة على الإطلاق للتضخم من رقمَين عند 10% بفعل ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي، ما يشير إلى ركود شتوي يلوح في الأفق لأحد الاقتصادات الرئيسية في العالم حيث تقوض الأسعار المرتفعة القدرة الشرائية للمستهلكين.
ووفق بيانات يوروستات اليوم الجمعة فأسعار المستهلكين المسجلة في سبتمبر الحالي هي الأعلى منذ بدء تطبيق العملة الموحدة (اليورو).
ويزيد التضخم الضغط على البنك المركزي الأوروبي لمواصلة رفع أسعار الفائدة بقوة.
وهذه القراءة تعد أكثر من متوسط التوقعات عند 9.7% في استطلاع أجرته وكالة بلومبيرغ، ويمثل الشهر الخامس على التوالي الذي تجاوزت فيه النتيجة الإجماع.
وقادت أسعار الطاقة والغذاء التضخم مرة أخرى، على الرغم من أن الإجراء الأساسي الذي يستبعدهم تجاوز أيضاً التقديرات ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4.8%.
لقد أثبتت هذه البيانات أهميتها في دفع الزخم نحو رفع أسعار الفائدة بشكل كبير في الأشهر السابقة، ومن المرجح أن تشجع هذه النتيجة الدعوات لتحرك كبير آخر في قرار البنك المركزي الأوروبي التالي في 27 أكتوبر. بدأ المستثمرون هذا الأسبوع التسعير على أساس 75 نقطة زيادة.
وفي وقت سابق، قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي مارتينز كازاك: «الخطوة التالية يجب أن تكون كبيرة لأننا ما زلنا بعيدين عن المعدلات التي تتوافق مع التضخم بنسبة 2%».
ويرى مسؤولو المركزي الأوروبي، أنه يجب التفريق بين الوضع في منطقة اليورو والولايات المتحدة، وأصروا على أن التضخم في منطقتهم مدفوع بالعرض أكثر من الطلب.
وفي هذا الصدد، حذر محافظ البنك المركزي الكرواتي بوريس فوجيتش، الذي سينضم إلى مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في يناير المقبل: «عندما يكون التضخم مرتفعاً، وعندما يقترب من مستويات من رقمَين، يمكن أن يصبح مرضاً في حد ذاته».
يستعد صانعو السياسة لأشهر أكثر صعوبة في الشتاء المقبل مع قيام روسيا بوقف إمدادات الغاز في أوروبا، إذ من المرجح أن تتسارع زيادات الأسعار بشكل أكبر في بعض البلدان، بينما تزداد احتمالية حدوث ركود.
وتتناغم أحدث توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع هذا الرأي. ورفع المسؤولون يوم الاثنين توقعاتهم للتضخم في منطقة اليورو العام المقبل بمقدار 1.6 نقطة مئوية إلى 6.2%، متجاوزة بشكل ملحوظ توقعات البنك المركزي الأوروبي.
سوق العمل
وقد يؤدي سوق العمل الضيق نسبياً إلى تكثيف هذه الضغوط، وأظهر تقرير منفصل من يوروستات أن البطالة في منطقة اليورو استقرت عند مستوى قياسي منخفض بلغ 6.6% في أغسطس.
وساعدت التخفيضات في نهاية الصيف على وسائل النقل العام والوقود في تحقيق ارتفاع الأسعار بنسبة 10.9%، وهو أعلى معدل رئيسي شوهد في الاقتصادات الصناعية لمجموعة السبع منذ اندلاع أزمة الطاقة. وسجلت إيطاليا وهولندا وبلجيكا تسارعات كبيرة في الأسعار.
على النقيض من ذلك، تباطأ نمو الأسعار بشكل غير متوقع في فرنسا وضعف أكثر بكثير مما كان متوقعاً في إسبانيا.