انخفض سعر اليورو إلى ما دون عتبة 1.02 دولار الأربعاء مسجلاً أدنى مستوى له منذ عام 2002، فما التداعيات الملموسة لهذا التراجع في قيمة العملة الأوروبية على التضخم والقدرة الشرائية للعائلات؟
على أرض الواقع يتم تحرير فواتير نحو نصف المنتجات الواردة إلى منطقة اليورو بالدولار مقابل أقل من 40% باليورو، حسب بيانات مكتب الإحصاءات الأوروبي «يوروستات».
ويتعلق ذلك على سبيل المثال بالعديد من المواد الأولية، مثل النفط والغاز، والتي ارتفعت أسعارها بالفعل في الأشهر الأخيرة على خلفية الحرب في أوكرانيا.
لكن ستكون هناك حاجة لمزيد من اليورو لشراء السلع المستوردة بالدولار،
السياحة العالمية
وأوضحت الأستاذة في جامعة «سيانس بو» في باريسإيزابيل ميجان، أن المنتجات المستوردة تفقد قدرتها التنافسية، وستواجه منافسة كونها باتت أكثر كلفة، ما يسهم في تسريع التضخم ويهدد القدرة الشرائية للعائلات.
وأشارت إلى أن انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار سيعطل السياحة الأوروبية بشكل واضح، وخاصة في الولايات المتحدة.
وقال الخبير الاقتصادي في مصرف «بي إن بي باريبا» وليام دو فيجلدر، «بما أن السياح يحتاجون إلى المزيد من اليورو لتسديد نفس المبلغ بالدولار، سترتفع فاتورة إقامتهم في الولايات المتحدة، وكذلك في البلدان التي ربطت عملتها بالدولار».
وفي المقابل، يستفيد السياح الأمريكيون وكذلك القطريون والأردنيون على سبيل المثال من تبديل العملة، حين إقامتهم في منطقة اليورو، إذ يمكنهم أن يستهلكوا أكثر بنفس المبلغ من الدولارات.
اليورو والشركات
وبالنسبة للشركات، يتفاوت تأثير انخفاض اليورو حسب اعتماد الشركات على التجارة الخارجية والطاقة.
يرى مدير الدراسات في مصرف «Bpifrance» العام فيليب موتريسي، أن التكاليف سترتفع بشكل حاد بالنسبة للشركات التي تعتمد على المواد الخام والطاقة والتي تصدر القليل مثل الحرفيين.
وتابع «الرابح الأكبر من انخفاض اليورو هو الصناعة التحويلية التي تصدر منتجاتها إلى الخارج، وخاصة صناعة الطائرات والسيارات والسلع الفاخرة والكيميائية».
وأشار موتريسي إلى أن الشركات الكبرى مهيئة بشكل أفضل لتلقي الصدمات لأنها تتمتع بآلية حمائية تسمح بتخفيف حدة تقلب أسعار العملات.
وأوضح أنهم يشترون العملات مسبقاً بسعر مغرٍ يحمي من تقلبات أسعار الصرف.
اليورو والديون
من الناحية النظرية، يجعل انخفاض قيمة اليورو الأسعار أكثر قدرة على المنافسة خارج منطقة اليورو، وبالتالي يحفز تصدير السلع والخدمات الأوروبية إلى الخارج.
وقد يخفف ذلك من نتائج تنامي ارتفاع أسعار المنتجات على خلفية الحرب في أوكرانيا، لا سيما في البلدان التي يعتمد اقتصادها على الصادرات مثل ألمانيا.
بالنسبة لسداد ديون الدول الأوروبية، فإن التأثير يبدو أقل وضوحاً.
ترى ميجان أن المزيد من النمو من شأنه أن يسهل سداد الديون، شريطة أن تعتبر الأسواق الديون الأوروبية آمنة بما فيه الكفاية، وأن تظل أسعار الفائدة منخفضة.
ولكن بالنسبة للدول التي أصدرت سندات بالدولار، فإن انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار يزيد من كلفة السداد.
وقد يؤدي انخفاض قيمة اليورو، مع تسارع التضخم، إلى تشجيع البنك المركزي الأوروبي على رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع، وهو يستعد لرفعها في يوليو، في سابقة منذ 11 عاماً.
وأوضح وليام دو فيجلدر أن التحدي المتمثل في استعادة السيطرة على التضخم يصبح أكبر لأن أسعار الواردات تزداد بسبب ارتفاع سعر الصرف.
واعتبر مصرف فرنسا المركزي في نهاية مايو أن ضعف اليورو قد يعرقل جهود البنك المركزي الأوروبي في السيطرة على التضخم.