السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

لماذا يراهن المستثمرون على «انهيار» اليورو في وجه الدولار «الآمن»؟

يراهن المستثمرون على أن قيمة اليورو ستنخفض إلى أعلى مستوى لها منذ أن ضرب الوباء أوروبا قبل نحو عامين، مع تزايد الخطر من أن أسعار الطاقة القياسية ستجر المنطقة إلى الركود، بحسب فاينانشيال تايمز.

وتعكس الرهانات المتزايدة مقابل اليورو الاتجاه الصعودي للدولار الأمريكي، والذي عززته إشارات من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على لسان رئيسه جاي باول، الجمعة، بأنه سيواصل رفع أسعار الفائدة لمعالجة التضخم المرتفع حتى في حالة التباطؤ.

وبالإضافة إلى خطر الركود، تواجه أوروبا أيضاً ارتفاعاً حاداً في الأسعار، وفي الاجتماع السنوي لمحافظي البنوك المركزية في جاكسون هول، حذّر عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، إيزابيل شنابل، ومحافظ البنك المركزي الفرنسي، فرانسوا فيليروي دي جالو، من أن السياسة النقدية يجب أن تظل صارمة لفترة طويلة في أوروبا.

وبنى المضاربون صفقات بيع صافية على اليورو -طريقة للمراهنة على انخفاض قيمة العملة- من 44100 عقداً في الأسبوع المنتهي في 23 أغسطس، ارتفاعاً من 42800 في الأسبوع السابق، وفقاً للبيانات التي نشرتها لجنة تداول السلع الآجلة يوم الجمعة.

ويمثل هذا أكبر موقف هبوطي مقابل اليورو منذ بداية الوباء في الأسبوع الأول من مارس 2020، عندما احتفظ المستثمرون بصفقات قصيرة صافية بلغت 86700 عقد، حيث انحدر اقتصاد منطقة اليورو إلى انكماش قياسي بعد الحرب.

وانخفض اليورو بالفعل بنسبة 15% ليتهاوى إلى ما دون قيمة الدولار في العام الماضي، ووصل إلى أدنى مستوى في 20 عاماً الأسبوع الماضي مع صعود أسعار الجملة للغاز والكهرباء إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في أوروبا وسط مخاوف من تضييق روسيا على إمدادات الطاقة الحاسمة.

وقال مارك ماكورميك، الرئيس العالمي لاستراتيجية العملات الأجنبية في TD للأوراق المالية، إن «اليورو في الوقت الحالي هو انعكاس لصدمة الطاقة الأوروبية، والمحرك الأكبر للأسبوعين المقبلين يتضمن ما سيحدث مع خط أنابيب نورد ستريم 1 من روسيا وارتفاع أسعار الغاز».

وقال إن TD دخلت في صفقة قصيرة باليورو عندما تم تداولها عند 103.45 دولار، وجنت أرباحا بعد أن انخفض مؤخراً اليورو إلى التعادل مقابل الدولار.

ودفع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المستثمرين إلى إعادة تقييم المدة التي يمكن أن يظل فيها التضخم مرتفعاً، ومدى شدة تأثيره على اقتصاد منطقة اليورو، حيث تحذر قطاعات من إنتاج الأسمدة إلى صناعة الزجاج من أن ارتفاع أسعار الغاز يقيد الإنتاج.

وقال ديفيد آدامز، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «مورجان ستانلي» إن الرهانات المتزايدة مقابل اليورو تعكس أيضاً دور الدولار باعتباره «ميناء آمناً في العاصفة» بالإضافة إلى حقيقة أن الولايات المتحدة ليست معرضة لأزمة الغاز.

ويعمل ضعف اليورو على تغذية التضخم، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الواردات بما في ذلك الطاقة، ويتوقع الاقتصاديون أن تكون أسعار المستهلكين في منطقة اليورو قد ارتفعت بمعدل قياسي قدره 9% في العام المنتهي في أغسطس، عندما يتم نشر أحدث البيانات يوم الأربعاء.

واقترح بعض صانعي السياسة في البنك المركزي الأوروبي تسريع الوتيرة التي يرفع بها أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم قائلين إنه يجب أن يفكر في زيادة 0.75 نقطة مئوية في اجتماعه في 8 سبتمبر، في حين قال شنابل لجاكسون هول، إن هناك حاجة إلى تضحية أكبر من أجل ترويض التضخم عن ما كان عليه خلال الفترات السابقة من تشديد السياسة النقدية.

وتتمثل إحدى المخاطر التي يواجهها المستثمرون الذين يراهنون على اليورو في أن تدفق الأموال بعيداً عن أوروبا للاستثمار في الولايات المتحدة ومناطق أخرى قد ينعكس خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر القادمة، حيث يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة، مما يجعل سندات منطقة اليورو أكثر جاذبية.

وقال: «إن الجاذبية النسبية للاحتفاظ بالورق الأوروبي آخذة في الارتفاع»، مضيفاً أنه بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين، فإن العوائد طويلة الأجل من الاستثمار في السندات الحكومية في منطقة اليورو قد تتجاوز قريباً تلك المتاحة من معادلات الولايات المتحدة بعد خصم كُلفة التحوط ضد تحركات العملة.

وقالت رئيسة استراتيجية العملات الأجنبية في «رابوبنك»، جين فولي، إن «آراء المستثمرين بشأن اليورو أصبحت أكثر تشابهاً مع ما هو عليه السوق في الجنيه الاسترليني»، حيث يتطلع التجار إلى ما وراء ارتفاعات الأسعار المتوقعة ويركزون بدلاً من ذلك على النظرة القاتمة لمنطقة اليورو والمملكة المتحدة.

وأشارت إلى أن «الخوف من السوق هو أن الأمر لا يتعلق بشتاء واحد صعب، فقد يستمر هذا فعلياً لمدة عامين على الأقل، ولا يمكن أن يحصل اليورو على أي اتجاه صعودي على الرغم من حقيقة أن السوق يتوقع هذه الارتفاعات في أسعار الفائدة».